شهدت العاصمة اليونانية أثينا أمس الأحد اجتماعات ولقاءات ماراثونية بين رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس وكبار الوزراء والمقربين من حزب تحالف اليسار الراديكالي وكبار الشخصيات في البلاد، ودار النقاش على نطاق واسع في إطار خطة عمل الحكومة تجاه مجموعة اليورو والقمة الحاسمة المرتقبة مساء اليوم (الاثنين) لقادة منطقة دول اليورو، فيما تم عقد اجتماع حكومي برئاسة تسيبراس لوضع اللمسات الأخيرة على ما سوف يعلنه رئيس الوزراء للقادة الأوروبيين.
وأجري تسيبراس اتصالات هاتفية مع كل من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، ووفقا لقرص ماكسيمو مقر رئاسة الوزراء اليوناني فإن تسيبراس قدم للزعماء الثلاثة مقترحات الجانب اليوناني للتوصل إلى اتفاق يتيح حل المشكلة برمتها وليس حلا وقتيا للأزمة.
وذكرت مصادر رسمية أن رئيس الوزراء اقترح على القادة الثلاثة اتفاقا يحقق المنفعة المتبادلة التي من شأنها توفير حل نهائي وليس تأجيل معالجة المشكلة، بالإشارة إلى أن طوال عطلة نهاية الأسبوع، هناك اتصالات مستمرة بين كبار المسؤولين الأوروبيين قبيل الاجتماع المهم لوزراء المالية والذي يعقبه قمة زعماء منطقة اليورو.
ويهيمن التفاؤل هنا في اليونان على أعضاء الحكومة ورئيس الوزراء نفسه، للتوصل إلى اتفاق، فيما غادر أول من أمس نائب رئيس الحكومة برفقة أحد الوزراء إلى بروكسل استعدادا لتقديم المطالب اليونانية في الاجتماعات، وأعلن تسيبراس أنه واثق من التوصل في القمة الأوروبية إلى اتفاق من شأنه أن ينقذ البلاد من الخروج من منطقة اليورو، كما ستشهد الساعات المقبلة اتصالات مهمة بين الجانب اليوناني والشركاء الأوروبيين لحلحلة الأزمة.
من جانبه يعكف وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس على استغلال اللحظات الأخيرة من المفاوضات بشأن مأزق بلاده من خلال فرض ضغوط على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل معتبرًا أنها تقف أمام خيار حاسم في القمة الأوروبية الطارئة المخصصة للأزمة اليونانية، حيث مطلوب من أثينا أن تقدم اقتراحات جديدة للتوصل إلى اتفاق.
ووفقا للمصادر فإن المسؤولون الأوروبيون يؤكدون أن الكرة الآن في ملعب أثينا، لكن فاروفاكيس دعا من جهته المستشارة الألمانية إلى تحمل مسؤولياتها، وقال فاروفاكيس بأن ميركل تستطيع التوصل إلى اتفاق مشرف مع حكومة رفضت برنامج الإنقاذ وتتطلع إلى حل تفاوضي، أو الخضوع لصفارات الإنذار (التي تطلقها) حكومتها والتي تشجعها على التخلي عن الحكومة اليونانية الوحيدة الوفية لمبادئها والتي يمكنها أن تقود الشعب اليوناني على طريق الإصلاح
وتضع الحكومة اليونانية استراتيجيتها حيال دائنيها (الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي) استعدادا للقمة الأوروبية الحاسمة لتفادي وصول البلاد إلى حالة تخلف عن السداد غير مسبوق في منطقة اليورو، وربما يتخذ اجتماع الحكومة اليونانية القرارات الأخيرة بين التنازلات الإضافية التي ستكون حكومة اليسار الراديكالي مستعدة لتقديمها وإجراءات التوفير في الموازنة التي ترفضها. وبمرور الوقت يضيق هامش التوصل إلى اتفاق لدفع قسم حيوي من المساعدة قيمته 7.2 مليار يورو في 30 يونيو (حزيران) قد تعجز اليونان التي تفتقر إلى الأموال، عن تسديد مبلغ 1.6 مليار يورو لصندوق النقد وتسارعت وتيرة سحب الودائع الأسبوع الماضي ما جعل النظام المصرفي يواجه وضعا صعبا.
وحذر مسؤولون أوروبيون بينهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من أن اجتماع رؤساء الدول أو الحكومات في دول منطقة اليورو مساء الاثنين في بروكسل سيكون من دون جدوى في غياب مقترحات جديدة من اليونان ترضي الدائنين.
وحتى أمس الأحد تتمسك اليونان بموقفها حول عدة نقاط حسبما قال وزير الدولة نيكوس باباس أحد كبار المفاوضين «إعادة تطبيق قانون العمل ولا خفض في رواتب التقاعد والأجور وخطة استراتيجية شاملة حول مشكلة الدين»، لكن الحكومة اليونانية قد تكون مستعدة لإجراء تعديلات كما قال وزير الدولة اليكوس فلامبوراريس القريب من ألكسيس تسيبراس، مشيرا إلى تسريع إلغاء التقاعد المبكر وخفض أحد المستويات الضريبية المفروضة على الشركات، وقال: «سنحاول إتمام اقتراحنا لنقترب من حل» مقابل «شرطين أساسيين» هما «موازنة أكثر مرونة» و«إعادة هيكلة الديون». وأضاف وزير الدولة اليوناني باباس «على الاتفاق أن يتضمن بنودا وفترات تسمح بإعادة الثقة. لا يمكن أن تكون مدته قصيرة ويبقي على الغموض» في إشارة إلى تخوف الحكومة من أن يقترح عليها اتفاقا مؤقتا مع دفع جزء من الأموال لتخطي استحقاق 30 يونيو مع تمديد خطة المساعدة يتبعه مفاوضات جديدة شاقة.
ورأى باباس أن مواصلة تقديم صندوق النقد مساعدة مالية لليونان إلى جانب الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي أمر غير مرغوب بسبب «الهدف الأحادي للمؤسسة التي مقرها في واشنطن والذي ليس أوروبيا على الإطلاق».
وتعتبر حكومة ألكسيس تسيبراس أنها قدمت حتى الآن عددًا كبيرًا من التنازلات وطرحت مجموعة متكاملة من المقترحات التي تجمع بين خفض الإنفاق وارتفاع العائدات والإصلاحات البنيوية، لكن أحد المقربين من رئيس الوزراء لم يستبعد إجراء مزيد من التعديلات بعد أسبوع على قيام المدخرين اليونانيين بتسريع سحوباتهم المصرفية.
من جهة أخرى، أوضح وزير المالية الفرنسي، ميشال سابان أن خروج اليونان من منطقة اليورو سيكون كارثة بالنسبة لأثينا، وأنه يجب بذل كل الجهود لتفادي مثل هذا السيناريو الذي يصعب تقييم كل عواقبه، وأكد سابان أيضا أن على اليونان التي تواجه مطالب بزيادة الضرائب، ومدخرات إضافية وضع مقترحات مُحكمة وجادة، مؤكدا على ضرورة إيجاد اتفاق يسمح لليونان بتفادي كارثة وشيكة، والعودة بشكل ثابت إلى التوظيف والنمو والاستثمار.
يذكر أن آلاف الأشخاص تظاهروا السبت في ألمانيا وإيطاليا وفرنسا رفضا للتقشف في اليونان وتضامنا مع المهاجرين في أوروبا، وتشهد المفاوضات بين اليونان ودائنيها مأزقا منذ خمسة أشهر، وارتفعت وتيرة السحوبات المصرفية من اليونان في الأيام الأخيرة وسط مخاوف من أن تعجز أثينا عن السداد مع نهاية هذا الشهر. كما شهدت أثينا مساء الأحد مظاهرات تطالب بالبقاء في منطقة اليورو وترفض التدابير التقشفية.
اليونان تستعد لمفاوضات اللحظة الأخيرة في قمة اليورو اليوم
تسيبراس يناقش مقترحات أثينا هاتفيًا مع ميركل وهولاند ويونكر
اليونان تستعد لمفاوضات اللحظة الأخيرة في قمة اليورو اليوم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة