اشتعال الحرب الإعلامية بين موسكو وكييف

الكرملين يعد بعدم الرد بالمثل بحق الصحافيين الأوكرانيين >حكاية اعتقال صحافية روسية اسمها «ساشا»

ألكسندرا تشيربنينا إعلامية القناة بالتلفزيون الروسي ({الشرق الأوسط})
ألكسندرا تشيربنينا إعلامية القناة بالتلفزيون الروسي ({الشرق الأوسط})
TT

اشتعال الحرب الإعلامية بين موسكو وكييف

ألكسندرا تشيربنينا إعلامية القناة بالتلفزيون الروسي ({الشرق الأوسط})
ألكسندرا تشيربنينا إعلامية القناة بالتلفزيون الروسي ({الشرق الأوسط})

ألكسندرا تشيربنينا، أو ساشا كما يحلو لزملائها ورؤسائها أن ينادوها، شابة في مقتبل العمر، حباها الله قسطا وافرا من الرقة والجمال، لم يشفع لها أمام مواجهة أهوال «مهنة المتاعب».
كانت ألكسندرا مع بعض زملائها من القناة الأولى للتلفزيون الروسي وصلت إلى كييف في مهمة تستهدف إماطة اللثام عما تحاول السلطات الرسمية الأوكرانية تقديمه إلى مواطنيها والعالم الخارجي من معلومات ترى موسكو أنها تتضمن أكبر قدر من التضليل الإعلامي يجري تقديمه في قالب مغاير للحقيقة في أعقاب اندلاع ما يعرف في العالم اليوم باسم «الأزمة الأوكرانية». ولما كانت الأحداث، ولا تزال، تتواصل سريعة حادة، حافلة بالتناقضات والمتغيرات في الكثير من جوانبها، فقد كان لا بد للمراسلة الشابة أن تجد ما يساعدها على فض مكنون ما يجري في أوكرانيا، بعيدا عن «الأخبار الجامدة» و«البيانات الرسمية» التي سئم متابعتها الملايين من المشاهدين. ولذا فقد اختارت ألكسندرا «الموضوعات الاجتماعية» و«التحقيقات الصحافية» التي سرعان ما أثارت الكثير من الجدل أحيانا، والسخط والإدانة أحيانا أخرى، حتى جاء اليوم الموعود.
لم تكن ابتعدت خطوات معدودات عن باب شقتها التي استأجرتها في أحد المساكن في أطراف العاصمة الأوكرانية حتى تقدم إليها «بصاصَان» في زي مدني يطلبان مرافقتها في هدوء ودون إثارة ضجة غير محمودة. أفهماها أنهما موظفان في جهاز الأمن الوطني الأوكراني. لم ينتظرا ردها أو موافقتها، ليزجا بها إلى سيارة كانت تقف على مقربة وجدت بها اثنين آخرين يبدوان على ذات هيئة زميليهما السابقين.
كانت ساشا على موعد مع زميلها المصور التلفزيوني لاستئناف ما سبق وبدآه من تصوير ونشاط صحافي، لإعداد تقريرهما الدوري الذي كانت القناة الأولى في انتظاره كعادتها كل يوم منذ بداية المأمورية. انتظرها طويلا. أثار قلقه عدم ردها على مكالماته التليفونية. وانتقل القلق تباعا إلى زملائهما في موسكو. تزايد القلق مع مُضِي الوقت، فيما تسللت المخاوف على حياتها على ضوء ما سبق ولقيه الكثيرون من زملائها ممن تعرضوا للاختطاف والتعذيب - بل وهناك منهم من لقي حتفه في ظروف غامضة لم يجر الكشف عن تفاصيلها حتى اليوم.
وراح القلق يصيب متابعيها، فيما راحت الساعات تمضي تِباعًا دون نتيجة تذكر. وقد اعترفت رئاستها فيما بعد بأنها لم تكن تريد أن تدق نواقيس الخطر في حينه، وتستبق الأحداث بالإعلان عن اختفاء ساشا، خشية أن يكون في ذلك ما يثير خاطفيها، ويدفعهم إلى اتخاذ ما لا تحمد عقباه. وتظل النفوس مشحونة، تساورها مختلف الظنون حول احتمالات ما كان يمكن أن تواجهه الصحافية الشابة في مدينة لا يزال فيها الغموض القاسم المشترك لمعظم ما تموج به من أحداث، حتى حانت لحظة «النهاية السعيدة». دق جرس الهاتف ليفجر جدران الصمت في أروقة وردهات القناة الأولى للتلفزيون الروسي. ساشا تتحدث. اكتفت بإعلان أنها في سبيلها إلى كابينة الطائرة المتجهة من كييف إلى موسكو. كلمات معدودة لم تكن لتشفي غليل المسؤولين أو فضول المتابعين من الزملاء والأصدقاء.
وانتظر الجمع في موسكو وصول ساشا بما تحمله من أنباء أرادت القناة أن تعلنها مراسلتها الشابة على الهواء مباشرة بمجرد أن تطأ قدماها أرض مطار «فنوكوفو» في العاصمة الروسية. قالت ساشا إنها لم تكن تدري سبيلا للخروج من ورطتها حين داهمها رجلا الأمن الأوكرانيان. لم يدعا لها فرصة الاتصال بذويها أو زملائها. طلبا منها الصعود ثانية وفي هدوء دون أي محاولة للفت الأنظار، إلى شقتها لتفتيشها ثم جمع متعلقاتها الشخصية. طلبا تسليمهما «الهاتف الجوال» وجواز سفرها، والامتثال لكل ما يطلبانه منها حفاظا على سلامتها! وفي السيارة جلست ساشا محاطة برجلي الأمن على المقعد الخلفي، لينطلق الجمع إلى مبنى جهاز الأمن الوطني الأوكراني.
وهناك بدأت جلسات التحقيق. توالت الأسئلة والاستفسارات طويلة ثقيلة حول أسباب وجودها في كييف، وحول أبعاد مهمتها الصحافية، وحول كل من وردت أسماؤهم أو صورهم في تحقيقاتها الصحافية. وقالت ساشا إن المحققين كانوا حريصين أكثر على تبيان ملابسات إعداد وبث موضوعها الأخير الذي يبدو أنه أقام الدنيا ولم يقعدها بعد. وكان الموضوع يتعلق بمحاولات السلطات الأوكرانية الترويج للأفكار المتطرفة من خلال تمجيد الرموز الأوكرانية التي طالما فضحت الدعاية السوفياتية تطرفها وموالاتها للقوات النازية إبان سنوات الاحتلال الهتلري لأوكرانيا إبان سنوات الحرب العالمية الثانية. وكان التحقيق الأخير الذي أذاعته القناة الأولى يتضمن بالصوت والصورة حكاية بطلتها طفلة لا تتعدى السابعة من العمر وهي تلوح بخنجر مهددة بقتل كل الموسكوفيين، على خلفية شعار الصليب المعقوف!
وتتوالى الأسئلة حادة.. لئيمة.. ماكرة.. مداهنة.. مسالمة.. ليعقبها القرار الذي سمح لساشا بالعودة إلى الوطن.. لكن شريطة ألا تعود إلى أوكرانيا قبل ثلاث سنوات، وهي المدة التي تقررت للعقاب، غير أن القرار لم يكن مكتوبا. ولم يكن أيضا ممهورا بخاتم أو توقيع أو صادرا عن محكمة أو هيئة قضائية. وذلك ما تستند إليه اليوم السلطات الروسية في احتجاجاتها وإدانتها.
فما إن عادت ساشا إلى أرض الوطن حتى انطلقت الأصوات بالشجب والإدانة على وقع تكرار إذاعة الكثير من التحقيقات المصورة التي استطاعت المراسلة الفاتنة إعدادها طوال فترة عملها في العاصمة الأوكرانية.
أثار الحادث ضجة واسعة النطاق في الأوساط السياسية والإعلامية الروسية، وردود فعل تباينت بحكم تباين الموقع والمصدر، ولا سيما أنه جاء في أعقاب قيام السلطات الأوكرانية في وقت سابق من العام الماضي بطرد 88 من الصحافيين الروس العاملين في أوكرانيا. سارعت موسكو بإعلان إدانتها لمثل هذه الأساليب التي قالت بأنها تتنافى مع المواثيق الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي وغيرهما من المنظمات الدولية. أصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانا أعلنت فيه احتجاجها الحاسم ضد مثل هذه الممارسات وطالبت بتفسير لما حدث بشأن ملابسات طرد مراسلة التلفزيون الروسي، ولما سبق وتعرض له كثيرون من زملائها سواء في العاصمة كييف أو في مناطق النزاع في جنوب شرقي البلاد. وقال سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية في معرض تعليقه على هذا الشأن باستحالة تبرير مثل هذه التصرفات، مشيرا إلى الكثير من الحالات التي لقي فيها الكثير من الصحافيين حتفهم لدى محاولتهم إطلاع العالم على حقائق ما يجري في المناطق الساخنة في جنوب شرقي أوكرانيا.
وفي معرض الإدانة الشمولية لتصرفات السلطات الأوكرانية راح الكثيرون يقلبون في دفاتر الماضي.. القريب منه والبعيد، يفتحون الملفات وينبشون في الذكريات بحثا عن وقائع قديمة وأسماء أبطال هذه الوقائع والحكايات ممن راحوا ضحية تعسف أجهزة الأمن الأوكرانية التي كانت انقلبت بدورها على كل ما له علاقة بالماضي المشترك إبان سنوات العيش تحت سقف الاتحاد السوفياتي السابق.
وكان ديمتري بيسكوف الناطق الرسمي باسم الكرملين أعلن من جانبه عن عدم مشروعية طرد الصحافية الروسية، مشيرا إلى أن أوكرانيا أصبحت اليوم من أكثر المناطق خطورة على حياة الصحافيين. وفيما دعا الصحافيين الروس إلى توخي الحذر خلال عملهم داخل الأراضي الأوكرانية، قال بيسكوف إن السلطات الروسية لن تلجأ إلى اتخاذ أي إجراءات مماثلة بحق الصحافيين الأوكرانيين العاملين في روسيا ردا على الإجراءات التي اتخذتها السلطات الأوكرانية بحق زملائهم الروس.



السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.