وكالات الإغاثة تستعد لإيصال المساعدات في اليمن

برنامج الغذاء العالمي: وقف النار يساعدنا في الوصول إلى المناطق المنكوبة

مقاتلون حوثيون على متن شاحنة في صنعاء أمس (رويترز)
مقاتلون حوثيون على متن شاحنة في صنعاء أمس (رويترز)
TT

وكالات الإغاثة تستعد لإيصال المساعدات في اليمن

مقاتلون حوثيون على متن شاحنة في صنعاء أمس (رويترز)
مقاتلون حوثيون على متن شاحنة في صنعاء أمس (رويترز)

بدأت وكالات الإغاثة أمس استعداداتها للبدء بإيصال المساعدات التي يحتاج إليها ملايين اليمنيين المهددين بالمجاعة، مع دخول الهدنة الإنسانية منتصف ليل أمس. وقالت المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي عبير عطيفة إن الهدنة هي «أملنا الأخير» للوصول إلى المناطق التي تحتاج إلى مساعدة. وأضافت أن سفينتين تحملان المواد الغذائية والوقود تنتظران الرسو قبالة سواحل مدينة عدن الجنوبية.
وأعلنت الأمم المتحدة عن «هدنة إنسانية غير مشروطة» في اليمن بدءا من منتصف ليل أمس حتى نهاية شهر رمضان، ولكن قبل ساعات من هذا الموعد، تواصلت الاشتباكات وعمليات القصف في الكثير من المدن اليمنية.
وأعلنت الهدنة بعد مشاورات أجراها المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد مع الحكومة الشرعية من جهة وحركة أنصار الله الحوثية وحزب المؤتمر الشعبي العام ومكونات سياسية أخرى في صنعاء. وتأتي هذه الهدنة بعد أكثر من أسبوع على إعلان الأمم المتحدة أن اليمن في الدرجة الثالثة من حالة الطوارئ الإنسانية، وهي الأعلى، حيث يواجه نحو نصف البلاد أزمة غذائية. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك «من الضروري والملح أن تصل المساعدة الإنسانية إلى جميع الأشخاص المستضعفين في اليمن من دون عوائق ومن طريق هدنة إنسانية».
ووكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة مستعدة لتوسيع نطاق عملياتها خلال الهدنة، رغم أن الاستجابة إلى الاحتياجات التي تبلغ 1.6 مليار دولار كانت بطيئة وضئيلة، إذ وصل 13 في المائة فقط من المبلغ حتى الآن.
وبحسب الأمم المتحدة بات أكثر من 21.1 مليون يمني بحاجة إلى مساعدة إنسانية أي 80 في المائة من السكان، فيما يعاني 13 مليونا من نقص غذائي و9.4 مليون من شح المياه. وبحسب الأمم المتحدة، فإن النزاع في اليمن أدى إلى مقتل أكثر من 3200 شخص، نحو نصفهم من المدنيين، منذ أواخر مارس (آذار) الماضي.
وتعد هذه الهدنة الثانية، منذ بدأ التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في 26 مارس الماضي غارات جوية ضد مواقع للحوثيين وحلفائهم الذين سيطروا على مناطق واسعة من اليمن، من بينها العاصمة صنعاء. وكانت هدنة سابقة في منتصف مايو (أيار) الماضي استمرت خمسة أيام سمحت بوصول المساعدات إلى المدنيين المحاصرين جراء المعارك، لكن جهود الأمم المتحدة لإطالة أمدها فشلت.
وعبر محمد الجحيفي، أحد سكان صنعاء، عن خوفه من نهاية الهدنة المقبلة. وقال الجحيفي «لا نريد هدنة من خمسة أيام أو عشرة أيام نظل نحتسب ساعاتها ودقائقها. نريد حلا جذريا للأزمة اليمنية».
من جهتها، قالت منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة في بيان أمس إنها تسعى لرفع مستوى عملياتها في اليمن «لإنقاذ أرواح ملايين الأطفال العالقين في الأزمة الحالية». وقال جوليان هارنيس، ممثل اليونيسيف في اليمن: «تواجه طواقمنا المتجولة ظروفا في غاية الخطورة، حيث يخاطرون بأرواحهم للوصول إلى الأطفال والنساء حيثما وجدوا. فإن لم يقوموا بذلك سيموت المزيد من الأطفال بسبب سوء التغذية والأمراض التي يمكن الحيلولة دونها».
ومنذ بدء عمليات التحالف العربي ضد الحوثيين في مارس الماضي، لقحت فرق الصحة الجوالة التابعة لليونيسيف نحو 40 ألف طفل ضد الحصبة وشلل الأطفال، وقدمت الدعم لنحو 10 آلاف امرأة حامل لضمان حمل آمن وولادة سليمة، وتمت معالجة 16 ألف طفل من سوء التغذية الحاد، حسبما جاء في البيان. يقوم على هذا العمل 40 فريقا صحيا متجولا تدعمها اليونيسيف (مقارنة مع 16 فريقا في مارس الماضي) تم نشرها في البلاد للوصول إلى النازحين.
وقال البيان إن منظمة اليونيسيف، قامت، في مدينة عدن التي تشهد قتالاً عنيفًا بين الموالين للشرعية والمتمردين: «بتجهيز سيارات إسعاف للطوارئ، إضافة إلى خدمات فحص ونقل الدم في الأسابيع الأولى من النزاع لضمان تلقي الأطفال المصابين العلاج الفوري». ويدعم فريق اليونيسيف في عدن حاليًا «حملة تلقيح كجزء من جهود وطنية تهدف لتلقيح نحو مليون طفل دون سن الواحدة ضد الحصبة وشلل الأطفال والأمراض الأخرى التي يمكن تجنبها باستخدام اللقاحات».
وقالت الدكتورة جميلة هبة الله، مسؤولة التغذية والصحة في اليونيسيف بعدن: «رغم انعدام الأمن، نستغل كل فرصة لضمان توصيل خدمات الرعاية الصحية للأطفال، خاصة اللقاحات، وذلك من أجل حمايتهم في وقت يتهاوى فيه النظام الصحي». وأوضحت أن الفرق الجوالة استخدمت جميع المواقع المتاحة لهم، بما فيها المساجد والأماكن العامة الأخرى، لتوصيل هذه الخدمات.
يلقي الوضع المتدهور في اليمن بثقله على صحة الأطفال، حيث يتعرض أكثر من 2.5 مليون طفل لخطر أمراض الإسهال، ويتعرض 1.5 مليون آخرون لسوء التغذية الحاد، كما يواجه أكثر من 1.3 مليون طفل خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الحادة، وهناك 2.6 مليون طفل دون سن الخامسة غير محصنين ضد الحصبة، وفق أرقام اليونيسيف. وللاستمرار في رفع مستوى الخدمات العلاجية والوقائية في اليمن ختم البيان أن منظمة اليونيسيف تحتاج إلى 34 مليون دولار للبرامج الصحية و41.5 مليون دولار لدعم تغذية الأطفال الأكثر هشاشة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.