قوات النظام تبدأ بتطويق تدمر لتأمين خطوط الغاز وحماية مناطق النفط

المدينة التاريخية تختبر 3 موجات نزوح.. وكثافة الغارات تجدد الهجرة منها

قوات النظام تبدأ بتطويق تدمر لتأمين خطوط الغاز وحماية مناطق النفط
TT

قوات النظام تبدأ بتطويق تدمر لتأمين خطوط الغاز وحماية مناطق النفط

قوات النظام تبدأ بتطويق تدمر لتأمين خطوط الغاز وحماية مناطق النفط

واصلت القوات الحكومية السورية، تنفيذ خطتها العسكرية لإحكام الطوق على مدينة تدمر، واسترجاعها، بعد شهرين على سيطرة تنظيم داعش على المدينة التاريخية، ما دفع التنظيم المتشدد لشن هجمات على مطار «التيفور» العسكري بريف حمص الشرقي، في محاولة لتخفيف الضغط العسكري عن تدمر.
وتكثفت الغارات الجوية السورية على مدينة تدمر، ما رفع من حركة نزوح المدنيين من المدينة، كما أفاد ناشطون. وقال الناشط عيسى التدمري لـ«الشرق الأوسط»، إن الأيام الأخيرة «شهدت نزوح 200 عائلة من داخل المدينة عبر الصحراء باتجاه بادية الرقة (شمال شرق)، سعيا للوصول إلى ريف إدلب (غرب)».
والمدينة، اختبرت موجات النزوح ثلاث مرات منذ بدء الأزمة السورية، كما يقول عضو الائتلاف الوطني السوري عبد الإله فهد لـ«الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى أن هذه المدينة التاريخية، ارتفع عدد سكانها إلى نحو 25 ألف مدني بعد نزوح سكان من مدينة حمص باتجاهها، ما رفع عدد السكان في العام 2012 إلى 100 ألف نسمة تقريبًا.
غير أن هذه الأرقام، بدأت بالتراجع في 6 فبراير (شباط) 2013. بعد تفجير فرع مخابرات البادية في المدينة، كما يقول فهد، مشيرًا إلى أن ذلك الحدث الأمني «شكل أول عملية نزوح من المدينة إلى خارجها، عندما نزح 10 آلاف نسمة منها».
أما موجة النزوح الثانية، فبدأت بعد دخول تنظيم داعش إلى تدمر في 19 مايو (أيار) 2015، حيث نزح قرابة 10 آلاف نسمة أخرى، فيما بدأت موجة النزوح الثالثة في 28 من الشهر نفسه، بعد إطلاق قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد حملة قصف للمدينة، وبشكل يومي.
وتشير الدراسة التي أعدها فهد، إلى تقديرات بأن عدد النازحين باتجاه الرقة بلغ 20 ألف نسمة، و12 ألفا آخرين اتجهوا إلى دمشق، فيما وصل الشمال السوري قرابة 5000 نازح. هذا، ويتوزع النازحون الآن في قرى الوادي الأحمر والطيبة بريف تدمر. وأشار فهد إلى أن عدد القتلى المدنيين من تدمر، يقدر حتى الآن بأكثر من 38 شخصًا، فيما ارتفع عدد الجرحى إلى 400 شخص، ومعظمهم في مشافي الرقة. وقال: إن الدمار طال منازل المدنيين ودور العبادة، بنحو 6 في المائة، بينما اختلطت الطبيعة الديموغرافية للمدينة، بعد اختلاط النازحين بالسكان من أهل المدينة.
وفي ظل العمليات العسكرية، وتداعياتها الاجتماعية على تدمر، يقول ناشطون ومعارضون لـ«الشرق الأوسط» إن إمكانيات «داعش» للاحتفاظ بالمدينة، تتضاءل. وبينما أشار عيسى التدمري إلى حشود عسكرية لقوات النظام، وصلت إلى نقاط تبعد عن تدمر نحو 10 كيلومترات، حيث ثبتت مرابض المدفعية ومنصات الصواريخ، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، بأن خطط قوات النظام «تقضي بتطويق المدينة على شكل دائرة، والاقتراب منها شيئا شيئا باتجاه استعادة السيطرة عليها». وقال: إن النظام اليوم «يسيطر على جنوب غربي المدينة، وشمال غربي المدينة، وغربها، ويبعد مسافة 5 كيلومترات عن تدمر»، مشيرًا أيضًا إلى أن حركة النزوح تتضاعف «بسبب القصف اليومي والعمليات العسكرية التي ينفذها الطرفان على أطراف المدينة، والغارات الجوية على الأحياء وخطوط الإمداد».
وقال عبد الرحمن إن قوات النظام «تستفيد من الموقع الجغرافي للمدينة، والطبيعة الصحراوية المكشوفة، بهدف شن عمليات قد تكون سهلة لاستعادة السيطرة على المدينة». كما أشار إلى أن «ما يسهل العمليات، هو اعتماد تنظيم داعش على عناصر محليين لا يتمتعون بخبرة كبيرة في القتال، بعد سحب المقاتلين المهاجرين من داخل المدينة إلى جبهات أخرى». وأشار إلى أن النظام «يسعى للسيطرة على المدينة، بهدف التوسع منها إلى المنطقة الصحراوية، وتأمين خطوط الغاز وحماية مناطق النفط، نظرًا إلى أن سيطرة داعش على حقل الشاعر للغاز، من شأنها أن تقطع الكهرباء عن دمشق وحمص وقسم كبير من مناطق سيطرة النظام».
وكان التنظيم استهدف المحطة الرابعة ومفرق حقل جحار للغاز بريف حمص الشرقي، أخيرا، بسيارتين مفخّختين أسفرتا عن مقتل تسعة جنود نظاميين وجرح العشرات.
وفي ظل تلك العمليات، شن تنظيم داعش، عملية ضد مطار «التيفور» الذي يعد أكبر المطارات العسكرية السورية في البادية، حيث أفاد «المرصد السوري» بأن عناصر التنظيم استهدفوا بعدة صواريخ منطقة مطار التيفور ومحيطها بريف حمص الشرقي.
في السياق نفسه، أفاد «مكتب أخبار سوريا» بأن الجيش النظامي واصل تقدّمه بمحيط مدينة تدمر، حيث سيطر على تلة المقالع شمال غربي المدينة ليقترب من مثلث تدمر، وذلك بعد اشتباكات مع عناصر التنظيم سقط خلالها قتلى وجرحى من الطرفين. وقال الناشط الإعلامي المعارض، عبد الغفار الحمصي، إن الطيران الحربي ساند القوات النظامية بقصف مناطق الاشتباك ومدينة تدمر «بكثافة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.