فاليري آموس من أروقة الأمم المتحدة إلى رأس «سواس» اللندنية

أول امرأة من أصول أفريقية تقود الكلية: لا مكان للفصل بين الجنسين في التعليم العالي

فاليري آموس أول مديرة لكلية «سواس» من أصول أفريقية
فاليري آموس أول مديرة لكلية «سواس» من أصول أفريقية
TT

فاليري آموس من أروقة الأمم المتحدة إلى رأس «سواس» اللندنية

فاليري آموس أول مديرة لكلية «سواس» من أصول أفريقية
فاليري آموس أول مديرة لكلية «سواس» من أصول أفريقية

عينت كلية الدراسات الأفريقية والآسيوية «سواس» التابعة لجامعة لندن، منسقة الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة السابقة البارونة فاليري آموس لتكون المديرة العامة للكلية. وستقود آموس الكلية في سبتمبر (أيلول) المقبل، وستكون أول مديرة لها من أصول أفريقية.
وكشف تقرير إحصائي من معهد «وحدة التحدي والمساواة» البريطاني عن التحديات الجنسية التي تواجهها الجامعات في بريطانيا أن «70 في المائة من زعماء الأكاديمية العليا هم من الذكور، وما يقرب من 16 في المائة من هذه المجموعة هم على مستوى أستاذ».
وفي تناقض صارخ، وجد التقرير أن «2.8 في المائة من الأكاديميين الإناث هم من أصول أفريقية».
ويكسر تعيين المسؤولة الكبيرة في الأمم المتحدة والوزيرة السابقة التمييز بين الجنسين، وقالت آموس بأنه «تكريم» لها أن تكون جزءا من الكلية، وأن «سواس اللندنية مميزة في التعليم والدراسات عن منطقة آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا».
وقال رئيس مجلس الإدارة في «سواس» تيم ميلر لـ«الشرق الأوسط»: «فاليري آموس امرأة مهمة في السياسة الدولية. وتشتهر بالثقافة الهائلة والتعامل مع الشؤون المعاصرة مثل الكلية». وأضاف ميلر: «إنها تجلب تجربة رائعة في الإدارة التنفيذية والاستراتيجية لهذا الدور. ونحن نتطلع إلى يوم قدوم آموس إلى الكلية في سبتمبر المقبل».
وسيقام العام المقبل حفل بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الكلية التي تأسست في 1916 وتخرج منها الكثير من الشخصيات التي تبوأت مناصب عليا من رؤساء دول ووزراء وسفراء، بالإضافة إلى الكثير من الأسماء التي حازت على جائزة نوبل للسلام وغيرهم من الشخصيات المؤثرة في عالم الأعمال ومراكز القوى في الكثير من دول العالم.
وتتخصص كلية «سواس» في مجال اللغات والعلوم الإنسانية والاقتصاد والقانون والعلوم السياسية المرتبطة بمناطق آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط.
ويأتي ذلك بالتزامن مع وجود قلق متزايد بشأن الاعتداء الجنسي والتحرش في الجامعات البريطانية، ووعدت آموس أنها ستحاول العمل على تقليص التمييز بين الجنسين في جامعات المملكة البريطانية وصرحت بأن «الفصل بين الجنسين لا يوجد له مكان في التعليم العالي، وينبغي أن نواجه هذه التحديات».
وقامت منظمة الحقوق الطلابية البريطانية التي تعمل على مكافحة التطرف والتمييز في الجامعات البريطانية بحملة لمعالجة المشاكل المتزايدة التي تحدث نتيجة الفصل بين الجنسين يوميا في حرم الجامعات.
ويذكر أن اتحاد طلبة كلية «سواس» من بين أكثر الاتحادات الطلابية نشاطا في المملكة المتحدة، كما أن توجهاته السياسية تكون عادة يسارية.
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عن تعيين ستيفن أوبراين في منصب وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ. وسيخلف أوبريان آموس، التي أعرب الأمين العام عن بالغ امتنانه لها لما قدمته من خدمات متميزة في الأمم المتحدة والمجتمع الإنساني.
وجاء تعيين آموس بعد شهر من تعيين الأستاذة لويز ريتشاردسن كأول امرأة تشغل منصب نائبة مستشار (رئيس) جامعة أكسفورد البريطانية.
وقد تولت آموس عدة مناصب عليا في الحكومة البريطانية وكانت الرئيسة التنفيذية للجنة تكافؤ الفرص بين عامي 1989 و1994.
ويذكر أن آموس عملت سابقا وزيرة في الحكومة البريطانية وزعيمة لمجلس اللوردات، ووزيرة للدولة للتنمية الدولية في الفترة من عام 2003 حتى 2007.
كما شغلت منصب وزيرة شؤون أفريقيا في بريطانيا في الفترة من عام 2001 حتى 2003. قبل أن تعين منسقة للشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة في العام 2010.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.