رغم نفي وزير المالية العراقي هوشيار زيباري ما نسب إليه بشأن رهن احتياطي نفط محافظة البصرة مقابل الحصول على قروض من مؤسسات مالية عالمية، فإن تلك التصريحات أثارت موجة من النقد والجدل السياسي والاقتصادي بشأن المستقبل الاقتصادي للبلاد في ظل عدم توفر احتياطي مالي مع استمرار تدهور أسعار النفط.
وعد زيباري أن مثل هكذا تصريحات قد تؤثر على الاقتصاد العراقي داعيا في الوقت نفسه المسؤولين والنواب إلى تحري الدقة عن المعلومات قبل إطلاق التصريحات الإعلامية، وشن هجوم سياسي قد يربك العملية السياسية على حد قوله. وكانت وسائل إعلامية قد نشرت في وقت سابق عن وزير المالية قوله «اعتزام تدبير أموال طارئة من خلال مبيعات من الاحتياطي من نفط البصرة، وذلك من خلال نظام الدفع مقدما».
وقال وزير المالية في وقت سابق من هذا الشهر إن «العراق يدرس إصدار سندات بقيمة خمسة مليارات دولار من خلال مصرفي سيتي بنك ودويتشه بنك لمساعدته في تغطية العجز في الميزانية». مع ذلك فإن ما ورد على لسان زيباري برغم نفيه له عكس أزمة الثقة التي تحكم العلاقة بين أفراد الطبقة السياسية العراقية مثلما عكس عدم دقة الإجراءات الاقتصادية والسياسية في أسلوب معالجة أزمة السيولة المالية التي يعانيها العراق والتي تعود في جزء كبير منها إلى الفساد المالي والإداري الذي تعاني منه البلاد منذ عشر سنوات.
إدارة محافظة البصرة وعلى لسان محافظها ماجد النصراوي رفضت مقترح رهن احتياطي نفط البصرة وبيعه بالدفع بالأجل، وقال (النصراوي) وخلال مؤتمر صحافي إن «البصرة ترفض أي تحرك فعلي بشأن رهن احتياطي نفطها من أجل الخروج من الضائقة المالية، ما لم يقترن الأمر بشكل مسبق مع الحكومة المحلية والتشاور معها بشقيها التنفيذي والتشريعي»، داعيا إلى «إقرار قانون النفط والغاز من أجل تحديد المشاركة في مسؤوليات حكومتي المركز والمحلية».
من جانبه قال عضو لجنة النزاهة في البرلمان العراقي عن محافظة البصرة بهاء جمال الدين، إن «رهن احتياطي نفط البصرة من أجل الحصول على السيولة النقدية أمر خطير لأنه رهن مصير العراق نحو المجهول»، واصفا «مقترح رهن نفط البصرة بأنه عمل مخالف للدستور بحسب المادة 112 التي تشير إلى أن رسم السياسة النفطية يتم بالتشاور مع الحكومات المحلية وأن هذه الخطوة يرفضها البصريون نوابا وحكومة محلية».
وبينما يستمر السجال حول إمكانية رهن احتياطي نفط البصرة لإنقاذ البلاد من أزمتها المالية وهي تواجه حربا ضد تنظيم داعش فقد دخل البنك المركزي العراقي بقوة على خط دعم العملة والحد من تدهورها وذلك من خلال ما يملكه من احتياطي بالعملة الصعبة يربو على الـ68 مليار دولار. وأعلن محافظ البنك المركزي علي العلاق عن اتخاذ الحكومة سلسلة إجراءات تهدف إلى الحد من الارتفاع الكبير في أسعار صرف الدولار مقابل الدينار خلال الفترة الماضية، مبررا زيادة الطلب على الدولار «بسبب حجم الاستيرادات الكبيرة، وهجرة رؤوس الأموال، وحتى القطاع الخاص أصبح يستثمر في بلدان أخرى». ونفى فرضية إفلاس الدولة العراقية، قائلا إن «العراق دولة نفطية تصدر حاليًا أكثر من 3 ملايين برميل، ونملك احتياطيا نقديا من العملة الأجنبية في البنك 68 مليار دولار».
الخبير الاقتصادي باسم بطرس أكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يمر به الاقتصاد العراقي الآن من هزات يتمثل بارتفاع الدولار وهبوط الدينار، وبصرف النظر عن الإجراءات الخاصة بالمعالجة، فإنما هي تمثل الحالة التي تعانيها الدول الريعية عندما ترتفع وارداتها ولم تخلق تنوعا من مصادر أخرى زراعية أو صناعية أو غيرها، وذلك بعدم التفكير بالأيام المقبلة»، مشيرا إلى أن «ذلك يعود إلى الإدارة العشوائية للاقتصاد العراقي؛ حيث إن غالبية الملفات الاقتصادية يديرها سياسيون وليسوا متخصصين في الاقتصاد».
عدم تخصص السياسيين بالملفات التي يترأسونها بالإضافة إلى مافيات الفساد المالي التي عبثت طوال السنوات العشر المنصرمة هي التي أدت في النهاية إلى إفلاس الخزينة ومن ثم التفكير في بيع النفط مقدما كجزء من حلول تراها لجنة النزاهة البرلمانية ناقصة ما لم تتم محاربة الفساد المالي طبقا لما يراه رئيس اللجنة طلال الزوبعي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» حيث قال: إن «العراق ليس بلدا مفلسا لكن المشكلة هي إنه لا توجد إدارة رشيدة في الحكم الأمر الذي أدى إلى هذا التدهور الذي يعانيه الاقتصاد» معلنا عن «إحالة العشرات من ملفات الفساد إلى هيئة النزاهة وفي كل الميادين من أجل محاسبة من تسبب بإفلاس العراق وجعله على حافة الهاوية».
إفلاس الخزينة العراقية يثير جدلاً سياسيًا حول رهن نفط الجنوب
النزاهة البرلمانية: الفساد المالي وعدم محاسبة المفسدين قادا البلد إلى الهاوية
إفلاس الخزينة العراقية يثير جدلاً سياسيًا حول رهن نفط الجنوب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة