رئيس الحكومة الأردنية النسور: لن نتدخل عسكريًا في جنوب سوريا

وزير الإعلام الأردني لـ {الشرق الأوسط}: أولوية قواتنا المسلحة المحافظة على حدودنا مع العراق وسوريا

عبد الله النسور
عبد الله النسور
TT

رئيس الحكومة الأردنية النسور: لن نتدخل عسكريًا في جنوب سوريا

عبد الله النسور
عبد الله النسور

نفى رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور بشكل قاطع وجود أي توجه لتدخل عسكري هجومي للجيش الأردني في جنوب سوريا. وقال النسور في مقابلة مع قناة «العربية» أمس: «غير وارد إطلاقا أن يتقدم الجيش ويجتاح جنوب سوريا»، لكنه رحب بقيام الأمم المتحدة بعمل منطقة عازلة لتزويد درعا والسويداء بالمواد الغذائية والإنسانية.
وعلى صعيد ثان، كرر وزير الإعلام الأردني الدكتور محمد المومني لـ«الشرق الأوسط» أيضا لأن لا نية لدى الأردن للتدخل عسكريا في جنوب سوريا.
وأردف أن الأولوية لقواتنا المسلحة هي المحافظة على حدودنا مع سوريا والعراق من أي اختراقات، وأكد المومني أن القوات المسلحة الأردنية على أعلى درجات الجاهزية لضبط الحدود ضمن المعادلة الأمنية السائدة. وجدد المومني موقف الأردن من الأزمة السورية قائلا: «إن موقف الأردن تجاه الأزمة السورية ما زال على ثباته والداعي لحل سياسي والمؤكد على وحدة سوريا وسيادتها واستقلالها وإنهاء ظاهرة الإرهاب فيها».
جاء هذا الموقف من كل من رئيس الوزراء والوزير المومني بعد ظهور عدة تحليلات أخيرًا في الأردن بالذات عن إمكانية إقامة منطقة عازلة في محافظة درعا ومناطق سورية أخرى قريبة من الحدود الأردنية. وتؤكد هذه التحليلات أن الأردن قد يتدخل لإقامة منطقة عازلة في حال انهيار النظام السوري من أجل حماية حدوده التي يسيطر عليها اليوم تنظيمات متشددة وعناصر من «الجيش الحر». وأكد بعض المراقبين أنه في أعقاب سقوط القذائف على مدينة الرمثا، فإن خيار المنطقة العازلة بات مطروحًا لدى صانع القرار السياسي الأردني. وتظهر الإحصائيات إلى أنه سقط على مدينة الرمثا الحدودية ما يقارب 50 قذيفة مصدرها سوريا. وأضاف النسور: «في حال أقامت الأمم المتحدة وبصورة شرعية وقانونية منطقة لتزويد جنوب سوريا، أي محافظتي درعا والسويداء، ودعمها بالمواد الغذائية والصحية والإنسانية، فإننا نرحب بذلك، بما في ذلك عودة إخواننا أبناء هاتين المحافظتين الملاصقتين للحدود الأردنية». وشدد في هذا الصدد على أنه عدا ذلك «فنحن لا نقطع حدودنا على الإطلاق إلا إذا شعرنا أن هدفا أو قطعة تريد ضربنا».
وأكد رئيس الوزراء الأردني أن بلده لم يلتق حدوده مع سوريا وأن «هناك نقطتين بين درعا والرمثا أغلقتا قبل أكثر من سنتين، فيما أغلقت نقطة نصيب السورية ومقابلها نقطة جابر الأردنية منذ نحو شهرين حتى من قبل عناصر الثورة السورية وخطوط الاتصال مقطوعة ولا نستطيع أن ندخل البضائع إلى الجانب السوري، حيث يتمركز بعد هذا الشريط الجيش السوري والجيش الحر أيضًا، والقوافل غير آمنة ومعرضة لعدم الوصول بسلام في ظل هذه الحرب القائمة». وأكد النسور أن المملكة تدعم وحدة جمهورية العراق وكذلك وحدة الجمهورية العربية السورية، ويرفض على الإطلاق تقسيم القطرين. وقال: «سنقدم المساعدة للإخوة العراقيين ورئيس وزرائهم، إذا طلبت القبائل العراقية المحاذية لحدودنا وارتأت الحكومة العراقية ذلك للوقوف في وجه (داعش)، ولن نسهم في تسليح القبائل العراقية إلا بموافقة الحكومة العراقية.
وأكد احترام الأردن لسيادة العراق والحكومة الشرعية التي نعترف بها «ونحن نتحدث هنا عن مساعدة القبائل للصمود ضد الهجمة الشرسة على حضارة العراق وأرزاق العراقيين وسيادة العراق وقوات العراقيين، ولم تبلغنا الحكومة العراقية بطلب هذه المساعدة في الوقت الراهن».
وأضاف النسور: «هناك أصوات مختلفة في مجلس النواب العراقي، وهناك من يعارض بشدة المساعدة التي قد يقدمها الأردن، فيما ثمة أصوات تقول: يا حكومة بغداد لا أنتم تعطوننا السلاح، ولا تسمحون للغير بذلك»، معيدا التأكيد: «نوافق لموافقة الحكومة العراقية فقط، ولا نتدخل في الشأن العراقي». وأكد أنه لا يوجد ما يعكر صفو العلاقات مع السعودية، و«هذا ما يتمناه فقط خصوم البلدين الشقيقين، وقد يكون لأي من دول العالم وجهة نظر قد تختلف في قضية ما مع دولة أخرى، لكن علاقاتنا مع السعودية راسخة، وهي دولة عربية محورية وقوية وحدودنا معها تمتد لنحو 700 كيلومتر، ونحن الجار الصدوق لأشقائنا في السعودية»، مشيرا إلى أن «(عاصفة الحزم) وإن شاء الله (إعادة الأمل)، كما أطلق عليها عاهل السعودية، ستسهم في درء الخطر عن الإقليم». وأشار إلى أن «أعداء مصر هم أنفسهم أعداء السعودية وأعداء الأردن وأعداء الدين، وهم الذين يوصلون الصواريخ إلى صحراء سيناء لضرب مصر واستقرارها، والجميع يعرف ماذا تعني مصر للأمة العربية، وإذا تخلخل أمن مصر فستتأثر كل الأمة العربية والإسلامية» مؤكدا أن «مصر خط أحمر». وشدد النسور على أن الخليج «منطقة بالغة الأهمية، وللعالم كله مصالح استراتيجية في المنطقة، وبطبيعة الحال قضية الخليج هي قضية عربية، والمسلسل مستمر من المحيط إلى الخليج، داعيا الدول الخليجية للوقوف مع بعضها، وأن تتحزم بأمتها العربية «فمواجهة الهجمة الجماعية تحتاج لعمل جماعي».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.