حمّلت وزارة التجارة العراقية مسؤولية عدم إيصال المواد الغذائية المقررة للمواطن العراقي في برنامج البطاقة التموينية إلى المناطق الساخنة في محافظة الأنبار، التي يحاصرها تنظيم داعش، مثل مدن حديثة والبغدادي ومناطق أخرى، إلى جهات حكومية، كوزارة النقل ووزارة الدفاع.
وقال ملاس محمد عبد الكريم وزير التجارة العراقي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن مسؤولية عدم إيصال المواد الغذائية للمواطنين المحاصرين في مدينتي حديثة والبغدادي ومدن الأنبار الأخرى التي يحاصرها تنظيم داعش تقع على عاتق وزارتي النقل والمواصلات ووزارة الدفاع لعدم جديتها في إيصال تلك المواد لآلاف العراقيين المحاصرين في تلك المدن، الذين يعانون من أزمة كارثية بسبب انعدام تلك المواد في مناطقهم المحاصرة.
وأضاف عبد الكريم أن «مخازن الوزارة تمتلئ بالمواد الغذائية وما تراكم من مواد لحصص المواطنين من أبناء المناطق المحاصرة، والمناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش الإرهابي، وما نعانيه هو رفض الكثير من الجهات إيصال تلك المواد إلى مستحقيها، لكون الطرق إلى تلك المناطق تعتبر في غاية الخطورة، حيث يستهدف مسلحو تنظيم داعش سائقي المركبات التي تنقل المواد الغذائية إلى مناطق تصدى أبناؤها للتنظيم الإرهابي، مما جعل المسلحين يطبقون حصارًا خانقًا على أهالي تلك المدن انتقامًا منهم لعدم رضوخهم للمسلحين، بل راحوا يقاتلونه في سبيل الدفاع عن مناطقهم خشية دخول مسلحي تنظيم داعش».
وأشار وزير التجارة العراقي إلى أن شاحنات تابعة للوزارة ومحملة بكل المواد الغذائية تنتظر في المطار منذ عدة أشهر وترفض الجهات المعنية نقلها جوًا إلى قاعدة عين الأسد (210 كلم غرب العاصمة بغداد) من أجل إيصالها فيما بعد إلى مدن البغدادي القريبة جدًا من القاعدة ومدينة حديثة التي تبعد مسافة 50 كلم عن القاعدة غرب الأنبار.
وتشكو مدينة البغدادي (90 كلم غرب مدينة الرمادي) من نقص هائل في المواد الغذائية والطبية والخدمات الأخرى الضرورية، بعد أن أطبق عليها مسلحو تنظيم داعش حصارا قاسيا أمتد لعشرة أشهر ومستمرًا إلى الآن بعد سيطرة التنظيم على كل مدن الأنبار المحيطة بناحية البغدادي وقضاء حديثة. وفي داخل مدينة البغدادي روى سكان لـ«الشرق الأوسط» قصصًا مأساوية.
وقال رئيس مجلس ناحية البغدادي الشيخ مال الله لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «لقد مضى ما يقرب من عام ونحن نتصدى لهجمات مسلحي تنظيم داعش، وفي كل مرة نكبدهم الخسائر تلو الخسائر، وبالأمس قتلنا 33 مسلحا بعد الهجمة الأخيرة على الناحية»، منبها إلى أن «ناحية البغدادي تعاني من الحصار، وأطلقنا نداءات كثيرة لمساعدتنا.. والتقيت شخصيا رئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الصحة عند ذهابي إلى بغداد، وشرحت لهم الحال ووعدونا بالمساعدة الفورية والإمدادات العسكرية والمواد الغذائية والطبية.. ولكن لم نرَ على أرض الواقع شيئا من هذا».
أما عما يجري بداخل المدينة فيقول الشيخ مال الله «الناس هنا تستغيث من الحصار.. المواد الغذائية لم تصل للمدينة منذ عدة أشهر حتى صار الناس يستخدمون المواد الغذائية المنتهية الصلاحية، وأسعار المواد المتبقية، التي يتمكن البعض من إدخالها بشكل شخصي، وصلت إلى أرقام خيالية، مع انعدام تام للتيار الكهربائي وشبكات مياه الشرب ونفاد للغذاء والدواء، حتى إننا رفعنا لافتات في الناحية نطالب بها عوائلنا الكريمة بمنع الإنجاب لعدم توفر المواد الطبية في المراكز الطبية وعدم وجود طبيبة نسائية». وناشد «الحكومة العراقية التحرك لإنقاذ أرواح أكثر من 50 ألف نسمة يعانون الجوع والعوز، مع أننا مستمرون بالقتال ضد (داعش) وندرب الشباب على حمل السلاح والقتال، وبالأمس جرى تخريج دفعة جديدة من شباب المدينة».
الدكتور رعد عبود مدير المركز الصحي في المجمع السكني لناحية البغدادي يقول: «منذ سنة تقريبًا انقطعت تماما عملية التجهيز بالمواد الطبية والأدوية لكل المراكز الطبية البالغ عددها 11 مركزا صحيا في ناحية البغدادي إلى أن جرى نفاد ما هو متوفر لدينا في المخازن، ومنذ مدة شهر لم يبق لدينا ولا حتى علبة دواء واحدة.. حتى إننا شهدنا تزايدا في عدد الوفيات بين الأطفال وكبار السن، وإذا لم تجد الحكومة حلا فوريا لهذا الأمر، فأنا أتوقع في الأيام القليلة المقبلة الإعلان عن حدوث كارثة إنسانية وصحية ستبلغ ذروتها قريبا».
وفي قضاء حديثة قضاء حديثة (160 كلم غرب مدينة الرمادي) مركز محافظة الأنبار الذي أصبح تعداد السكان فيه أكثر من 130 ألف نسمة بعد أن لجأ إليه أكثر من 30 ألف نازح من مدن وقرى قريبة، هربا من سطوة مسلحي تنظيم داعش الذي سيطر على الغالبية العظمى من مدن الأنبار.
وقال خالد سلمان رئيس المجلس البلدي لقضاء حديثة لـ«الشرق الأوسط» إن «حديثة تعاني من نقص هائل في المواد الغذائية والطبية ومواد الوقود بكل أشكاله»، مشيرا إلى أن «حجم الأضرار في البنى التحتية لناحيتي بروانة والحقلانية التي كان يسيطر عليها مسلحو تنظيم داعش لمدة قاربت 3 أشهر قبل عملية استعادتها وتحريرها من قبل القوات الأمنية العراقية وأبناء العشائر، بلغت ما نسبته 30 في المائة من أحياء سكنية ومبانٍ حكومية طالها الدمار، وهناك الكثير من منازل المواطنين ما زالت مفخخة وتحتاج المدينة لجهد هندسي في عملية إزالة العبوات الناسفة التي تركها مسلحو (داعش) مزروعة وسط المناطق المحررة».
وزير التجارة العراقي لـ«الشرق الأوسط»: الجيش يرفض نقل المساعدات للمحاصرين
أهالي حديثة والبغدادي في الأنبار يستنجدون قبل وقوع كارثة إنسانية
وزير التجارة العراقي لـ«الشرق الأوسط»: الجيش يرفض نقل المساعدات للمحاصرين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة