هجمات جديدة لبوكو حرام تخلف 30 قتيلاً في نيجيريا

الاعتداءات تسلط الضوء على التهديد الكبير الذي لا يزال يمثله المتشددون في البلاد

هجمات جديدة لبوكو حرام تخلف 30 قتيلاً في نيجيريا
TT

هجمات جديدة لبوكو حرام تخلف 30 قتيلاً في نيجيريا

هجمات جديدة لبوكو حرام تخلف 30 قتيلاً في نيجيريا

قتل نحو 30 مواطنًا كينيًا، أمس، في هجمات نفذتها جماعة بوكو حرام داخل ثلاث قرى بشمال شرقي نيجيريا، حسبما أكد مسؤولون محليون وبعض السكان.
ووقعت الهجمات الثلاثة المتزامنة، مساء أول من أمس، كما وقعت هجمات أخرى أمس، وكان أكثرها دموية في قرية نغامدو التي قتل فيها نحو 20 شخصًا، بحسب النائب محمد ساندو، الذي قال لوكالة الصحافة الفرنسية: «لقد أقام مسلحو بوكو حرام حاجزًا، أمس، على الطريق السريع بين داماتورو وميديغوري على مشارف نغامدو، وهاجموا السائقين، وقتلوا أكثر من 20 شخصًا».
وأضاف النائب: «بعد ذلك انتقلوا إلى نغامدو، وبدأوا في إضرام النار في المنازل. كما أحرقوا خلال الأسبوع الماضي نصف القرية تقريبًا في غارة مشابهة».
من جهته، قال هارونا كابيل وهو سائق حافلة، إن «أعدادًا كبيرة من سكان نغامدو فروا من منازلهم عقب الهجوم.. وبعض المنازل في نغامدو كانت لا تزال مشتعلة عندما مررت بها»، وأضاف موضحًا: «علمت من بعض الركاب الذين نقلتهم من نغامدو أن بوكو حرام أغارت على القرية مساء، وبدأت في إحراق المنازل بعد أن هاجمت السائقين على الطريق السريع. والكثير من الأشخاص قتلوا على الطريق السريع على أيدي المهاجمين».
وقريبًا من باغا، الواقعة شمال شرقي نغامدو، هاجم عناصر بوكو حرام السكان الذين قرروا العودة إلى منازلهم من ميديغوري، حيث كانوا يعيشون حياة التشرد منذ يناير (كانون الثاني) الماضي.
من جهته، قال أبو بكر غاماندي، رئيس اتحاد الصيادين في ولاية بورنو، إنه «عند وصولهم إلى قرية غارين جيوا التي تبعد بأربعة كيلومترات فقط عن باغا، وقعوا في كمين لمسلحي بوكو حرام الذين فتحوا النار على الشاحنة، وأجبروا الرجال داخلها على الفرار في الغابة»، مضيفًا أن «المسلحين أسروا ثمانية من الركاب وقتلوهم بإطلاق النار على رؤوسهم».
وفي داماساك على الحدود مع النيجر أضرم مسلحو بوكو حرام النار في البلدة، وفتحوا النار على كل شخص كانوا يشاهدونه، بحسب الشاهد بوبا أري الذي تابع: «نحن نبحث عن جثث في المنطقة المحترقة. وحتى الآن عثرنا على خمس جثث».
وتسلط هذه الهجمات الضوء على التهديد الذي لا يزال يمثله المتشددون، رغم تعهدات السلطات بالقضاء على تمرد بوكو حرام، خاصة مع إنشاء قوة إقليمية جديدة من المقرر نشرها في نهاية الشهر الحالي.
وبمساعدة قوات من المنطقة تمكنت نيجيريا من إخراج المتشددين من معظم الأراضي التي اجتاحتها في عام 2014. وفي نهاية أبريل (نيسان) الماضي، بدأ الجيش النيجيري هجومًا بريًا على غابة سامبيسا بولاية بورنو، حيث تم تضييق الخناق على الجماعة المتشددة.
ولكن على الرغم من تدمير الكثير من المعسكرات، وإنقاذ نحو ألف شخص من الأسر في الغابة، فإن المتشددين تفرقوا، كما توقع عدد من الدبلوماسيين ومحللي الشؤون الأمنية، ولجأوا إلى أساليب حرب العصابات التي كانوا يتبعونها فيما سبق، وشنوا هجمات على أهداف سهلة.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.