ارتفاع ضحايا كوباني إلى 146 شخصًا.. والأكراد يحاصرون «داعش» في 3 مبان بالمدينة

تعد ثاني أكبر مجزرة للتنظيم في سوريا.. واحتدام معارك الحسكة

صورة وزعها تنظيم «داعش» لبعض قواته وهي تقصف أهدافاً في محيط مدينة الحسكة بشمال شرق سوريا (أ.ب)
صورة وزعها تنظيم «داعش» لبعض قواته وهي تقصف أهدافاً في محيط مدينة الحسكة بشمال شرق سوريا (أ.ب)
TT

ارتفاع ضحايا كوباني إلى 146 شخصًا.. والأكراد يحاصرون «داعش» في 3 مبان بالمدينة

صورة وزعها تنظيم «داعش» لبعض قواته وهي تقصف أهدافاً في محيط مدينة الحسكة بشمال شرق سوريا (أ.ب)
صورة وزعها تنظيم «داعش» لبعض قواته وهي تقصف أهدافاً في محيط مدينة الحسكة بشمال شرق سوريا (أ.ب)

ارتفع عدد القتلى في مدينة عين العرب (كوباني) السورية الحدودية مع تركيا، الواقعة في أقصى شمال شرقي محافظة حلب، على أيدي تنظيم داعش إلى 146 شخصًا، وذلك منذ شن التنظيم المتطرف هجومه المفاجئ الخميس على المدينة، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، ومن ناحية ثانية، احتدمت يوم أمس الاشتباكات بين مقاتلي «داعش» من جهة و«وحدات حماية الشعب» وقوات «الأسايش» الكردية من جهة أخرى.
وأوضح ريدور خليل الناطق باسم «وحدات حماية الشعب» أن الاشتباكات بين الطرفين تنحصر بشكل أساسي في 3 مبان، بعدما تم تمشيط المنطقة ومحاصرة مقاتلي «داعش» بداخلها.
وحسب التقارير المتوافرة، تقتصر المواجهات خارج المدينة ذات الغالبية السكانية الكردية، على منطقة الشيوخ، حيث حاول التنظيم التسلسل إلى «عين العرب»، ونجح المسلحون الأكراد في التصدي له. وتوقّع خليل في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن يعود الوضع في «عين العرب» إلى ما كان عليه قبل هجوم «داعش» الأخير خلال ساعات قليلة، مرجّحًا ارتفاع عدد القتلى نتيجة وجود عدد كبير من المدنيين داخل المباني التي يتمركز فيها مسلحو التنظيم.
كذلك أشار خليل إلى احتمال أن يكون المسلحون قد قتلوهم، وتحدث عن انتشار بعض الجثث في أماكن يصعب الوصول إليها.
ورأى الناطق باسم «وحدات حماية الشعب» الكردية أن «(داعش) أراد من الهجوم الأخير أن يوجّه رسالة إلى الأكراد، فعمد إلى قتل المدنيين وارتكاب المجازر بحق النساء والأطفال الذين لا يملكون وسيلة للدفاع عن أنفسهم، فيما يصعب على طائرات التحالف تقديم المساعدة العسكرية جوا نظرا إلى وجود مقاتلي التنظيم بين الأحياء المدنية».
من جهته، قال رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد»، إن «داعش» إنما «أراد إيصال رسالة للعالم تثبت وجوده»، فارتكب مجزرة في عين العرب، فقتل أكثر من 146 مدنيًا في المدينة وريفها، وأردف أن هناك أكثر من 200 جريح ومعلومات عن عشرات آخرين من القتلى والجرحى. ولقد وصف «المرصد» الهجوم على «عين العرب» بـ«ثاني أكبر مذبحة يرتكبها تنظيم داعش بحق المدنيين بعد مجزرة عشيرة الشعيطات التي أعدم فيها التنظيم أكثر من 930 من أبنائها بريف دير الزور الشرقي».
وقال عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية للأنباء إنه استنادا إلى مصادر طبية وسكان من المدينة قتل 120 مدنيا على يد التنظيم، إما إعداما داخل منازلهم أو بقذائفه أو برصاص قناصته، وأكد «العثور على جثث مدنيين بينهم نساء وأطفال مصابين بالرصاص في منازل وعدد كبير منهم في الشوارع»، متهما التنظيم بارتكاب «مجازر» في المدينة. ما يستحق الذكر، أنه يضاف إلى هذه الحصيلة مقتل 26 مدنيًا أعدمهم «داعش» عندما هاجم الخميس ضاحية برخ بوتان، جنوب مدينة عين العرب، في محافظة حلب.
وأشار عبد الرحمن إلى أن مقاتلي التنظيم تمركزوا في الأبنية الواقعة عند المدخل الجنوبي الشرقي والجنوبي الغربي لعين العرب «حيث أطلقوا النار على كل شيء يتحرك.. لقد دخلوا المدينة بنية القتل. جاءوا بغاية القتل والمس بمعنويات الأكراد». وأضاف أن «التنظيم يعرف تماما أنهم لن يتمكنوا من البقاء والسيطرة على المدينة في مواجهة العدد الكبير لوحدات الحماية الكردية».
