سوق العقارات السعودية تكسر ارتفاع الأسعار وتبلغ انخفاضات لم تسجلها منذ سنوات

تستجيب بعد 9 أشهر من الركود للضغوط بتأثير من قرارات حكومية

سوق العقارات السعودية تكسر ارتفاع الأسعار وتبلغ انخفاضات لم تسجلها منذ سنوات
TT

سوق العقارات السعودية تكسر ارتفاع الأسعار وتبلغ انخفاضات لم تسجلها منذ سنوات

سوق العقارات السعودية تكسر ارتفاع الأسعار وتبلغ انخفاضات لم تسجلها منذ سنوات

في رد فعل يكاد يكون هو الأقوى تأثيرا على القطاع العقاري منذ أن ضرب الركود العقاري أطنابه في قلب السوق، سجل العقار السعودي انخفاضات متفاوتة في نشاطاته وبنسب مؤثرة، بعد ضمور السوق العقارية لـ9 أشهر سابقة متتالية، بحسب المؤشر العقاري لوزارة العدل، الذي يشير إلى تسجيل السوق نزولا متتاليا في الطلب لم يصاحبه انخفاض في القيمة إلا خلال الأسابيع الأخيرة، حيث بدأت السوق تستجيب لعجز الطلب الذي يحقق مستويات قياسية بشكل دوري أثر في نهاية المطاف على الأسعار.
وتحدث عدد من المهتمين العقاريين عن هذا الانخفاض الذي يترأسه تراجع أسعار الأراضي السكنية بنسب لا تقل عن 20 في المائة، تليها العمائر السكنية التي انخفضت لتلامس الـ10 في المائة، وآخرها فرع الفيلات الأقل تضررا خصوصا ذات الحجم الصغير الأكثر طلبا بنسبة 7 في المائة، وعزوا ذلك الانخفاض إلى أمور مختلفة ما بين تأثير رسوم الأراضي وانعكاسات مشروعات وزارة الإسكان، وتقنين القروض العقارية وضعف الطلب. وقد تنوعت الأسباب إلا أن النتيجة واحدة وهي انخفاض الأسعار.
قال سلطان اللويحق، وهو رئيس مجلس إدارة شركة عقارية «إن هناك انخفاضا حقيقيا يسجل أكثر من المعلن في المؤشرات العقارية، حيث يلامس الانخفاض بمختلف أنواعه العقارية الـ30 في المائة، وهو الحد الأقصى للنزول في الأسعار، حيث إنه من المستحيل أن تسجل السوق انخفاضات تزيد على هذه النسبة». وأوضح أن الأسعار القديمة المنخفضة التي ينتظرها الناس لن تعود أبدا، خصوصا أن هناك طلبات وبكميات جيدة، إلا أنها بأسعار أقل من المطلوب وهذا سبب الكساد. وتابع أن «القطاع العقاري السعودي تجاوز مرحلة الترقب ودخل مرحلة اليأس، وهي أن من يمتلك المال لا يشتري بالسعر الحالي، وصاحب العقار لا يعرض عقاره للبيع بالأسعار الحالية، إلا أنها فترة نشطة للشراء بالنسبة إلى المستثمرين».
وعن رؤيته لأسباب الانخفاض أكد اللويحق أن هناك دورة عقارية في جميع دول العالم تأتي كل 7 سنوات، موضحا أن ارتفاع الأسهم كان بديلا جيدا لبعض المستثمرين الذين فضلوا الاستثمار فيها؛ نظرا لسهولة الدخول والخروج بالأموال، كما أوضح أن لوعود وزارة الإسكان دورا كبيرا في تذكية هذا الركود عبر إعلان المشروعات التي عطلت مشروعات التاجر ودفعت المستهلك لانتظار لمشروعاتها، لافتا إلى أن نزول أسعار البترول له تأثير مباشر على الاستثمارات العقارية، لأن الدخل العام لأي دولة في العالم له انعكاسات مباشرة على الاستثمارات العامة والإنفاق.
وتوشك السوق على إنهاء النصف الأول من عام 2015 بانخفاض في إجمالي قيمة صفقاتها بنسبة انخفاض 19.9 في المائة، لتستقر عند 187.9 مليار ريال، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2014 البالغة 234.5 مليار ريال، كما سجلت انخفاضا بنسبة 15.8 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2013 البالغة 223.1 مليار ريال، وشمل الانخفاض جميع مؤشرات أداء السوق (عدد الصفقات، عدد العقارات، مساحات الصفقات)، حيث انخفض عدد صفقات السوق للفترة بنسبة 15.1 في المائة، مقارنة بالفترة ذاتها لعام 2014، لتستقر عند 142.7 ألف صفقة، مقارنة بنحو 168.1 ألف صفقة لعام 2014، ومقارنة بنحو 163.7 ألف صفقة لعام 2013 أي بنسبة انخفاض بلغت 12.8 في المائة.
