ثمة سبب وراء خسارة الولايات المتحدة الحرب الدعائية ضد «داعش»

قراءة في التحدي الإعلامي الذي يشكله التنظيم المتطرف

ثمة سبب وراء خسارة الولايات المتحدة الحرب الدعائية ضد «داعش»
TT

ثمة سبب وراء خسارة الولايات المتحدة الحرب الدعائية ضد «داعش»

ثمة سبب وراء خسارة الولايات المتحدة الحرب الدعائية ضد «داعش»

إذا كنت لم تشاهد لقاء السفير السابق ألبرتو فرنانديز مع قناة «سي بي إس» التلفزيونية الأميركية في ضيافة المذيعة مارغريت برينان، فعليك تمضية بضع دقائق لمشاهدته. لقد كان السفير فرنانديز، كما تتذكرون، يشغل منصب المنسّق لمركز الاتصالات الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب لدى إدارة الرئيس باراك أوباما في عام 2012. وكان مركز الاتصالات الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب قد أسس عام 2010 من أجل «تنسيق» نشاطات الاتصالات العامة وتوجيهها وتعميمها على نطاق الحكومة، وناحية الجماهير خارج البلاد، ويستهدف تحديدًا حاملي الفكر المتطرف العنيف والتنظيمات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة وأذرعها ومعتنقي هذا الفكر.
تقاعد فرنانديز من وزارة الخارجية الأميركية في أبريل (نيسان) الماضي وحل محله منذ ذلك الحين رشاد حسين، الذي كان يشغل منصب المبعوث الأميركي الخاص إلى منظمة التعاون الإسلامي. وبالإضافة إلى وظيفة فرنانديز القديمة في وزارة الخارجية، سيشغل حسين منصبًا أكبر هو «مبعوث الولايات المتحدة الخاص ومنسق الاتصالات الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب». كذلك، ووفقا للبيان الصحافي، فسوف «يقود فريقا من العاملين القادمين من عدد من الوزارات والوكالات الأميركية لتوسيع التفاعل والشراكة الدولية لمواجهة التطرف العنيف وتطوير الاتصالات الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب حول العالم».
أما السبب الحقيقي وراء مغادرة فرنانديز منصبه، فيشوبه غموض كبير. ولربما كان قد حان الوقت لتقاعده. غير أنه أيضا مسؤول الخدمة الخارجية المخضرم وصاحب التاريخ الطويل من بسط الحقائق المجرّدة أمام أصحاب السلطة. وكان في عام 2006، قد أعرب عن رأيه خلال إحدى المقابلات بأن الولايات المتحدة كشفت عن «صلف وغطرسة شديدين» في العراق، وهي التعليقات التي سرعان ما نالها التصحيح من قبل أحد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية الذي أوضح أن تلك التعليقات لا تعكس أو تعبر عن سياسة الإدارة. (وأصدر فرنانديز لاحقًا ما وصفته صحيفة الـ«غارديان» بأنه اعتذار «مقتضب»).
وكما هي الحال مع شاكلة تلك القصص، «لماذا يغادر وزارة الخارجية فعلاً؟»، فهناك في المعتاد (ودائما) جانب آخر للقصة. وفي مكان ما على طول تلك القصص وعرضها، هناك معارك للنفوذ والسيطرة والصراعات الشخصية. ولكن بكل وضوح، فشلت استراتيجية وسائل الإعلام الاجتماعية ضد تنظيم «داعش». وليس بالأمر الجيد أن ينال أحد الفيديوهات المضادة لـ«داعش» كثيرا من السخرية والنقد اللاذع في وسائل الإعلام الوطنية الأميركية، كما كان نصيب ذلك الفيديو من السخرية على لسان جون أوليفر.
ثم إنه ربما كان البيت الأبيض يسعى لزعزعة الأمور من أجل تعزيز سلطاته على جهود وسائل الإعلام الاجتماعية في مختلف أرجاء الحكومة.
ومن بين وظائف أخرى، فإن حسين كان يشغل في السابق منصب نائب مساعد المستشار القانوني للرئيس، وعمل في مجلس الأمن القومي كذلك.
ولكن، استنادًا إلى مقابلة التقاعد الشخصية مع فرنانديز على شبكة «سي بي إس» التلفزيونية، فإن عمل الحكومة كان مجتزأ وغير كامل. وخلالها سخر واستهزأ فرنانديز بالاقتصاد الأميركي، كما قدح في الحكومة بمزاح لاذع؛ حيث قال لبرينان: «ليس الأمر بأن تنظيم داعش عظيم للغاية» مستخدما الاسم المختصر للتنظيم الإرهابي؛ «بل إن الاستجابة كانت محدودة وضعيفة على حد سواء». وتابع: «هناك أسطورة منتشرة في واشنطن مفادها أنك بطريقة أو بأخرى إذا وضعت سحر وسائل الإعلام الاجتماعية أو غبار الدبلوماسية العامة على مشكلة ما، فستتلاشى سريعًا».
في أي حال، كان أفضل ما جاء في مقابلة فرنانديز إجابته عن سؤال طرحته برينان حول ما إذا كانت إدارة الرئيس أوباما تنتهج سياسة «الإهمال الحميد» إزاء تنظيم «داعش»، تحت افتراض أن الإدارة كانت بطيئة في إدراك صعود التنظيم الإرهابي وكانت أبطأ كثيرا في الاستجابة واتخاذ رد الفعل. كان رد فرنانديز موجزا ولاذعًا: «لقد كانت سياسة الإهمال الخبيث».
هل ستؤدي التغييرات في الوجوه والعمليات، إذن، إلى تحسين جهود الولايات المتحدة في مكافحة جهود الإعلام الاجتماعي لتنظيم «داعش»؟
جاءت إحدى المراجعات الداخلية لدى وزارة الخارجية الأميركية، التي أشرف عليها ريتشارد ستنغل، وكيل الوزارة للشؤون العامة، شديدة في انتقادها للجهود الأميركية المبذولة في هذا المضمار. ووفقا لاستعراض مذكرة ستنغل، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقول إن اللافت للنظر في تقديرات ستنغل أن «الخطاب العنيف لتنظيم داعش، والمعزّز من خلال آلاف الرسائل اليومية، قد (فاق)، وعلى نحو فعال، الجهود المبذولة من قبل بعض من أغنى وأكثر دول العالم تقدمًا وتقنية».
لا يبدو ستنغل من نوعية الرجال الذين يخلون الميدان ويتوجهون إلى منازلهم؛ ففي فبراير (شباط)، صرح لـ«نيويورك تايمز» بأن «داعش» لا يُقارن بموقع «باز - فيد»، وليس ممن لا يمكن قهره على وسائل الإعلام الاجتماعية. وما من شك أنه قد طال انتظار تلك التقديرات لزعزعة مواقفهم.
في واقع الأمر، ربما من شأن المسار المنسق والمتكامل الذي يضم السفارات الأميركية في الخارج مع وزارة الدفاع والحلفاء الإقليميين للولايات المتحدة، أن يساعد في زيادة كمية تحسين جودة الرسائل الموجهة لمكافحة تنظيم «داعش» في المنطقة. وبكل تأكيد أنا لست من رجال التقنية الأوائل، أو أملك سلطة مؤثرة على وسائل الإعلام الاجتماعية، حتى إنني أستخدم هاتفًا عاديا حتى هذه اللحظة. ولكن من أجل مواصلة تلك الحرب ضد «داعش»، ذلك الكيان الذي يجمع الممارسات والأدبيات العائدة للقرن الثامن الميلادي مع تقنيات القرن الحادي والعشرين - بصرف النظر عن الانتصار في تلك الحرب - فإن الأمر طويل وممتد. وإليكم الأسباب.

