الأمم المتحدة: تحديد الجدول الزمني لتطبيق اتفاق السلام في مالي قريبًا

رئيس بعثة «مينوسما» يؤكد ضرورة إعادة نشر الجيش على كامل أراضي البلاد

الأمم المتحدة: تحديد الجدول الزمني لتطبيق اتفاق السلام في مالي قريبًا
TT

الأمم المتحدة: تحديد الجدول الزمني لتطبيق اتفاق السلام في مالي قريبًا

الأمم المتحدة: تحديد الجدول الزمني لتطبيق اتفاق السلام في مالي قريبًا

أكد رئيس بعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما) المنجي الحامدي أن لجنة المتابعة لاتفاق السلام في مالي ستحدد «في الأيام المقبلة» الجدول الزمني لتطبيق هذا الاتفاق. وكان الحامدي يتحدث في ختام اجتماع استمر يومين لهذه اللجنة التي تترأسها الجزائر، وتضم مندوبين عن الحكومة ومجموعات مسلحة موالية للحكومة، ومتمردين ماليين، والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.
وذكر عدد كبير من المشاركين، ردا على استفسارات وكالة الصحافة الفرنسية في ختام الأعمال، أن هذا اللقاء - الثاني للجنة - كان أفضل من الأول الذي عقد في يونيو (حزيران) وكان مقتضبا، إذ حصلت انشقاقات في إطار مختلف المجموعات، كما أفاد شهود.
وقال رئيس بعثة مينوسما: «في الأيام المقبلة سنسعى إلى وضع اللمسات الأخيرة على النظام الداخلي للجنة المتابعة (للاتفاق)، مباشرة بعد رمضان»، موضحا لوكالة الصحافة الفرنسية: «سنبدأ بتطبيق كامل الاتفاق بموجب الجدول الزمني الذي ستحدده لجنة المتابعة في الأيام المقبلة».
وأكدت هارونة توريه المتحدثة باسم الهيئة التي تضم المجموعات الموالية لباماكو أن لقاء يومَي الجمعة والسبت الماضيين كان «إيجابيا لأننا نحرز تقدما في المناقشات من أجل ضمان السلام لشعوبنا».
ومن جهته، قال محمد ولد عبدو من تنسيقية حركات أزواد (تحالف المجموعات المتمردة): «نحن فعلا هنا لإحراز تقدم. الأمور تسير في الاتجاه الصحيح».
وقد وقعت اتفاق السلام في 15 مايو (أيار) في باماكو، حكومة مالي والمجموعات الموالية للحكومة والوساطة الدولية، ثم المجموعات المتمردة في 20 يونيو.
ويهدف الاتفاق إلى إحلال سلام دائم في شمال مالي الذي يشهد مجموعة من حركات تمرد الطوارق منذ السنوات الأولى لاستقلال البلاد في 1960.
وتحولت هذه المنطقة الشاسعة في 2012 إلى قاعدة عمليات للمتطرفين، إلى أن حدث تدخل عسكري دولي بمبادرة من فرنسا في يناير (كانون الثاني) 2013.
وقد تبعثر المتطرفون وطرد قسم كبير منهم بعد العملية، لكن مساحات شاسعة في هذه المنطقة ما زالت خارجة عن سيطرة سلطات مالي والقوات الأجنبية التي تتعرض لهجمات دامية.
والهجمات الإرهابية التي تركزت فترة طويلة في الشمال توسعت منذ بداية السنة نحو الوسط ثم الجنوب، كما حصل أخيرا في نارا (وسط) وميسيني وفاكولا (جنوب).
ومنذ بداية انتشارها في يوليو (تموز) 2013، فقدت مينوسما التي كلفها مجلس الأمن الإشراف على تطبيق اتفاق السلام، 41 من عناصرها الذين قتلوا في هجمات (اعتداءات انتحارية وألغام ومكامن وقذائف هاون وصواريخ).
وبين الحصيلة ستة من عناصر كتيبة بوركينا فاسو قتلوا الخميس الماضي في مكمن أعلن تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب» مسؤوليته عنه.
وأكد الحامدي: «أعتقد للأسف أنه لن يكون آخر هجوم، لكننا سنبذل كل ما في وسعنا حتى نكون أكثر حذرا وتيقظا، وأكثر استعدادا من أجل خفض هذا النوع من الهجمات.. والقيام بأعمال أكثر تشددا ضد الذين يعارضون السلام». وأضاف: «ستحاول قوى سلبية كثيرة حرف عملية السلام عن مسارها».
وخلص الحامدي إلى القول: «من الضروري أن يعيد الجيش المالي انتشاره على كامل الأراضي المالية، وأن يتم إدماج مقاتلي حركات الشمال. وهذا لن يكون سهلا»، لكنه أكد أن لجنة المتابعة ستحرص على «القيام بذلك في ظروف مواتية» من أجل إحلال الأمن على كامل الأراضي ومواكبة تنفيذ البرنامج الذي ينص عليه الاتفاق.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.