معصوم والجبوري يشددان على المصالحة الشاملة لتأمين العراق من المخاطر

تعهدات بتسليم سلاح ميليشيات الحشد الشعبي إلى الدولة

عنصران في ميليشيات الحشد الشعبي يقفان أمام نافذة منزل في بيجي عليها صورة الرئيس الأسبق صدام حسين (أ.ب)
عنصران في ميليشيات الحشد الشعبي يقفان أمام نافذة منزل في بيجي عليها صورة الرئيس الأسبق صدام حسين (أ.ب)
TT

معصوم والجبوري يشددان على المصالحة الشاملة لتأمين العراق من المخاطر

عنصران في ميليشيات الحشد الشعبي يقفان أمام نافذة منزل في بيجي عليها صورة الرئيس الأسبق صدام حسين (أ.ب)
عنصران في ميليشيات الحشد الشعبي يقفان أمام نافذة منزل في بيجي عليها صورة الرئيس الأسبق صدام حسين (أ.ب)

تعهد أمين عام منظمة بدر والقائد الميداني لميليشيات الحشد الشعبي هادي العامري بتسليم الأسلحة التي يمتلكها الحشد حاليا إلى الدولة، بعد الانتصار على تنظيم داعش واستقرار الأوضاع في العراق.
وقال العامري في احتفالية أقيمت ببغداد، أمس، بحضور رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، ونائبه نوري المالكي، ورئيس البرلمان سليم الجبوري، وزعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم، بمناسبة ذكرى تأسيس منظمة بدر، كبرى الفصائل الشيعية التي كانت لعقود الجناح العسكري للمجلس الأعلى الإسلامي، إن «سلاح الحشد هو بيد وتحت سيطرة الدولة وإن كل العمليات العسكرية كانت بموافقة وقيادة القائد العام للقوات المسلحة، ولم ننفذ عملية إلا بموافقته؛ فلماذا هذا الخوف؟ ونحن تخلينا عن السلاح بعد 2003، وانخرطنا بالعمل السياسي، ومستعدون للتخلي عن سلاح الدولة متى ما استقر العراق، وهذا السلاح وجد من أجل العراق ومقدساته وشعبه».
وأقر العامري بصعوبة المواجهة قائلا إن «الخطر لا يزال قائما والعدوان الداعشي كبير وله دعم مادي، ومعنوي ووراءه مدرسة فكرية تغذيه بالرجال ودعم مالي كبير وتجنيد». وعد العامري أن «سبب سقوط الرمادي وبيجي والخسائر الكبيرة المادية والمعنوية كانت نتيجة انكماش الحشد الشعبي أمام الهجمة الداعشية البعثية بعد تحرير تكريت وسكوت الأغلبية»، مؤكدًا أنه «لا يمكن الانتصار على (داعش) من دون الحشد الشعبي، ولولا فتوى المرجعية الدينية لما كان الحشد كما أن لدعم إيران الدور الكبير، ولولا هذه العوامل لكنا في خبر كان».
وفي وقت دعا زعيم المجلس الأعلى خلال كلمة له بالمناسبة إلى تشكيل جبهة إقليمية ودولية واسعة لمواجهة تنظيم داعش، فإنه عدّ أن «فتوى المرجعية الدينية هي التي أوقفت زحف (داعش) إلى العاصمة».
من جهتهما، شدد كل من رئيس الجمهورية فؤاد معصوم والبرلمان سليم الجبوري على أهمية قيام مصالحة وطنية شاملة. وقال معصوم إن «من المتطلبات الأساسية لاجتياز هذه المرحلة بانتصار استراتيجي هو العمل معا بروح متآزرة لإنجاز مصالحة وطنية حقيقة، نستطيع تأمين البلد من المخاطر وتمتين الجبهة الداخلية من التآمر الذي ما زال يعمل على تعويق عملية البناء التي تأخرت كثيرًا بفعل هذه الظروف».
بدوره، أكد رئيس البرلمان أن «الوقت حان للتوجه نحو مصالحة شاملة وجادة تأخذ على عاتقها ترميم ما سعت جماعات التكفير والإرهاب والإجرام إلى تفكيكه وتدميره من بنيتنا الاجتماعية»، مؤكدًا أن «الأوان قد حان لحسم المعركة التي قدم من أجلها الشعب العراقي التضحيات، والمضي في إعادة تضميد الجراح من خلال نهج واضح في إدارة الدولة».
من جهته، انتقد عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية الأكبر في البرلمان العراقي)، فارس طه الفارس، في حديث لـ«الشرق الأوسط» كثرة التركيز على أن «هناك مخاوف من الحشد الشعبي من قبل أبناء المناطق الغربية ذات الغالبية السنية، لا سيما أن التركيز على المخاوف والمحاذير يأتي من قادة الحشد نفسه، وليس من أبناء تلك المناطق».
وأضاف الفارس أن المهم بالنسبة لنا التفريق بين مهمة الدفاع عن الوطن التي مهمة مقدسة لنا جميعا سواء في الجيش أو الشرطة أو العشائر أو الحشد، والممارسات الخاطئة التي يراد عدم التطرق إليها بحيث صار أي حديث حولها يتم تصويره وكأنه تعبير عن مخاوف بمضامين طائفية، وهذا أمر غير صحيح لا سيما أن العشائر في المنطقة الغربية رحبت بأية مساهمة لمحاربة «داعش»، لكنها طالبت الحكومة بتسليحها لأن القتال ضد «داعش» يتطلب تسليحا يوازي أسلحة التنظيم، وكذلك ما لدى الحشد من أسلحة ومعدات.
في السياق نفسه، أكد رعد الدهلكي، عضو البرلمان عن كتلة «ديالى» ضمن تحالف القوى، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «رئيس البرلمان سليم الجبوري عندما التقى الشهر الماضي في واشنطن الإدارة الأميركية، ممثلة بالرئيس باراك أوباما ونائبه جو بايدن وكبار المسؤولين، لم يتحدث عن هذا المكون أو ذاك، ولم يتحدث باسم السنة أو العشائر، وإنما طالب الأميركيين بالنظر إلى العراق كدولة وتسليح العشائر ضمن إطار الحكومة العراقية»، مؤكدًا أن «عملية بناء الدولة تتطلب الحديث باسم الدولة لا باسم المكونات أو الجزئيات سواء على مستوى الجيش أو الحشد أو أي اسم آخر».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.