النجاح الغبي

إن أكثر الآيديولوجيات أهمية في الحياة ليست القومية، أو الرأسمالية، أو حتى الديمقراطية.. إنه النجاح. وذلك لأن النجاح يجلب معه القوة والسطوة والمصداقية الشعبية إلى جانب المتعاطفين. و«داعش» ليس تنظيم «القاعدة» المختبئ في الظل، بعيدًا عنا، يخطط في سرية لشن الهجمات الإرهابية هنا وهناك.. إنه شيء آخر: كيان متطوّر ومتعدّد الأوجه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والإرهابية، بجانب قدرته على السيطرة علانية على الأراضي في الواقع وعلى الفضاء الإلكتروني، بينما يسعى فيه بكل انتهازية وخبث - مثل الجرثومة الخبيثة - للسيطرة على مواقع وعوائل جديدة.
إن إلحاق الهزيمة بـ«داعش» يستلزم إظهار أن توسعه وتمدّده بلغا حدوده الطبيعية. وفي هذا الاتجاه كتب غرايم وود في مقالته الرائعة على صفحات مجلة «ذي أتلانتيك» بعنوان: «ما الذي يريده (داعش) حقا؟» قائلاً: «إذا ما جرى احتواء هذا التنظيم بشكل مناسب، فإنه سيبدأ في التفكك ذاتيًا».
إلا أن هذا يعني وقف توسع التنظيم بصورة رئيسية في العراق، بحيث يمكن احتواء تمدّده في سوريا، ثم إيجاد طريقة لضمان وقف تمتعه بالحكم الذاتي، ووقف توفير الحرية والأمل الذي يعد بهما عناصره ومؤيديه.
لابد من تقويض هالة النجاح التي يتيه بها التنظيم، وتحويله إلى مجرد مجهود فاشل آخر عاجز عن الوفاء بوعوده. ومن دون إظهار فشل التنظيم الأصلي أو إقناع تركيا بإغلاق حدودها مع سوريا فعليًا، فمن الصعوبة بمكان أن نرى كيف يمكن وقف عبور ألف مجنّد جديد ينضمون إلى صفوف التنظيم الإرهابي كل شهر.

ما الخطاب المضاد؟

كما أشار فرنانديز إلى ذلك في مقابلته، يمكن أن يكون «داعش»، من حيث هو تنظيم، تنظيمًا عُصابيًا، إلا أن هذا لا يعني أن يعاني كل أفراد التنظيم من العلة العصبية نفسها. وهذا الكلام أورده ليس من قبيل السخرية، أو الصحوة، أو الواقع المرير الذي يحاول التنظيم الترويج له، وإنما هو الأمل والهوية، فضلا عن تحقيق الذات اجتماعيًا ودينيًا. هذا هو السبب الفعلي للفاعلية العالية لجهود حشد المؤيدين للتنظيم.
وفي الواقع، فإن المنضمين إلى صفوف هذا التنظيم الإرهابي يحاولون العثور على سبيل ما، أو إجابة الدعوة لشيء ما، أو تصحيح ما يتصورونه خطأ، أو تحقيق شيء ذي أهمية في حياتهم، كما قال جون هورغان، مدير «مركز الدراسات الأمنية والإرهاب» في جامعة ماساتشوستس - لوويل، في حديثه لسيمون كوتي من مجلة «ذي أتلانتيك». والحقيقة تفيد أنه بالنسبة لكل الرسائل السلبية الذكية لمكافحة «داعش»، فإن الولايات المتحدة تفتقر إلى الخطاب المضاد الفعّال، وهي بالفعل تفتقر إلى الخطاب الذي يبدأ في منافسة الصدى العاطفي وقوة التأثير الإلكتروني الفظيع لعمليات قطع الرؤوس أو النداءات المثيرة للحماسة على غرار «تعالَ وكنْ جزءًا من المجتمع الذي يمنحك الهدف والاتجاه».
* مجلة «فورين بوليسي»



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.