لبنان غير معني بالاتفاق النووي الإيراني.. وأزماته معلّقة بانتظار «حلحلة إقليمية»

وزير الإعلام لـ«الشرق الأوسط»: نتطلع لأن يفك الاتفاق أسر رئاسة الجمهورية

لبنان غير معني بالاتفاق النووي الإيراني.. وأزماته معلّقة بانتظار «حلحلة إقليمية»
TT

لبنان غير معني بالاتفاق النووي الإيراني.. وأزماته معلّقة بانتظار «حلحلة إقليمية»

لبنان غير معني بالاتفاق النووي الإيراني.. وأزماته معلّقة بانتظار «حلحلة إقليمية»

لا يعوّل المراقبون في الداخل اللبناني كثيرا على تداعيات الاتفاق النووي الإيراني على الملفات اللبنانية المعلّقة وأبرزها رئاسة الجمهورية، إذ يربطون أي حلول مرتقبة بتطور الأوضاع الإقليمية وبالتحديد المنحى الذي ستتخذه العلاقة بين المملكة العربية السعودية وإيران.
وتوالت يوم أمس الثلاثاء ردود الفعل اللبنانية على توقيع الاتفاق بين طهران والدول الكبرى، فبينما شدّد رئيس المجلس النيابي نبيه بري على أن «ما بعد هذا الاتفاق لن يكون كما قبله»، اعتبر رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون أنّه «خطوة واعدة نحو السلام في الشرق الأوسط». وكتب رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان على صفحته على موقع «تويتر»: «الاتفاق النووي أسهل من الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية. معقول!».
أما وزير الخارجية جبران باسيل فاعتبر أن «نتيجة الاتفاق حول الملف النووي الإيراني أتت إيجابية كما توقعناها على أمل أن تكون نتائجها الإيجابية في الحرب على الإرهاب». وتمنى رئيس تيار المردة سليمان فرنجية أن يكون «للاتفاق الأميركي - الإيراني وما يحيط به من جوّ دولي داعم انعكاسات إيجابية على لبنان والمنطقة أمنيًا واقتصاديًا».
ورجّح وزير الخارجية الإيطالي باولو جانتيلوني الذي يزور لبنان أن يكون للاتفاق مع طهران انعكاسات إيجابية على المنطقة والداخل اللبناني، مشيرا إلى «الإيجابية التي يحملها الاتفاق النووي الإيراني على لبنان ودول المنطقة، ومكافحة الإرهاب ولا سيما تنظيم داعش وتهديداته في المنطقة». واستبعد وزير الإعلام رمزي جريج أن يكون الاتفاق أعطى «الضوء الأخضر لإيران لزيادة نفوذها في المنطقة العربية، خصوصا أن لواشنطن حلفاء ليست بصدد نسف علاقتها بهم»، معربا عن أمله بأن «ينعكس التقارب الأميركي - الإيراني إيجابيا على ملف رئاسة الجمهورية، فلا يبقى حزب الله ممانعا لانتخاب رئيس من خلال الاستمرار بتعطيل نصاب جلسات الانتخاب». وأضاف: «السؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه لجهة ما إذا كان هذا الاتفاق سيزيد من تأثير حزب الله في الداخل اللبناني والمنطقة أو سيقلص منه». واستغرب سفير لبنان السابق في واشنطن عبد الله بو حبيب ربط الفرقاء في الداخل اللبناني الملفات المحلية بالاتفاق النووي، مشددا على أن «مشكلة لبنان مشكلة إقليمية وليست دولية وهي مرتبطة كليا بالعلاقة ما بين السعودية وإيران».
ورجّح بو حبيب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن يكون للاتفاق في المدى القصير «انعكاسات غير مواتية على المنطقة، باعتبار أننا قد نلحظ زيادة في التشنج أكثر من الانفتاح والمرونة بالتعاطي بين الدول الإقليمية»، وقال: «الهوة أصلا تتسع بين هؤلاء الفرقاء أكثر مما تضيق وما نعوّل عليه هو عدم اهتزاز الستاتيكو القائم في لبنان».
واعتبر المدير التنفيذي لمؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري «إينجما» رياض قهوجي أن كل التوقعات التي تتحدث عن انعكاس توقيع الاتفاق النووي على لبنان «مبالغ فيها»، لافتا إلى أن للاتفاق حيثيات أخرى لا تتعلق بالوضع في لبنان.
ورأى قهوجي أن «للبنان وضعا خاصا مرتبطا كليا بالعلاقات السعودية - الإيرانية وليس بتلك الأميركية - الإيرانية»، وقال: «نحن هنا نتطرق إلى سياسة طهران في المنطقة وتصدي الدول العربية لها، وحتى الساعة لا يمكن الحديث عن أي مؤشرات إيجابية لتغيير في هذه السياسة».
وأضاف قهوجي: «واشنطن تدرك تماما أن استمرار المواجهة المذهبية في المنطقة وإبقاء القوى المتشددة بمراكز القرار يؤثر سلبا على إمكانية تطبيق الاتفاق النووي، من هنا قد نشهد تغييرات في هذا المجال، لكن المؤكد أن ذلك لن يتم سريعا».
أما رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن فتوقع أن «تنسحب مفاعيل الاتفاق الإيراني - الأميركي إيجابا على لبنان، وهو ما كان استشفه وأكده رئيس المجلس النيابي نبيه بري». ورجّح الخازن في بيان أن «يكون حل الأزمة اللبنانية الراهنة بندا أول في جدول أعمال المرحلة المقبلة التي ستكون محكومة بسقف التفاهم الدولي الجديد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.