البرلمان العراقي يبدأ غدًا فصله التشريعي الجديد بحزمة قوانين تنتظر «رحمة» التوافق السياسي

على وقع إشاعات زواج رئيسه وتهديده بمقاضاة مروجيها

البرلمان العراقي يبدأ غدًا فصله التشريعي الجديد بحزمة قوانين تنتظر «رحمة» التوافق السياسي
TT

البرلمان العراقي يبدأ غدًا فصله التشريعي الجديد بحزمة قوانين تنتظر «رحمة» التوافق السياسي

البرلمان العراقي يبدأ غدًا فصله التشريعي الجديد بحزمة قوانين تنتظر «رحمة» التوافق السياسي

مع بداية الفصل التشريعي الجديد للبرلمان العراقي الذي من المقرر أن يبدأ غدا، وجد رئيسه سليم الجبوري نفسه في مواجهة إشاعة من الوزن الثقيل، وهي زواجه من إحدى نائبات البرلمان، وقضاؤه فترة العطلة التشريعية في شهر عسل طويل خارج العراق فيما البلد يحترق حربا ضد تنظيم داعش وأزمة اقتصادية باتت تهدد حتى رواتب الموظفين وخلافات سياسية تستعر تحت رماد توافق سياسي شبه زائف.
الجبوري نفى في بيان إشاعة الزواج، عادا إياها محاولة للنيل منه، متهما «بعض الجهات المعروفة ضمن حملة مبرمجة ما زالت تصر على صياغة الأكاذيب وترويج التهم الملفقة»، ومعتبرا أن الهدف من ذلك هو «التسقيط السياسي والنيل من سمعة رئيس المجلس». وأضاف البيان أن «ترويج الأكاذيب بهذا المستوى الضحل، وضمن هذه الأساليب غير الأخلاقية، إنما يؤكد عجز هؤلاء الأفاكين المتخبطين عن أن يجدوا تهمة يرمونه بها». ولم تفت الجبوري، وهو حامل شهادة الدكتوراه في القانون، الإشارة إلى احتفاظه بحقه القانوني «في ملاحقة مروجي ومطلقي هذه الإشاعات والافتراءات الكيدية وفق القانون».
من جانبها، تبدو رئاسة البرلمان مستعدة لمواجهة الأعباء السياسية والتشريعية للفصل الجديد في وقت لا تزال فيه «دزينة» من مشاريع القوانين تؤجل منذ الدورات الثلاث الماضية دون حسم، فيما تنتظر مشاريع قوانين يرى مقرر البرلمان عماد يوخنا، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «لها أولوية سياسية في هذا الظرف بالذات هي تلك التي تتصل بوثيقة الاتفاق السياسي التي تشكلت الحكومة الحالية التي يترأسها حيدر العبادي بموجبها وفي المقدمة منها الحرس الوطني والعفو العام وربما المساءلة والعدالة مقابل تجريم حزب البعث».
وأعلنت رئاسة البرلمان في بيان أن جدول أعمال الجلسة الأولى يتضمن «التصويت على مشروع قانون انضمام العراق إلى الاتفاقية الدولية للسير على الطرق لعام 1968 والاتفاق الأوروبي المكمل لها لسنة 2006، والتصويت على مشروع قانون التعديل الخامس لقانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997». وتستمر وفقا للبيان سلسلة قراءات لمشاريع قوانين ليست هي القوانين التي ينتظرها الشارع العراقي منذ سنوات. ففي الجلسة الأولى أيضا ستتم «القراءة الأولى لمشروع قانون تصديق اتفاقية التعاون التجاري بين حكومة جمهورية العراق وحكومة دولة الكويت، والقراءة الأولى لمشروع قانون المصادقة على اتفاق شراكة من أجل التعاون الثقافي والعلمي والتقني ومن أجل التنمية بين حكومة جمهورية العراق وحكومة الجمهورية الفرنسية». ويكمل بيان الجلسة الأولى مشاريع القوانين بالقراءة الأولى «لمشروع قانون العطلات الرسمية، والقراءة الثانية لمشروع قانون انضمام جمهورية العراق إلى دستور المنظمة الدولية للهجرة، والقراءة الثانية لمشروع قانون عقد المعاهدات».