وعن وضع أهالي عين العرب (كوباني) التي تجاوز عدد القاطنين فيها الـ400 ألف شخصًا، وفق خليل، لا سيما أن مئات العائلات كانت قد عادت إلى المنطقة إثر سيطرة الأكراد عليها وطرد «داعش» منها في نهاية شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، أشار الناطق باسم الوحدات إلى تسجيل بعض حالات النزوح من المدينة إثر تنفيذ «داعش» التفجيرين يوم الخميس.
وأوضح أن «العدد الأكبر من العائلات لا يزال في المدينة، بينما نقل عدد من الجرحى إلى المستشفيات في تركيا، وإن بصعوبة»، متهمًا السلطات التركية بأنها لم تقدم التسهيلات اللازمة لهم. وتجدر الإشارة إلى التنظيم المتطرف كان قد شن هجومًا مباغتًا يوم أول من أمس الخميس على عين العرب حيث نفّذ ثلاثة تفجيرات انتحارية، وتمكّن من دخولها بعد بضعة أشهر على هزيمته فيها وطرده منها.
في هذه الأثناء، احتدمت الاشتباكات بين «داعش» وقوات النظام في مدينة الحسكة، عاصمة المحافظة التي تحمل اسمها، الذي كان مسلحو التنظيم قد دخلوا بعض أحيائها، أول من أمس، في ظل تسجيل تراجع محدود لقوات النظام إلى منطقة الوسط وتقدم بطيء للتنظيم باتجاه تلال النشوة الشرقية وصوب المرتفعات الاستراتيجية، وفق ما قال مصدر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط».
ووفق «شبكة الدُّرر الشامية» نقلاً عن مصادر ميدانية، فإن اشتباكات عنيفة وقعت بين قوات النظام ومقاتلي «داعش»، أدت إلى سيطرة التنظيم على السجن المركزي في جنوب المدينة، مساء الخميس، وترافق ذلك مع قصف مدفعي استهدف محيط المنطقة من قِبَل مدفعية النظام في الفوج 123. ولفتت المصادر إلى قيام مجموعة من ميليشيات الدفاع الوطني، الفرع الأول، بتسليم أنفسهم لعناصر «داعش» في محيط السجن، وبذا يكون التنظيم قد أحكم سيطرته على ما يقارب 50 في المائة من حي غويران الغربي، بالتزامن مع الاشتباكات والقصف داخل الحسكة وأطرافها من عدة محاور. ووسط هذا الوضع، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن الهجوم الذي شنه «داعش» على مدينة الحسكة، أسفر عن تهجير 60 ألف شخص من منازلهم. وفصّل تقرير للمكتب أن «التقدم الذي أحرزه التنظيم في المدينة يوم أول من أمس الخميس أدى إلى نزوح 60 ألف شخص من الأكراد والعرب، وأن «ألفي مدني لا يزالون عالقين» في الأحياء التي شهدت معارك.
كذلك جاء في تقرير المكتب أن «50 ألف شخص منهم نزح إلى أحياء أخرى داخل المدينة، في حين انتقل نحو عشرة آلاف شخص نحو مدينة عامودا» التي تبعد 80 كلم شمال المدينة على الحدود مع تركيا.
ويقدر عدد سكان مدينة الحسكة بنحو 300 ألف من العرب والأكراد. وكان مقاتلو التنظيم المتطرف قد دخل ليل الأربعاء الخميس المدينة حيث سيطروا على حيي النشوة والشريعة في جنوبها، إثر اشتباكات عنيفة مع قوات النظام، حسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وتابع تقرير الأمم المتحدة أنه «في حال استمرار تدهور الوضع الأمني، يتوقع أن يحاول أكثر من 200 ألف شخص الهروب من الحسكة خلال الساعات أو الأيام المقبلة، على الأرجح، نحو عامودا أو مدينة القامشلي، التي تقع أيضا على الحدود مع تركيا».
وفي وقت لاحق من يوم أمس، أعلنت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) عن وقوع ضحايا نتيجة تفجير شاحنة مفخخة عند مبنى الأمن الجنائي في الحسكة، في حين أعلن «داعش» عبر «تويتر» أنه أفرج عن السجناء من سجن المدينة.
وبالتزامن، دعا عمران الزعبي وزير إعلام النظام، كل رجل وكل امرأة شابة وكل رجل شاب قادر على حمل السلاح إلى التحرك على الفور والانضمام إلى المواقع الأمامية على الجبهة للدفاع عن الحسكة.
وقال إن مقاتلي التنظيم فجروا قنابل دمرت جزءا من مبنى أمني في المدينة وقتلت عددا من الأشخاص. وأضاف: «الجيش يواجه (عدوانا إرهابيا) لم يسبق له مثيل»، مشيرا إلى هجمات ضد قوات الحكومة السورية في الحسكة وأماكن أخرى في أنحاء سوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.