ستكون الأرجنتين أمام فرصة ثانية في أقل من عام من أجل التربع على منصة التتويج للمرة الأولى منذ 1993، وذلك عندما تتواجه مع تشيلي المضيفة اليوم على «ستاديو ناسيونال» في سانتياغو في المباراة النهائية للنسخة الرابعة والأربعين من بطولة كوبا أميركا لمنتخبات أميركا الجنوبية.
وكانت الأرجنتين الصيف الماضي أمام فرصة ذهبية لفك صيامها عن الألقاب منذ 1993، أي منذ إحرازها لقبها الرابع عشر الأخير في كوبا أميركا بفوزها في النهائي على المكسيك 2-1، وذلك بوصولها إلى نهائي كأس العالم للمرة الأولى منذ 1990 لكنها سقطت أمام ألمانيا مجددا بالخسارة أمامها صفر - 1 بعد وقت إضافي في إعادة لنهائي مونديال إيطاليا الذي خسرته حينها أمام الألمان أيضا بالنتيجة ذاتها.
وبعد ثلاثة أسابيع على انطلاق النسخة الرابعة والأربعين من البطولة القارية، دقت ساعة الحقيقة بالنسبة لليونيل ميسي ورفاقه الذين استحقوا قيادة منتخب التانغو إلى النهائي السابع والعشرين بعد أن كشروا عن أنيابهم في الدور نصف النهائي باكتساحهم الباراغواي وصيفة بطلة النسخة الماضية 6-1.
وقال مدرب الأرجنتين خيراردو مارتينو بعد الفوز الكاسح في دور الأربعة: «نحن سعداء لأن هؤلاء الشبان سيكونون في نهائي آخر لبطولة مهمة في أقل من عام. إنها ليست كأس العالم، لكنها بطولة مهمة جدا. يجب علينا أن نعمل بجهد كبير للفوز بمباراتنا ضد تشيلي في النهائي».
ومن المؤكد أن مهمة رجال مارتينو لن تكون سهلة على الإطلاق بمواجهة منتخب مضيف يسعى إلى تدوين اسمه في سجل الأبطال بعد أن كان قريبا من ذلك في أربع مناسبات سابقة (1955 و1956 و1979 و1987) دون أن يصيب النجاح.
وتحدث مارتينو عن الموقعة المرتقبة في سانتياغو قائلا: «نحن سنواجه فريق تشيلي الذي يلعب بطريقة جيدة جدا. يملكون لاعبين جيدين وهم يمرون في مرحلة تصاعدية منذ ثلاثة أعوام. بعض الأفكار لا تتغير وتشيلي لن تتغير ضدنا. سيضغطون علينا عندما يتمكنون من مهاجمتنا وسيقومون بعملهم كأنهم يواجهون أي فريق آخر».
ويمكن القول إنها من المرات النادرة التي يصل فيها إلى نهائي إحدى البطولات الكبرى أفضل منتخبين، وذلك لأن تشيلي بقيادة مدربها الأرجنتيني خورخي سامباولي تستحق أيضا الوجود في مباراة القمة؛ إذ كانت المنتخب الأكثر ثباتا والأفضل أداء، وكانت الوحيدة التي تفوز بفارق أكثر من هدف خلال الدور الأول (2 - صفر على الإكوادور و5 - صفر على بوليفيا) قبل أن تجرد الأوروغواي من اللقب بالفوز عليها 1 - صفر في الدور ربع النهائي ثم على البيرو 2-1 في دور الأربعة.
أما بالنسبة للأرجنتين، ورغم وجود الترسانة الهجومية مع ميسي وسيرخيو أغويرو وكارلوس تيفيز وغونزالو هيغواين وإنخل دي ماريا، ففازت على الأوروغواي وجامايكا 1 - صفر في الدور الأول وتعادلت مع الباراغواي 2-2 ثم احتاجت إلى ركلات الترجيح لتخطي كولومبيا في دور الأربعة بعد تعادلهما صفر - صفر، قبل أن تعلن أخيرا عن نفسها أمام الباراغواي بسداسية لم يكن لميسي أي حصة فيها، لكنه كان طرفا في خمسة منها.
ورأى مارتينو أن نجم منتخب الأرجنتين وقائده ميسي ليس بحاجة للتسجيل من أجل أن يكون سعيدا، قائلا: «إذا مرر ميسي الكرات التي تنتهي في الشباك فليس هناك أي مشكلة. ما يهم هو أنه استجاب إلى ما تتطلبه المباراة. لا يبدو قلقا بالنسبة لي أنه سعيد، وليس هناك أي مشكلات. لا يحتاج أن يكون هداف الفريق ليشعر بالسعادة».
ومن المؤكد أن ميسي الذي توج مع الأرجنتين بلقب كأس العالم تحت 20 عاما في 2005 وبذهبية أولمبياد بكين في 2008، سيسعى جاهدا لكي يخرج هذه المرة منتصرا مع منتخب الكبار بعد سلسلة طويلة من الخيبات.
وفي حال تمكن من الفوز بلقبه الأول مع منتخب الكبار، فسينهي ميسي موسمه الرائع بأفضل طريقة بعد أن قاد فريقه برشلونة الإسباني إلى إحراز ثلاثية الدوري والكأس المحليين ودوري أبطال أوروبا، ما سيجعله مرشحا فوق العادة ودون أي منافسة حقيقية للفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم للمرة الخامسة في مسيرته الأسطورية.
وكان ميسي قد صرح عشية انطلاق البطولة القارية قائلا: «هذا جيل متعطش للفوز بلقب مع المنتخب الوطني.. كفريق، نحن نستحق الفوز بشيء وتتويجنا (في كوبا أميركا) سيعني الكثير بعد أن كنا قريبين جدا من اللقب في كأس العالم العام الماضي».
وحذر ميسي زملاءه من الانصياع لما يردده الإعلام من أن الأرجنتين هي المرشح الأقوى وقال: «الإحصائيات لا يفترض الاعتماد عليها في النهائي».
أما أغويرو الذي توج مع بلاده بلقب كأس العالم تحت 20 عاما في 2007، فيرى أن الخسارة ليست خيارا، وقال: «إذا لم يفز هذا الجيل من اللاعبين بشيء فسنندم على ذلك كثيرا ولما تبقى من حياتنا».
وستكون المواجهة بين الأرجنتين وتشيلي الأولى بينهما في البطولة القارية منذ الدور الأول لنسخة 1997 حين فازت الأولى 2 - صفر، فيما تعود آخر أهم مباراة بينهما على صعيد البطولة إلى عام 1991 عندما تأهلا معا إلى الدور النهائي (دور المجموعات حينها) وتوجت الأرجنتين باللقب بعد أن تصدرت أمام البرازيل، فيما حلت تشيلي التي خسرت مباراتها مع منافستها المقبلة صفر - 2، في المركز الثالث أمام كولومبيا.
وبعد 37 عاما على النزاع الذي كاد أن ينتهي بحرب دامية بين تشيلي وجارتها الأرجنتين، تتجدد الخصومة بين البلدين لكن هذه المرة على أرضية الملعب في نهائي كوبا أميركا، لكن هون نجم الأرجنتين خافيير ماسيكرانو من هذا الأمر وقال: «آمل أن يفهم الناس أن كرة القدم رياضة وليست حربا». وتابع ماسكيرانو: «الماضي هو الماضي. يجب أن نعطي الآن الأولوية للرياضة على السياسة. تشيلي والأرجنتين بلدان شقيقان ويجب أن نظهر احترما متبادلا».
ورغم الكلام «الجميل» لماسكيرانو الذي ردده أيضا مدافع تشيلي أوجينيو مينا بقوله بأنه «من المهم جدا على الفريقين احترام بعضهما»، فإن هذين البلدين بعيدان كل البعد عن «الأخوة» رغم تقاسمهما حدودا بطول 5 آلاف كلم والتخالط بين المجتمعين في ظل وجود 60 ألف أرجنتيني في الأراضي التشيلية. وشدد وزير خارجية تشيلي هيرالدو مونيوس على أنه يجب على كرة القدم ألا تتدخل في العلاقات الوطيدة التي توحد البلدين، في محاولة منه لترطيب الأجواء قبل الموقعة المرتقبة على «ستاديو ناسيونال» في سانتياغو. وستكون الأرجنتين موجودة على منصة التتويج بغض النظر عن هوية المنتخب الذي سيتوج باللقب بوجود سامباولي على رأس الإدارة الفنية للمنتخب التشيلي.
ووجود أربعة مدربين أرجنتينيين في الدور نصف النهائي من النسخة الرابعة والأربعين، وتمكن سامباولي من التفوق على مواطنه ريكاردو جاريكا والمنتخب البيروفي 2-1، ومارتينو على رامون دياز الذي يشرف على الباراغواي.
والحضور التدريبي الأرجنتيني كان لافتا في تشيلي 2015 بوجود ستة مدربين من أصل 12، ما أنتج في نهاية المطاف وجود أربعة منهم في المربع الذهبي.
وستكون المباراة النهائية بين مدربين يعتمدان أسلوبا مشابها وهو الأسلوب الهجومي المثير المتأثر بمدرسة مارسيلو بيلسا.
ومن المؤكد أن سامباولي الذي استلم مهامه مع المنتخب التشيلي في ديسمبر (كانون الأول) 2012، يخوض أهم اختبار له كونه يوجد على رأس الإدارة الفنية للمنتخب المضيف الذي يحلم برفع الكأس الغالية للمرة الأولى في تاريخه.
ورغم الضغط الذي يعيشه، تمكن سامباولي من كسب مودة الجمهور من خلال قيادة تشيلي إلى الفوز بأربع من مبارياته الخمس حتى الآن، وإلى تسجيل 13 هدفا. وأبدى مارتينو إعجابه بالطريقة التي يلعب بها منتخب تشيلي والأسلوب الذي يطبقه مواطنه سامباولي، وقال: «إنها تشيلي.. ماكينة هجومية تهاجم وتهاجم وتهاجم».
ومن البديهي أن يعرب مارتينو عن إعجابه بسامباولي فهما من المدرسة ذاتها، من مدرسة بيلسا الذي كان يعير اهتمامه للعرض أكثر من النتيجة.
وستكون المواجهة مميزة أيضا على صعيد اللاعبين؛ إذ يتواجه ميسي وخافيير ماسكيرانو مع زميلهما الحالي في برشلونة الإسباني الحارس كلاوديو برافو والسابق أليكسيس سانشيز الذي يدافع حاليا عن ألوان آرسنال الإنجليزي، كما سيسعى نجم تشيلي أرتورو فيدال إلى الثأر من ميسي وماسكيرانو اللذين قادا فريقهما إلى الفوز على يوفنتوس الإيطالي 3-1 في نهائي دوري أبطال أوروبا قبل أقل من شهرين. كما سيتواجه مهاجم تشيلي إدواردو فارغاس، بطل لقاء نصف النهائي ضد البيرو ومتصدر ترتيب الهدافين، مع زميله في نابولي الإيطالي غونزالو هيغواين.
ويقول فيدال الذي قدم ورفاقه في منتخب تشيلي أداء مميزا في مونديال البرازيل الصيف الماضي وتسببوا في تنازل إسبانيا عن لقبها والخروج من الدور الأول قبل أن تخذلهم ركلات «الحظ» الترجيحية أمام البرازيل المضيفة في ربع النهائي: «هذه المجموعة من اللاعبين تطورت كثيرا.. إنه الوقت المناسب من أجل الفوز بشيء ما».
واعترف نجم يوفنتوس بأن هناك ضغطا على فريقه كونه البلد المضيف، لكنه أكد على أن الجميع هادئون ومتلهفون لكي يظهروا جدارتهم في المنافسة على اللقب. وبالفعل لقد أظهر فيدال ورفاقه أن تشيلي فريق قوي ويحسب له ألف حساب بعد بلوغهم دور الأربعة للمرة الأولى منذ 1999 حين انتهى مشوار بلادهم بركلات الترجيح أمام الأوروغواي، ثم النهائي للمرة الأولى منذ 1987 حين سقطت أمام الأوروغواي بالذات صفر - 1.
تشيلي من أجل دخول التاريخ.. والأرجنتين لاستعادة أمجادها في نهائي كوبا أميركا اليوم
مدرسة التانغو تفرض سيطرتها من خلال مدربي المنتخبين.. والمواجهة تجدد ذكريات الصراع بين الدولتين
تشيلي من أجل دخول التاريخ.. والأرجنتين لاستعادة أمجادها في نهائي كوبا أميركا اليوم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة