أوروبا تغازل أطفال مصر بـ«وجبة المدارس» لمكافحة التسرب من التعليم

منحة 60 مليون يورو تضع 100 ألف طفل في بؤرة الاهتمام بمشاركة برنامج الأغذية العالمي

جيمس موران سفير الاتحاد الأوروبي لدى مصر ولبنى ألمان المديرة القطرية لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في مصر خلال زيارة ميدانية بمحافظة بني سويف جنوب العاصمة («الشرق الأوسط»)
جيمس موران سفير الاتحاد الأوروبي لدى مصر ولبنى ألمان المديرة القطرية لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في مصر خلال زيارة ميدانية بمحافظة بني سويف جنوب العاصمة («الشرق الأوسط»)
TT

أوروبا تغازل أطفال مصر بـ«وجبة المدارس» لمكافحة التسرب من التعليم

جيمس موران سفير الاتحاد الأوروبي لدى مصر ولبنى ألمان المديرة القطرية لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في مصر خلال زيارة ميدانية بمحافظة بني سويف جنوب العاصمة («الشرق الأوسط»)
جيمس موران سفير الاتحاد الأوروبي لدى مصر ولبنى ألمان المديرة القطرية لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في مصر خلال زيارة ميدانية بمحافظة بني سويف جنوب العاصمة («الشرق الأوسط»)

في إطار نظرة طموحة تهدف إلى المساعدة في القضاء على عمالة الأطفال في مصر من خلال تعزيز فرص الحصول على التعليم، خاصة بالنسبة للفتيات، يولي الاتحاد الأوروبي اهتماما بالغا بمشروع مشترك مع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة لتنفيذ تلك الخطوة، وهو الأمر الذي خصص له الاتحاد الأوروبي تمويلا من خلال منحة سخية يبلغ قدرها 60 مليون يورو.
ويتجاوز عدد الأطفال المتسربين من التعليم في مصر بحسب خبراء ورجال تعليم حكوميين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» نحو مليوني طفل، يعمل غالبيتهم في أعمال ومهن مختلفة رغم أن القوانين المصرية تحرم ذلك.. في وقت تؤكد فيه إحصائيات تابعة للجهاز المركزي للمحاسبات في مصر مطلع العام الجاري أن نسبة أطفال مصر في الفئة العمرية أقل من 18 عاما، تبلغ 36 في المائة من إجمالي عدد السكان الكلي، أي نحو 21.5 مليون شخص، 18.7 في المائة من الذكور، و17.4 في المائة من الإناث.
وفي تصريح في نهاية عام 2013. أكد وزير التعليم المصري السابق الدكتور محمود أبو النصر ذلك العدد، موضحا أن الوزارة تعمل على عدد من المشروعات لمساعدة هؤلاء الأطفال على إكمال تعليمهم أو تدريبهم على حرفة تساعدهم على الحياة. كما شدد على أن «هؤلاء الأطفال يمكن أن يكونوا سببا في نهضة مصر أو سببا في نكستها وتدميرها»، داعيا إلى دعم الحكومة في جهودها في هذا الموضوع، وسعي جميع الأطراف الحكومية أو منظمات المجتمع المدني أو الجمعيات الأهلية لإنقاذ هؤلاء الأطفال من «الضياع».
وقام سفير الاتحاد الأوروبي، والمدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في مصر بأول زيارة ميدانية الشهر الماضي إلى محافظة بني سويف جنوب العاصمة المصرية، لمتابعة خطوات من مشروعهما المشترك.
ويشجع مشروع التغذية المدرسية 100 ألف طفل كانوا يعملون في السابق، أو معرضين لخطر الدخول في سوق العمل، على الالتحاق بالمدارس المجتمعية، وهي مدارس غير رسمية منشأة في المناطق النائية، من خلال تزويدهم بوجبات خفيفة مغذية يوميًا، وكذلك حصص تموينية منزلية شهرية لأسرهم.
وعلى هامش المشروع، يقول السفير جيمس موران، رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في مصر إن «الاتحاد الأوروبي يساهم من خلال تمويل هذا البرنامج بمنحة قدرها 60 مليون يورو، في الجهود الجارية لمعالجة بعض أهم القضايا التي تؤثر على الأطفال الأكثر فقرًا في مصر، وهي نقص التغذية، والحصول على تعليم جيد، وعمالة الأطفال»، مضيفا: «نحن فخورون بأن نساهم في مساعدة 100 ألف طفل، وبخاصة الفتيات، على مواصلة تعليمهم والحفاظ على حقوقهم».
وخلال زيارة إلى مدرسة مجتمعية في بني سويف، على بعد 150 كيلومترًا جنوب العاصمة القاهرة، زار الوفد أربعة من بين 651 مدرسة يدعمها الاتحاد الأوروبي في المحافظة. ويقوم برنامج الأغذية العالمي بتنفيذ مشروع مدته أربع سنوات في 16 من المحافظات الأكثر حرمانًا في مصر.
وحول الزيارة، قالت لبنى ألمان، مدير برنامج الأغذية العالمي والممثل القطري في مصر: «اليوم التقينا بعض الأطفال الرائعين الذين يتوقون إلى تغيير حياتهم للأفضل»، متابعة أن «البرنامج يأمل من خلال شراكات من هذا القبيل، في تحويل حلم الطفل البسيط إلى حقيقة. بفضل منح سخية مثل هذه المنحة من الاتحاد الأوروبي، يمكننا العمل كل يوم في المجتمعات الأكثر ضعفًا في مصر».
ويهدف مشروع «تعزيز إتاحة الفرص التعليمية للأطفال ومكافحة عمالة الأطفال في مصر» إلى تقديم حوافز للأسر لإرسال أطفالهم إلى المدرسة وبقائهم فيها، وخاصة الفتيات، بدلاً من إرسالهم للعمل لإعالة أسرهم.
وبحسب مسؤولين من الاتحاد الأوروبي، سوف يتلقى نحو 400 ألف فرد من أفراد أسر الأطفال الذين يحافظون على نسبة حضور 80 في المائة، حصة غذائية شهرية يأخذونها إلى المنزل، تتكون من 10 كيلوغرامات من الأرز ولتر واحد من الزيت. وتعادل قيمة الحصة الغذائية المنزلية الأجر الذي كان سيحصل عليه الطفل من العمل، وهو الهدف من المشروع لرفع الضغوط عن الأطفال والأسر التي تدفعهم مبكرا إلى سوق العمل والتسرب من الحقل التعليمي.
وتزود الوجبة الخفيفة اليومية التي يحصل عليها الأطفال في المدرسة، والتي تتكون من بسكويت التمر المعزز بالفيتامينات والمعادن، بـ25 في المائة من احتياجاتهم الغذائية اليومية. وبالنسبة لبعض الأطفال، تكون هذه الوجبة السريعة في المدرسة عادة هي أول ما يأكله الأطفال في اليوم، ومن ثم تساعدهم على التركيز في دروسهم.
وبحسب دراسات محلية ودولية، فإن جانبا كبيرا من أطفال المدارس في مصر يعانون من سوء التغذية بشكل أو بآخر، سواء بسبب نقص الموارد، أو عدم الاهتمام الكافي بالكم الغذائي، أو التغذية الخاطئة بالأغذية السريعة أو المحفوظة مثل رقائق البطاطس والمشروبات الغازية، والتي تتسبب في إفساد بنية الطفل الصحية، ولاحقا تؤدي إلى انخفاض مستوى قوة العمل العام في الدولة. وسعيًا نحو حلول مستدامة، سوف يوفر المشروع المشترك التدريب إلى 50 ألف أم على الأنشطة المدرة للدخل، لمساعدتهن على إعالة أسرهن بدلاً من إرسال أطفالهن إلى العمل.
ويذكر أن برنامج الأغذية العالمي هو أكبر منظمة إنسانية في العالم لمكافحة الجوع. ويقوم البرنامج بتقديم المساعدات الغذائية في حالات الطوارئ ويعمل مع المجتمعات لتحسين التغذية وبناء قدرتها على الصمود. وسنويا، يساعد البرنامج نحو 80 مليون شخص في نحو 75 بلدًا.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.