يذكر أن البرلمان العراقي أنهى سنته التشريعية الأولى بإقرار 35 قانونا بينما ينتظره 22 قانونا جاهزا للتصويت خلال الفصل التشريعي الجديد مع استمرار الخلافات على القوانين الأساسية. وفي هذا السياق، يرسم مقرر البرلمان العراقي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» صورة ليست وردية على صعيد «عدم إمكانية قيام البرلمان بتمرير القوانين المرحلة من الدورات السابقة بسبب استمرار الخلافات السياسية وعدم بلوغ التوافق السياسي درجة التطابق مع هموم المواطن أو التحديات التي تواجه البلاد». ويضيف يوخنا: «هناك قوانين مهمة رحلت بل يجري ترحيلها دائما من الدورات الماضية إلى الفصل التشريعي الجديد على أمل أن تتمكن الكتل السياسية من إيجاد صيغة لتمريرها وفقا لمبدأ التوافق السياسي المعمول به في العراق من أجل استكمال العملية السياسية ومن أهمها قانون الأحزاب وهو جاهز للتصويت لكن إرادة الكتل السياسية لا سيما الكبيرة منها والتي تقود سفينة المحاصصة العرقية والطائفية هي المسؤولة عن وضع العراقيل والصعاب أمام بناء الدولة».
ويمضي يوخنا في سرد القوانين المهمة المعلقة من الدورتين الماضيتين وهي «قانون المحكمة الاتحادية الذي يعد بالغ الأهمية لأن المحكمة الحالية أسست في زمن الحاكم الأميركي وبموجب أمر سلطة الائتلاف، علما بأن هذا القانون يحتاج إلى ثلثي أصوات أعضاء البرلمان وليس الأغلبية البسيطة، بالإضافة إلى قانون مجلس الاتحاد وهو بمثابة الغرفة الثانية للبرلمان ويساعد على إقرار القوانين والتشريعات ويضمن تمثيلا عادلا للمحافظات والأقاليم، وكذلك قانون الحرس الوطني والعفو العام والمساءلة والعدالة وحظر حزب البعث وهي سلسلة القوانين التي باتت لها أولوية في التشريع لأسباب سياسية، بينما لا يزال قانون في غاية الأهمية وهو قانون النفط والغاز ينتظر التشريع منذ عام 2007».
وحول أبرز القوانين التي تمكن البرلمان من التصويت عليها خلال الفصل التشريعي الماضي، قال يوخنا إن «القانون الأبرز هو قانون شبكة الإعلام العراقي، وكذلك قانون المعلوماتية وقانون المجمع العلمي، وما عداها قوانين تتعلق بتعديلات قوانين أو قرارات سابقة لمجلس قيادة الثورة أو انضمام العراق إلى معاهدات دولية أو التصديق على معاهدات ومواثيق وهي ليست بمستوى طموح المواطن مع أنها في النهاية تبقى قوانين تحتاج إلى تصويت البرلمان». وردا على سؤال بشأن ما يبدو عليه البرلمان من توافق بمستوى جيد مع الحكومة، ومن بين ذلك الحضور المتكرر لرئيس الوزراء حيدر العبادي إلى البرلمان، وهو ما لم يكن يفعله رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، قال يوخنا إن «النوايا هي نفسها لم تتغير على ما يبدو بدليل أننا كلما أردنا تمرير قانون مهم تظهر المشاكل الحقيقية، وما دامت البلاد في وضع لا يسمح بتفجر المشاكل مجددا فإن الحل الأسلم هو إرجاع مشروع القانون الخلافي إلى الدرج ثانية».
وبينما يتوقع أن يبدأ البرلمان بتمرير القوانين الإجرائية التي تمت قراءتها قراءة أولى أو ثانية فإنه سوف ينهمك مطولا في مشروع قانون العفو العام الذي تسلمه مؤخرا من الحكومة بالإضافة إلى قانون الحرس الوطني، وآخرها ربما قانون المساءلة والعدالة الذي تشير كل التوقعات إلى أنه لن يرى النور خلال الفصل التشريعي المقبل.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.