«العدل والإحسان» المغربية تحذر من عواقب الاحتقان السياسي في البلاد

قيادي في الجماعة: لن نفرض اختياراتنا الآيديولوجية على الآخرين

«العدل والإحسان» المغربية تحذر من عواقب الاحتقان السياسي في البلاد
TT

«العدل والإحسان» المغربية تحذر من عواقب الاحتقان السياسي في البلاد

«العدل والإحسان» المغربية تحذر من عواقب الاحتقان السياسي في البلاد

حذر قيادي في جماعة العدل والإحسان الإسلامية المغربية، شبه المحظورة، من أجواء الاحتقان السياسي التي قد تجر البلاد إلى النموذجين التونسي أو المصري، وقال إن «الخطاب السياسي وصل درجة من الإسفاف غير المسبوق»، وإنه «يجري اختلاق معارك جانبية كثيرة من أجل إلهاء الناس وصرفهم عن أصل البلاء ألا وهو الاستبداد والفساد».
وتساءل عبد الواحد المتوكل، رئيس الدائرة السياسية للجماعة، التي تعد أكبر فصيل إسلامي معارض في المغرب، خلال لقاء مع عدد من وسائل الإعلام نظم الليلة قبل الماضية بمقر الجماعة في مدينة سلا المجاورة للرباط، عن «من يقف وراء تواتر عدد من القضايا ذات العلاقة بالحريات الفردية، كان آخرها «معركة التنورة»، وذلك في إشارة إلى قضية متابعة فتاتين بسبب لباسهما غير المحتشم.
وقال المتوكل إنه بعد كل هذه المراحل السياسية ما زال يطرح على الجماعة سؤال المشاركة السياسية، ولو عن طريق التحالف مع أحزاب قريبة من توجهها الآيديولوجي، إلا أن موقف الجماعة، يضيف المتوكل: «ظل هو ذاته ولم يتغير»، مستشهدا بما قاله المرشد العام للجماعة الراحل عبد السلام ياسين: «العاقل لا يلعب مع الأفعى ومن يقترب منها تأكله».
وأوضح المتوكل خلال اللقاء الصحافي، الذي شارك فيه كل من أمان جرعود وعمر أحرشان، عضوا الأمانة العامة للجماعة، أن «موقف الجماعة هو أن أي إصلاح من الداخل مآله الفشل، نظرا لغياب الشروط الديمقراطية الحقيقية والعراقيل الكثيرة التي لا تترك أي مجال لتنفيذ الإصلاح»، مستشهدا في هذا الصدد بفشل تجربة التناوب السياسي التي قادها الزعيم الاشتراكي عبد الرحمن اليوسفي في 1998، ملمحًا إلى أن تجربة حكومة ابن كيران الإسلامية ستلقى المصير ذاته.
وجدد المتوكل الدعوة إلى إنشاء «تحالف عريض للتصدي للاستبداد وتجاوز الخلافات العميقة لبناء مغرب جديد، وذلك لأن التغيير المنشود تفرضه إرادة الأمة ولا يُتسول».
وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كانت الجماعة قامت بمبادرات عملية من أجل إنشاء هذا التحالف، أو الجبهة العريضة كما تسميها، وما هي الأطراف التي جرى الاتصال بها، قال المتوكل إن هناك مبادرات مع أحزاب متعددة وشخصيات لم يسمها، منها من استجاب ومنها من رفض، مضيفا أنه «من دون تعاون الجميع وتجاوز حالة التنازع فإنه من الصعب أن يحدث أي تحول، وأي جهة مهما كانت قوتها لا يمكن أن تستأثر بالمبادرة».
وبعث المتوكل رسائل طمأنة، متعهدًا بأن الجماعة لن تفرض اختياراتها الآيديولوجية على الأفرقاء الآخرين، وأشار إلى أن مشاركة «العدل والإحسان» في الحكم رهين بتوفير أدنى شروط الديمقراطية وهي التعددية السياسية الحقيقية، مشددًا على أن الجماعة «لا تتبنى موقف الرفض في حد ذاته، بل لأننا لا نريد أن نكون شهود زور أو مجرد كومبارس».
وردا على أسئلة بشأن دعم الجماعة لحركة 20 فبراير، التي قادت الاحتجاجات في 2011، ثم انسحابها منها، قال المتوكل إن «الحركة ظهرت في سياق احتجاجي وليس في أي سياق آخر، وكانت مجرد تمرين. أما الاختبار الحقيقي فلم نكن مهيئين له».
في السياق ذاته، قالت أمان جرعود، إن «الجماعة عندما تدعو إلى الحوار لإنشاء جبهة عريضة، فإن الأمر لا يتعلق بمناورة سياسية، بل بمبدأ أصيل لديها لأن الاستبداد لا يمكن أن يتصدى له طرف واحد».
وبشأن موقف الجماعة من مشاركة فصيل إسلامي، هو حزب العدالة والتنمية في الحكومة، أقرت جرعود بأنهم «ناس فضلاء والجماعة لا تخونهم بسبب هذه المشاركة إلا أنه من حقها انتقادهم».
وعن مدى التزام الجماعة نفسها بالديمقراطية بحكم وجود قيادات يشغلون المناصب نفسها منذ سنوات ولا يتغيرون، بينهم المتوكل نفسه، قال عمر أحرشان إن الجماعة تحترم قوانينها وتعقد مؤتمراتها ومجالسها بشكل دوري ومنتظم، كما أن إسناد المسؤوليات يجري بالانتخاب وليس بالتعيين، وأنه لا أحد يرشح نفسه، ليخلص إلى القول بأن «الجماعة لها نصيب متقدم من الديمقراطية الداخلية في ظل الحصار المفروض عليها».
ودافعت الجماعة عن مشاركتها في الانتخابات المهنية بحكم وجودها المكثف داخل النقابات، لا سيما الاتحاد المغربي للشغل، وهو اتحاد عمالي مستقل، على الرغم من مقاطعتها للانتخابات التشريعية والبلدية، ولا ترى في ذلك أي تناقض، مبررة ذلك بأن دور النقابات «خدماتي ومجتمعي»، بينما الانتخابات لها حيثيات سياسية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.