رفضت الرباط اتهامات وجهت إليها من قبل إيران تتعلق بسياستها الخارجية، وعدتها «مدانة وغير مقبولة»، وذلك ردًا على تقرير نشرته وكالة أنباء «فارس» الإيرانية قبل أيام بعنوان «المغرب أسير السياسات الصهيونية»، تضمن انتقادات حادة لتوجهات السياسة الخارجية للبلاد، وصلت إلى حد اعتباره «منفذًا لأجندات سياسية صهيونية».
وأعرب مصطفى الخلفي، وزير الاتصال (الإعلام) الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية عن رفضه المطلق لأي إساءة لبلاده، وقال إننا «نرفض أي إساءة لبلادنا رفضًا مطلقًا»، مشيرًا إلى أن أي «إساءات لبلادنا كيفما كانت نياتها مرفوضة، ومدانة وغير مقبولة».
وأوضح الخلفي، الذي كان يتحدث، مساء أول من أمس، في اللقاء الصحافي الأسبوعي الذي أعقب اجتماع الحكومة، أن «المغرب بلد حر لا يتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وأن المملكة المغربية دولة مستقلة وتمارس سيادتها وفقًا للمقتضيات الدستورية».
وبشأن طبيعة الرد الذي يرتقب أن يتخذه المغرب ضد الاتهامات الإيرانية، قال الخلفي إن «هذه الحالة ستجري دراستها، ودراسة الجوانب المرتبطة بها»، مشيرًا إلى أن الحكومة المغربية «ستعلن عن أي جديد يتعلق بها».
في غضون ذلك، اتصلت «الشرق الأوسط» بسفارة إيران في الرباط للتعليق على موضوع الاتهامات، بيد أن مصدرًا في السفارة ذكر أن السفير محمد تقي مؤيد وحده المخول له التعليق عن هذا الموضوع، لكنه يوجد حاليًا في إيران.
وتأتي هذه الاتهامات بعد أيام قليلة من استقبال العاهل المغربي الملك محمد السادس الجمعة الماضية عددًا من السفراء، بينهم السفير الإيراني. وكانت الرباط قد قررت العام الماضي إعادة ربط علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، بعد قطيعة دامت 6 سنوات منذ مارس (آذار) 2009، وذلك على خلفية موقف المغرب المتضامن مع البحرين بعد تصريحات مسؤولين إيرانيين اعتبروا فيها البحرين المحافظة الـ14 لإيران، بالإضافة إلى قلق الرباط من تنامي المد الشيعي في مدن مغربية عدة بدعم من سفارة إيران.
ولإظهار حسن النيات زار وفد برلماني مغربي طهران في فبراير (شباط) من العام الماضي، تلبية لدعوة مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) الإيراني للمشاركة في أشغال المؤتمر التاسع لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وهي الزيارة التي كانت قد تزامنت مع تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإيران، عقب مكالمة هاتفية جرت بين وزيري خارجية البلدين صلاح الدين مزوار ومحمد جواد ظريف.
ولتحليل طبيعة العلاقة بين الرباط وطهران، قال تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد الخامس لـ«الشرق الأوسط»، إن الموقف الإيراني «يبقى دائمًا مثيرًا للجدل». فبعد قطيعة في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ 2009، ظهرت بوادر انفراج أولى على مستوى وزيري خارجية البلدين، وكان من بين مظاهر هذا الانفراج، يضيف الحسيني، أن الوزير ظريف «أقر بأن إيران تحترم احترامًا كبيرًا أسس النظام المغربي وتكن له التقدير، وانطلاقًا من هذا المبدأ اتفق الطرفان على أن بناء العلاقات السياسية الجديدة بينهما ينبغي أن يكون مرتكزًا على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للطرفين».
وأوضح الحسيني أن إيران كانت هي التي بادرت إلى إرسال سفير لها إلى المغرب، إلا أن هذا الموقف الجديد من شأنه أن «يلبد مجددًا سماء العلاقات بين البلدين وقد يؤدي إلى قطيعة جديدة»، بحسب رأيه.
وردًا على سؤال بشأن ما إذا كانت اتهامات إيران للمغرب لها علاقة بمشاركته في «عاصفة الحزم»، قال الحسيني إن المغرب شارك في التحالف العربي بفعالية إلى جانب السعودية، مشيرًا إلى أن «إيران كانت تسعى للهيمنة على اليمن، باعتباره منفذًا حقيقًًا نحو الخليج عن طريق دعمها للحوثيين، وهم من الشيعة».
وأوضح الحسيني أن من بين المؤشرات المركزية في ضبط علاقة إيران مع دول المنطقة والمغرب، هي طبيعة التعامل مع الجالية الشيعية في تلك الدول، مشيرًا في هذا الصدد إلى أن قطع المغرب علاقته مع إيران لم يكن بسبب تضامنه مع البحرين فقط، بل أيضًا بسبب موقف السفارة الإيرانية في الرباط من الجالية الشيعية، ونشرها المذهب الشيعي في بعض المدن مثل الدار البيضاء وطنجة، وحتى بين المغاربة في أوروبا لا سيما هولندا وبلجيكا.
وقال الحسيني إن إيران تعطي أهمية استثنائية لنشر المذهب الشيعي في مناطق نفوذها التي أصبحت تتوسع من خلال «حزب الله» في لبنان وحركة حماس في فلسطين، والحوثيين في اليمن. وخلص الحسيني إلى القول إن «إيران تعتبر أن لديها نوعًا من الوصاية على هذه الجماعات الشيعية في بلدان المنطقة، وكل مساس بهذه الجاليات تعده مظهرًا من مظاهر العدوان عليها».
توتر بين الرباط وطهران بعد بوادر انفراج في علاقات البلدين
المغرب يرفض اتهامات إيران بشأن سياسته الخارجية
توتر بين الرباط وطهران بعد بوادر انفراج في علاقات البلدين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة