تصعيد جديد في حرب اليمين الإسرائيلي على المؤسسات الثقافية والتعليمية لفلسطينيي 48

وزيرة تكشف عن سياسة مقاطعة ووزير يعين متطرفًا مسؤولاً عن تعليم العلوم السياسية

تصعيد جديد في حرب اليمين الإسرائيلي على المؤسسات الثقافية والتعليمية لفلسطينيي 48
TT

تصعيد جديد في حرب اليمين الإسرائيلي على المؤسسات الثقافية والتعليمية لفلسطينيي 48

تصعيد جديد في حرب اليمين الإسرائيلي على المؤسسات الثقافية والتعليمية لفلسطينيي 48

تصعد حكومة اليمين الإسرائيلي هجمتها على المؤسسات الثقافية العربية لفلسطينيي 48، بهدف تخويف الفنانين والمبدعين الذين ينتجون أعمالا مسرحية وفنية أخرى تتناول القضايا العربية الوطنية. ويقود هذه الحملة كل من وزير التعليم، وهو نفتالي بنيت رئيس حزب المستوطنين، ووزيرة الثقافة والعلوم، ميري ريغف، وهي من حزب الليكود.
وبسبب الأزمة التي فجرتها ريغف ضد مسرح الميدان، وهو أكبر مسرح عربي في إسرائيل، استقال رئيسه الفنان عدنان طرابشة. وقد رفض طرابشة الحديث عن استقالته، لكن مقربين منه قالوا إنه يئس إلى درجة القرف من الحكومة، ومن بلدية حيفا التي يعمل المسرح تحت كنفها. وأن مسرحه دخل في أزمة مالية خانقة وعجز شديد، سيكون من الصعب عليه تحمل مسؤولية تفاقمهما إلى انهيار مالي. وقال الكاتب وليد فاهوم، رئيس الجمعية التي تدير هذا المسرح، إن حكومة اليمين الإسرائيلي تتجه إلى إحداث تغيير استراتيجي في سياستها تجاه المواطنين العرب، بغرض القضاء على موروثهم الثقافي الوطني، وتقييد حرية الإبداع، وكم أفواه الفنانين الذين يجرؤون على إنتاج أعمال فنية راقية ذات بعد وطني.
وأوضح الفاهوم بأن ريغف وجهت ضربة قاصمة لمسرح الميدان. فقد جمدت أكثر من مليون شيقل (260 ألف دولار) من دعم الوزارة له، وكذلك فعلت بلدية حيفا (التي تراجعت عن قرارها واتجهت لتحرير المبلغ المرصود للمسرح بقيمة 250 ألف دولار، إلا أنها تراجعت مرة أخرى وجمدت المبلغ من جديد). فإذا أضفنا إلى هذا، ما جرى لمسرح يافا ولتصريحات ريغف الجديدة، فإننا ندرك أنهم يتجهون نحو تصعيد خطير يحتاج منا وقفة نضالية مميزة.
وكانت ريغف قد صرحت، أمس، بأنها لن تتدخل في مضامين أي عمل فني، ولكنها لن تمنح الأموال لأي عمل فني يهاجم إسرائيل ويقوض شرعيتها، أيضا، أو يشجع العداء لها. وأوضحت أنها طلبت من موظفيها وضع قائمة بالمؤسسات الثقافية في البلاد، مع تقرير يوضح توجهها، وإلى أي مدى تلتزم بالإخلاص لإسرائيل، «فإذا وجدتُ مسرحا في إسرائيل يعادي إسرائيل فإنني لن أتدخل معه ولن أسأله. كل ما سأفعله هو أن أحجب عنه أموال الشعب. فلا يعقل أن يمول المواطنون مسرحا يمجد إرهابيين فلسطينيين»، كما قالت.
من جهته، عين وزير المعارف نفتالي بينت، رئيسا جديدا للجنة موضوع تعليم المدنيات (العلوم السياسية) في المدارس، يحمل آراء يمينية متطرفة، ولا يعتبر الفلسطينيين شعبا ذوي حقوق، ولا يرى أنهم يستحقون الحصول على دولة. وكان المدعو د. أساف ملاميد، زميلا باحثا في معهد الاستراتيجية الصهيونية ومركز شليم. وقدم في عام 2009 رسالة دكتوراه إلى جامعة بار إيلان في موضوع «الأسس الشرعية لدولة القومية اليهودية في عهد ما بعد الحداثة». كما كتب كراسا خاصا بمدرسي المدنيات في موضوع «القومية اليهودية - إسرائيل كدولة قومية وعلاقات الفرد والمجتمع». وعلى الموقع الإلكتروني الذي أنشأه ملاميد لكلية السياسة التي أسسها، نشر في عام 2006، مقالا بعنوان «ليس كل شعب يستحق دولة»، استخدم خلاله نظرية المؤرخ إريك هوسبساوم لتفسير «لماذا لا توجد حتمية أخلاقية لإقامة الدولة الفلسطينية». وكتب أن «إقامة دولة فلسطينية ستخلق خيارا ملموسا لتواصل متزمت يمتد من إيران وحتى السامرة، ويعتبر مراهنة على تقويض الاستقرار الإقليمي، ويشكل خطرا على الاستقرار العالمي». واعتبر ان «إمكانية حدوث نمو اقتصادي في دولة كهذه منخفض، ومخاطر اندلاع حرب أهلية فيها عالية جدا. وفي ظل وضع كهذا، يتقوض الحق الأخلاقي للفلسطينيين بالحصول على دولة».
ويعتبر المدنيات أحد مواضيع التعليم الإلزامية في المدارس الثانوية في إسرائيل. ومنذ تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو السابقة، جرى تغيير كتاب المدنيات مرتين، بسبب رغبة اليمين في فرض تثقيف أحادي الجانب على الطلبة.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».