هجوم معاكس على «داعش» في تدمر.. والتنظيم يتراجع في الحسكة والرقة

المعارضة تفجر مبنى تحصنت فيه قوات نظامية بدمشق

كثّفت الطائرات المروحية التابعة للجيش النظامي أمس قصفها بالحاويات المتفجرة للتجمّعات السكنية في مدينة درعا وبعض القرى والبلدات المحيطة (موقع مكتب أخبار سوريا)
كثّفت الطائرات المروحية التابعة للجيش النظامي أمس قصفها بالحاويات المتفجرة للتجمّعات السكنية في مدينة درعا وبعض القرى والبلدات المحيطة (موقع مكتب أخبار سوريا)
TT

هجوم معاكس على «داعش» في تدمر.. والتنظيم يتراجع في الحسكة والرقة

كثّفت الطائرات المروحية التابعة للجيش النظامي أمس قصفها بالحاويات المتفجرة للتجمّعات السكنية في مدينة درعا وبعض القرى والبلدات المحيطة (موقع مكتب أخبار سوريا)
كثّفت الطائرات المروحية التابعة للجيش النظامي أمس قصفها بالحاويات المتفجرة للتجمّعات السكنية في مدينة درعا وبعض القرى والبلدات المحيطة (موقع مكتب أخبار سوريا)

شنت القوات النظامية السورية، أمس، هجومًا معاكسًا على ريف مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي، في محاولة لتحقيق تقدم ميداني يمكنها لاحقًا من استعادة السيطرة على المدينة التاريخية الأثرية، في حين تراجع تنظيم داعش في الحسكة (شمال شرق) ومدينة عين عيسى في الرقة (شمال البلاد)، إثر استعادة القوات الكردية السيطرة عليها.
وفيما تحدثت وسائل إعلام موالية للنظام السوري، عن أن وحداتها أحرزت تقدمًا كبيرًا على جبهة تدمر بعمق 11 كلم وعرض 18 كلم، وسيطرت على تلة المرملة قرب البيارات غرب المدينة، شككت مصادر في المعارضة السورية بأهمية هذا التقدم، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التقدم «ليس استراتيجيًا».
وقالت إن الهجمات السورية «تلت عمليات قصف جوي مكثفة دفعت (داعش) إلى الانكفاء إلى قرب مدينة تدمر، فتقدمت القوات السورية، وثبتت مواقعها حول المدينة».
ولم تستبعد المصادر أن يستتبع الهجوم هجمات واسعة تمكن القوات النظامية من التقدم، واستعادة السيطرة على مدينة تدمر الأثرية. ونقلت وكالة «سانا» الرسمية السورية للأنباء، عن مصدر عسكري سوري حكومي، تأكيده «القضاء على آخر بؤر إرهابيي (داعش) في عدة نقاط ومواقع بمحيط مدينة تدمر، بالتزامن مع تدمير الطيران الحربي للكثير من آليات التنظيم المتشدد بما فيها من أسلحة وذخيرة في مناطق متفرقة من ريف حمص الشرقي».
وفي سياق متصل، نفذ سلاح الجو النظامي ضربات مكثفة استهدف تحركات وخطوط إمداد لـ«داعش» ومواقع له في المدينة، فيما قال ناشطون إن كثافة القصف أجبرت السكان المدنيين على النزوح مرة أخرى من داخل المدينة.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، أعلن «نزوح عشرات العائلات جراء تنفيذ الطيران الحربي التابع لقوات النظام أكثر من 90 غارة في 48 ساعة على الأحياء السكنية في مدينة تدمر»، الواقعة في محافظة حمص، مشيرًا إلى نزوحها باتجاه الرقة ودير الزور ومناطق أخرى تحت سيطرة التنظيم في البادية السورية.
وانسحب تراجع تنظيم داعش على أكثر من جبهة. وفيما ذكرت وكالة رويترز أن القوات الكردية أحكمت سيطرتها بالكامل على مدينة عين عيسى، بعد اختراقها الأسبوع الماضي من قبل تنظيم داعش، قالت وكالة «سانا» إن وحدات من الجيش بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي والقوى الوطنية المؤازرة، أحكمت سيطرتها الكاملة على حي الليلية في مدينة الحسكة. ويقول ناشطون إن هذا التقدم، يعيد المواجهات من داخل أحياء الحسكة إلى أطرافها.
في جنوب البلاد، كثّفت الطائرات المروحية التابعة للجيش السوري النظامي قصفها بالحاويات المتفجرة ذات القوة التدميرية الكبيرة على التجمّعات السكنية، في الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة درعا وبعض القرى والبلدات المحيطة.
ودخلت الحاويات المتفجرة ضمن أدوات القصف الجوي حديثًا إلى محافظة درعا، حيث تحمل الطائرة المروحية واحدةً منها لوزنها الثقيل، وتُرمى عشوائيًا على الأحياء السكنية لتدمّر جميع الأبنية المحيطة بها بمسافة تصل إلى 100 متر قطريًا.
وقال ناشطون إن الطيران المروحي قصف بحاويتين متفجرتين على حي طريق السد، الخاضع لسيطرة المعارضة بمدينة درعا، وأدى إلى جرح العشرات المدنيين، بينهم أطفال، بجروح متفاوتة، أُسعفوا إثرها إلى المشافي الميدانية في المدينة.
وجاء ذلك بعد ساعات قليلة من قصف الطيران المروحي بلدة نصيب، الخاضعة لسيطرة المعارضة شرق مدينة درعا، مما أدى إلى مقتل 10 مدنيين معظمهم من النازحين من مدينة درعا.
وفي دمشق وريفها، قال ناشطون إن قوات المعارضة فجرت مبنى يتحصن به عناصر قوات نظامية في حي تشرين بدمشق، مما أسفر عن مقتل من بداخله، وسط اشتباكات عنيفة. وذكر موقع «الدرر الشامية» أن «كتائب الثوار فجّرت أحد المنازل بالقرب من محور غزال في حي تشرين، بعد أن تسلل إليه عناصر لقوات الأسد، مما أدى إلى مقتلهم، أعقبه مواجهات عنيفة بين الطرفين في محاولة يائسة من قِبَل قوات الأسد للبحث عن جثث جنودها بين ركام المبنى».
وفي ‏تطوّر آخر اندلعت اشتباكات ليلية بين المعارضة وقوات الأسد في محيط بلدة زبدين على محور زبدين - بالا - حتيتة الجرش بالغوطة الشرقية، تزامنًا مع استهداف المنطقة بقذائف الهاون، وفقًا لناشطين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».