بدا المئات من أبناء العشائر السنية، ممن تلقوا تدريبا مكثفا في قاعدة الحبانية غرب بغداد، مستعدين لمواجهة تنظيم داعش نيابة عن حكومة يعتقد كثيرون منهم أنها تخلت عنهم، وتركتهم ليلقوا مصيرهم على أيدي المتطرفين. وبين أولئك الرجال من شهد تخلي قوات الأمن العراقية عن مدينة الرمادي منذ شهر لتسقط في أيدي التنظيم.
وحسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس» من قاعدة الحبانية، كان بالإمكان ملاحظة شكوك المتدربين من أبناء العشائر في الحكومة، بينما كانوا يتدافعون لتقاضي أول راتب من الحكومة، بعد 18 شهرا، وكان أحدهم يحمل بندقية كلاشنيكوف آلية بينما كان يقترب من بداية الطابور.
قال الشيخ رافع الفهداوي، أحد شيوخ عشيرة البوفهد في محافظة الأنبار: «ظللنا نخبرهم لمدة عام ونصف العام أننا بحاجة إلى أسلحة، ورواتب، وطعام، وحماية، لكن تم تجاهل طلباتنا إلى أن وقعت كارثة الرمادي».
مع ذلك لن يكفي المال والسلاح فقط لاستعادة الثقة بين بغداد والعشائر التي تحتاجها حاليا من أجل محاربة تنظيم داعش، الذي يسيطر على ثلث أراضي العراق.
وبعدما تخلت قوات الأمن العراقية عن مدينة الرمادي، ثم لجأت إلى ميليشيات الحشد الشعبي لمساعدتها، تملك الشك من نفس كل طرف في الآخر، مما ينذر بفشل أي محاولة للتعاون، خاصة بعد أن بلور انهيار القوات العراقية في مدينة الرمادي في 17 مايو (أيار) المخاوف التي سيطرت على الكثير من أفراد العشائر السنية حين ذهب طلبهم للمساعدة أدراج الرياح، ففي تلك الليلة خيم الصمت على مدينة الرمادي بعد أسابيع من الهجمات الانتحارية، التي كان ينفذها تنظيم داعش باستخدام سيارات مفخخة، ومعارك مسلحة، على حد قول أفراد العشائر. وغادرت القوات العراقية، التي تشمل وحدات من القوات الخاصة، المدينة وتركت أفراد العشائر المسلحين بأسلحة خفيفة، وليس لديهم سوى سياراتهم الشخصية، لمحاربة المتطرفين، على حد قولهم. وسرعان ما سقطت المدينة مما أجبر رجال العشائر على الفرار. وقال عمر الفهداوي: «حين غادر الجيش مواقعه شعرنا أنه لا يوجد أمل. لقد ظللنا نستجدي دعم الحكومة لنا بالأسلحة لمدة عام ونصف العام من أجل مساعدتنا، لكن كنا منسيين».
وأكد مسؤول عراقي رفيع المستوى في الاستخبارات، وقائد العمليات في محافظة الأنبار، أن قوات مكافحة الإرهاب كانت أول من انسحب من الرمادي تاركة وراءها 89 سيارة «هامفي»، وسيارات مدرعة، وكذا بنادق، وقذائف هاون. وقال المسؤول، طلب عدم ذكر اسمه، إنه تم إيقاع وحدات مكافحة الإرهاب في كمين على أيدي نحو مائتين من مسلحي «داعش» مما أدى إلى انهيار خطهم الدفاعي وأجبرهم على الانسحاب تاركين مقاتلي الجيش والقبائل وهم أقل عددا من مقاتلي التنظيم المتطرف ويعانون نقصا في السلاح. ورفضت وزارة الدفاع العراقية التعليق.
واضطر أبناء عشيرة البوفهد والكثير من أفراد العشائر الأخرى إلى النزوح وهم يطلبون الدعم لأسرهم، التي يعيش أغلبها حاليا في مخيمات أو منازل مؤقتة في مدينة الخالدية في محافظة الأنبار، من الحكومة. ولكن مع ذلك فإنهم محظوظون مقارنة بغيرهم، فقد ذبح تنظيم داعش مئات الرجال، والنساء، والأطفال من عشيرة البونمر في محافظة الأنبار لمقاومتهم حكمه وتعاونهم مع الحكومة العراقية.
ورغم استهداف تنظيم داعش للعشائر السنية، قال الكثير من أبناء هذه العشائر إن حكومة بغداد تنظر إليهم كمتآمرين ساهموا في تقدم المتطرفين، فقط لأنهم سنة. وقال عمر الفهداوي: «إنهم يحملوننا مسؤولية ما حدث. إنكم من أوصلتمونا إلى هنا. أنتم من قتلتمونا».
مع ذلك توجه 500 رجل من بعض عشائر الأنبار البارزة يوم الأربعاء الماضي إلى قاعدة الحبانية لينضموا إلى قوة تحاول الحكومة العراقية تجهيزها للقتال في المعركة.
الجدير بالذكر أنه يوجد نحو 80 مستشارا الآن في مدينة الحبانية، وهم يمثلون أول دفعة من قوات إضافية قوامها 450 فردا وافق الرئيس باراك أوباما أخيرا على إرسالها إلى العراق. ورفض المستشارون التحدث مع الصحافيين المشاركين في المراسم. ويأتي قرار تدريب أبناء العشائر بعد استدعاء حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، لميليشيات الحشد الشعبي، إلى الأنبار عقب سقوط مدينة الرمادي. ويفوق المقاتلون المدعومون من الحكومة، وقوامهم الأساسي جماعات مسلحة شيعية مدعومة من إيران، قوات الأمن العراقي عددا في كل أنحاء العراق، ويمثلون القوة الأكثر كفاءة ومقدرة في القتال على الأرض.
وفيما تؤكد ميليشيات الحشد الشعبي عدم تبنيها لأي نزعة طائفية، فإن منظمات حقوق الإنسان تتهم مسلحين ينتمون إليها بالتعرض إلى المدنيين السنة ومهاجمتهم، وهدم منازلهم وإلحاق الضرر بأعمالهم. وأقر علي خليل، المتحدث باسم جهاز الأمن الوطني العراقي وميليشيات الحشد الشعبي في الأنبار، بخوف السنة من الجماعات المسلحة، لكنه أكد الحاجة إليهم من أجل القتال. وأوضح قائلا: «الشيعة أقوى وأكبر عددا من السنة. وهناك بعض الفرق المختلطة، رغم عدم وجود أي منهم هنا في الأنبار».
لكن وجود الميليشيات يقلق رجال العشائر السنية المتمركزين في الحبانية. وقال مجيد الفهداوي، شقيق عمر: «إنها ليست سوى جماعات مسلحة إيرانية. لقد أخبرنا الحكومة بمخاوفنا، لكنها لم تُصْغِ. حين ننتقدهم يتم النظر إلينا كخونة وعملاء».
رغم إهمالهم من جانب الحكومة.. عشائر الأنبار عنصر أساسي في قتال «داعش»
معاملة بغداد لها لم تمنع المئات من أبنائها من تلقي تدريبات أميركية
رغم إهمالهم من جانب الحكومة.. عشائر الأنبار عنصر أساسي في قتال «داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة