خلافات مبكرة بين عباس وحماس حول شكل الحكومة الجديدة وبرنامجها

أبو مازن يريدها فصائلية وتعترف بإسرائيل والاتفاقات.. والحركة الإسلامية عدتها فتحاوية

محمود عباس
محمود عباس
TT

خلافات مبكرة بين عباس وحماس حول شكل الحكومة الجديدة وبرنامجها

محمود عباس
محمود عباس

قالت مصادر فلسطينية مطلعة، إن تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة سيخضع لمشاورات مع جميع ألوان الطيف الفلسطيني بما فيها حماس، لكن من دون أن تشمل أعضاء معروفين بمعارضتهم الاتفاقات الدولية.
وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «ستجرى مشاورات مع حماس لكن إذا لم تستجب فلكل حادث حديث».
ولمحت المصادر إلى إمكانية الاعتماد على حكومة من فصائل منظمة التحرير فقط، إذا عطلت حماس تشكيل حكومة جديدة.
ويتوقع أن يكون رئيس الوزراء رامي الحمد الله قدم استقالته في وقت متأخر من مساء أمس، في اجتماع خاص للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وتكلف ثانية بتشكيل حكومة جديدة، أو أن يكون قد تم الاتفاق على تقديمه استقالته لاحقا، وفق اتفاق بينه وبين الرئيس محمود عباس الأربعاء الماضي.
وينتظر أن تتشكل الحكومة الجديدة من وزراء تابعين للفصائل الفلسطينية، وليسوا مستقلين كما جرت عليه العادة في السنوات الماضية، بعدما فشلت حكومة الوفاق الحالية في تأدية مهامها، وسط خلافات بين الوزراء والحمد الله، واستقالات تركت فراغات في العمل الحكومي، وتزايد الغضب الفصائلي والشعبي على أداء الحكومة.
وقال مسؤولون فلسطينيون لـ«الشرق الأوسط»، إن تشكيل حكومة فصائل يستهدف الحصول على دعم الفصائل الفلسطينية لتسهيل مهمة الحكومة بعد أن فشل المستقلون إلى حد ما.
ويسعى عباس كما يبدو، إلى تشكيل حكومة قوية في ظل ما يتردد عن احتمال استئناف المفاوضات أو الذهاب إلى مواجهة أوسع مع إسرائيل.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، أمس، في بيان، إن إلزام الحكومة الإسرائيلية بوقف النشاطات الاستيطانية، بما يشمل القدس الشرقية المحتلة والإفراج عن الأسرى، خاصة الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل أوسلو، وقبول مبدأ الدولتين على حدود 1967، هو المدخل الوحيد لعملية سلام ذات مصداقية تحت رعاية ومظلة مؤتمر دولي، تشارك فيه الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وجامعة الدول العربية، ومن يرغب من الدول العربية والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى أعضاء «البركس» (جنوب أفريقيا والبرازيل والهند)، وضمن سقف زمني محدد للمفاوضات والتنفيذ، مؤكدا في المقابل أن منظمة التحرير سوف تكثف مساعيها لدى كل المؤسسات الدولية ذات العلاقة، بما فيها المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن ومواثيق جنيف لعام 1949، ومجلس حقوق الإنسان.
وكانت حكومة التوافق قد تشكلت في الثاني من يونيو (حزيران) 2014، بموجب اتفاق تم توقيعه بتاريخ 23 أبريل (نيسان) 2014 في غزة لإنهاء الانقسام الفلسطيني، وينص على أن تجهز الحكومة لانتخابات عامة وتشرف على إعادة إعمار القطاع.
لكن الخلافات الطاحنة بين الحكومة وحركة حماس حالت دون تطبيق أي من الاتفاقات.
ولأشهر طويلة تبادلت حكومة التوافق وحماس الاتهامات بشأن تمكين الحكومة من العمل في قطاع غزة. ومجددا برزت خلافات مبكرة بين السلطة وحماس بشأن الحكومة الجديدة، بعد تصريحات لوزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أكد فيها أن حركة حماس لن تشارك في حكومة الوحدة المقبلة، لأنها ستضم فقط أعضاء يعترفون بإسرائيل ويؤيدون مبادئ الرباعية الدولية.
وقال فابيوس في إسرائيل، إن عباس أبلغه خلال لقائهما في رام الله، أن حماس لن تشارك في حكومة الوحدة التي ينوي تشكيلها، لأنها لن تضم أطرافا لا يعترفون بإسرائيل ولا يؤيدون مبادئ الرباعية الدولية.
وقال الوزير الفرنسي: «الرئيس عباس أبلغني أنه يحاول تشكيل حكومة وحدة وطنية (...) لقد أوضح لي أن هذه الحكومة لن تضم إلا أشخاصا يعترفون بإسرائيل ويوافقون على مبادئ الرباعية الدولية للشرق الأوسط (الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة)، مما يعني أن حماس لن تشارك فيها». وأضاف فابيوس: «هذا الأمر يلائمنا بالكامل».
وردت حماس على ذلك فورا بإعلان رفضها توجهات عباس هذه. وأصدر الناطق باسمها، سامي أبو زهري، بيانا أكد فيه رفض الحركة التزام الحكومة بأي برنامج سياسي غير متوافق عليه. وقال أبو زهري في تصريح تلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه: «إن أي حكومة فلسطينية تلتزم بشروط الرباعية أو أي برامج سياسية غير توافقية يعني أنها ستكون حكومة فتح فقط، ولا علاقة لها باتفاق المصالحة».
وأضاف: «إن قيادة فتح تتحمل المسؤولية عن التداعيات المترتبة على التنكر لاتفاق المصالحة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».