وفي صلب الموضوع، أشار سعود العبد اللطيف، الذي يدير شركة «بوادر العقارية القابضة»، إلى أن مؤشرات السوق العقارية التي تنشر بشكل دوري تبين أن هناك ضعفا يلف قطاعاتها بشكل عام، بغض النظر عن بعض التحركات الفردية أو الصفقات الصغيرة التي تحدث – حاليا - بشكل متقطع، إذ إنها لا يمكن اعتبارها أو حسابها كحركة عامة للسوق، إذ إنها محرك بسيط في قطاع كبير يعمل بمليارات الريالات، ومن المفترض أن يكون أداؤه أضعاف حركته الحالية.
ولفت إلى أن الأحاديث التي تتناول انخفاضات الطلب المصاحب للقيمة تكاد تسيطر على حديث المجالس العقارية منذ فترة، خصوصا أن هناك نزولا متواصلا ونزيفا في الطلب يسجل مستويات جديدة بشكل أسبوعي، مشيرا إلى أن العاملين في القطاع العقاري يتعايشون بشكل فعلي مع ندرة الطلب ويحاولون الخروج من هذه الأزمة بأقل الأضرار. وأضاف «أظهر المؤشر العقاري انخفاضات متفاوتة في الأسعار تزعمها تراجع في أسعار الأراضي السكنية بنسب لا تقل عن 20 في المائة، تليها العمائر السكنية التي انخفضت لتلامس الـ10 في المائة، وآخرها فرع الفيلات الأقل تضررا خصوصا ذات الحجم الصغير الأكثر طلبا بنسبة 7 في المائة، موضحا أن هناك توجها حقيقيا لخفض في أسعار العقار نجحت الحكومة في تحقيقه عبر أمور مختلفة، أهمها فرض رسوم عقارية، المصدر الأكثر تضخما في القطاع العقاري، متوقعا أنه فور إعلان آلية دفع الرسوم ستشهد السوق انخفاضات جديدة ستغري الجميع على الشراء وسيتحرك القطاع، خصوصا أن المشكلة الأولى في السوق هي نقص السيولة والفجوة بين أسعار العرض وقدرة الطلب».
كما انخفضت مبيعات العقارات خلال الفترة نفسها من عام 2015 إلى 153.4 ألف عقار مبيعا، بنسبة انخفاض بلغت 14.7 في المائة، مقارنة بمبيعات الفترة نفسها من عام 2014 التي بلغت 179.8 ألف عقار مبيعا، وهو الحجم نفسه تقريبا من المبيعات للفترة من عام 2013. وجاءت ذات الانخفاضات بنسبٍ أكبر على مستوى مساحات العقارات المبيعة، حيث انخفضت مساحات العقارات المبيعة للفترة من عام 2015 إلى نحو 1.2 مليار متر مربع، مقارنة بمساحات العقارات المبيعة للفترة من عام 2014 التي تجاوزت ملياري متر مربع، أي أنها سجلت نسبة انخفاض قياسية وصلت إلى 40.1 في المائة.
وفي الاتجاه نفسه، أكد إبراهيم العبيد، الذي يمتلك شركة استشارات عقارية، أن هناك تركيبة غريبة تحدث في السوق سببت هذا الانخفاض، فلا المستهلك يرغب في الشراء بهذه الأسعار، ولا المستثمر يتنازل ويخفض قيمة العقار، وهذا بالضبط ما يحدث في السوق. وأضاف أن انتعاش السوق مربوط بمزيد من الانخفاض وتنازل المستثمر عن جزء من الأرباح، مما سيمكن الجميع من التملك، مما سيعكس ازدهارا في الحركة العقارية، سيستفيد منه الجميع بلا استثناء، وهذا هو السيناريو الوحيد لتصحيح حال السوق، وأن الأمور الأخرى التي يتحدث عنها معظم العقاريين؛ من ضرورة التوسع في القروض العقارية والدعم الحكومي المفترض لهم، ما هو إلا رماد يذرونه في أعين المشترين لاستبعاد فكرة انخفاض الأسعار، وهو أمر غير صحيح.
وتطرق العبيد إلى الانخفاض المفاجئ في الأسعار، حيث قال «هذا الانخفاض ليس جديدا بل إنه متوقع منذ فترة، حيث إن الأسواق العالمية تخضع لمعادلة العرض والطلب وهي التي تحدد الأسعار، وهو ما حاول بعض المستثمرين المحليين مقاومته حتى آخر رمق، وفشلوا في نهاية المطاف»، موضحا أن السوق الآن تستجيب للواقع الذي يفرض عليها النزول في القيمة نظرا لانخفاض الطلب إلى مستويات قياسية لم يفلح تداول العقار بين المستثمرين في التغطية عليه، لافتا إلى أن القطاع موعود بمزيد من الانخفاض، وأن الفقاعة العقارية بدأت تتلاشى؛ نظرا لوصول الأسعار في وقت ماض إلى مستويات كبيرة لا يستطيع معظم المواطنين مجاراتها أو التملك في ظلها.
يشار إلى أن أداء السوق العقارية المحلية استمر في الانكماش للشهر التاسع على التوالي، حيث بدأ الركود الفعلي منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2014 الماضي، وانعكست ظلاله على مختلف مؤشرات أداء السوق، وبدأ منذ مطلع الربع الثاني من العام الحالي في الانعكاس الفعلي على متوسطات أسعار العقارات.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».