غياب التنسيق بين 3 تشكيلات معارضة جنوب سوريا أفشل السيطرة على درعا

درعا تضم أكثر من مائة تشكيل عسكري معارض غالبيتهم من أبناء المنطقة

غياب التنسيق بين 3 تشكيلات معارضة جنوب سوريا أفشل السيطرة على درعا
TT

غياب التنسيق بين 3 تشكيلات معارضة جنوب سوريا أفشل السيطرة على درعا

غياب التنسيق بين 3 تشكيلات معارضة جنوب سوريا أفشل السيطرة على درعا

تضاعف عدد التجمعات العسكرية المعارضة في جنوب سوريا خلال اليومين الماضيين، إلى «ثلاثة جيوش» تتصارع فيما بينها، وتتوزع على جغرافيا صغيرة، وأدت إلى فصل مقاتلي «الجيش السوري الحر» عن المقاتلين الإسلاميين، المعتدلين أو المتشددين، فيما يتفرغ «جيش الحرمون» لاستكمال عملياته في ريف القنيطرة الشمالي.
وبرزت آخر تلك الصراعات، في بيان أصدره «الجيش الأول» في المنطقة الجنوبية، أكد فيه رفضه التعاون مع «جيش الفتح» أو العمل معه، وذلك بعد يومين على الإعلان عن «جيش الفتح» الذي يضم فصائل إسلامية معتدلة ومتشددة في ريف درعا.
وقال «الجيش الأول» في البيان، إنه «يؤكد التزامه بالجبهة الجنوبية، وإن فصائل الجيش الحر في الجبهة الجنوبية هي صاحبة الإنجازات الأكبر، ونؤكد أيضا عدم العمل أو التعاون مع (جيش الفتح)».
و«جيش الفتح»، يضم فصائل: «حركة أحرار الشام» و«جبهة النصرة» و«تحالف فتح الشام» و«لواء إحياء الجهاد»، و«تجمع مجاهدي نوى»، و«لواء أسود التوحيد»، و«لواء أنصار الحق»، و«لواء العمرين الإسلامي».
وبقيت خلفيات تنصل «الجيش الأول» الذي تشكل قبل 4 أشهر، من العمل مع «جيش الفتح»، مجهولة بالنسبة إلى كثيرين في الجبهة الجنوبية، علمًا بأن بعض فصائل «جيش الفتح» كانت تقاتل إلى جانب «الجيش الأول» وتدعمه في معارك كثيرة، أهمها معركة السيطرة على معبر نصيب الحدودي مع الأردن، وقبل انسحاب «جبهة النصرة» من المعبر، إضافة إلى معركة السيطرة على بصرى الشام، والمؤازرة في معركة صد هجوم القوات الحكومية في بصرى الحرير الشهر الماضي.
وقالت مصادر بارزة في الجبهة الجنوبية لـ«الشرق الأوسط»، إن الجيوش الثلاثة في الجنوب، وهي «جيش الحرمون» و«الجيش الأول»، و«جيش الفتح»، «لا تجتمع على معركة، ولا تنسيق أبدًا بينها»، مشيرة إلى أن الصراعات وغياب التنسيق العسكري «أفشل منذ ثلاث سنوات السيطرة على كامل محافظة درعا».
ويقول ناشطون إن درعا تضم أكثر من مائة تشكيل عسكري معارض. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الصراعات بين الفصائل المتعددة «ضعضعت جهود مقاتلي المعارضة في الجنوب، وخففت من حركتهم وإنجازاتهم، لأنهم تفرقوا»، مشيرة إلى أن «(جيش الحرمون) اليوم يواصل معاركه منفردًا، في قطاع القنيطرة وريفها، وقد تمكن من تحقيق إنجازات تمثلت في السيطرة على حواجز»، كما أن «(جيش الفتح) أحرز تقدمًا طفيفًا عبر السيطرة على حاجز»، لكنها أشارت إلى أن «تشتيت القوى، وإن لم يصل بعد إلى مستوى التناحر بينها، منعها من محاصرة مدينة مثلاً، مما يعني أن تحقيق نقلة نوعية في المدن الباقية في درعا، مستحيل حتى الآن».
وكانت الخلافات برزت على السطح عقب السيطرة على معبر نصيب، حيث شكلت «جبهة النصرة» و«أحرار الشام» غرفة عمليات خاصة، في مقابل غرفة عمليات أخرى جمعت ألوية «العمري» و«أسود السنة» و«اليرموك»، و«التوحيد»، و«أبابيل حوران».
ويقول مؤيدون للتنظيمات الإسلامية إن «جماعات من المفسدين يحاولون بسط سيطرتهم في المنطقة، بينهم مقالون تابعون لجمال معروف (جبهة ثوار سوريا التي أنهتها «النصرة» في الشمال)»، في مقابل تأكيد مقاتلين من الجيش السوري الحر، على أن «الإسلاميين دخلاء، ولم يكن لهم أي دور محوري، خصوصًا في معارك ريف درعا الشرقي»، بحسب ما قال مصدر في الجيش السوري الحر في درعا لـ«الشرق الأوسط». واتهم الفصائل الإسلامية، التي كان لها دور بارز في القتال منذ شهر مارس (آذار) الماضي، بأنها «وجهت المعارك نحو مصالحها، واضطرتنا لمواكبتها رغم عدم اقتناعنا بجدوى تلك المعارك، ولكننا شاركنا بهدف درء الفتن ومنع الاقتتال الداخلي».
وقال المصدر: «نحن هنا أولاد البلد، وحررنا القسم الأكبر من المناطق، من دون مشاركة (جبهة النصرة) التي زرع بعض قيادييها الأجانب الشقاق بين الفصائل، واستطعنا أن نتجاوز تلك المشكلات بعد الاحتكام إلى دار العدل في حوران». وأشار إلى أن «مقاتلي (النصرة) قليلون هنا، ولا يتجاوز عددهم الألفي عنصر، بينما يتخطى عدد مقاتلي الجيش الحر الثلاثين ألف مقاتل، ونتحدر جميعًا من المنطقة، مما يعطينا الأهلية لتقرير مسارات المعركة بحسب الأهمية».
ويمتد «جيش الحرمون» من الغوطة الغربية لدمشق، وصولاً إلى القنيطرة، بينما ينشط «الجيش الأول» في قطاع الصنمين وشمال درعا وريفها الشرقي، أما «جيش الفتح»، فيتوزع في الريف الغربي لدرعا بشكل أساسي.
ودعا «جيش الفتح» في بيان تأسيسه أول من أمس، المقاتلين للانضمام إليه، معتبرًا أن «أرض الشام اليوم أحوج ما تكون إلى اجتماع كلمة المجاهدين وتوحيد صفوفهم»، داعيًا للسعي «لجمع كلمتهم وتوحيد صفوفهم واستجابة لأوامر الله تعالى ونصرة للمستضعفين، وإيمانًا منا أن توحيد الجهود العسكرية ورص الصفوف للجهاد في سبيل الله، هو من أوجب الواجبات».
وفي ظل تلك النزاعات، برز دخول تنظيم «داعش» على خط النزاعات الداخلية، كان آخرها أول من أمس، حيث أفاد ناشطون «بمقتل المسؤول العسكري لـ(حركة أحرار الشام) في بلدة تسيل في درعا، شادي أبو زريق، الملقب (أبو مالك)، إثر اشتباكات مع (لواء شهداء اليرموك) المرتبط بـ(داعش) في ريف درعا الغربي».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».