..وهل أدباء العراق دواعش؟

فاضل السلطاني
فاضل السلطاني
TT

..وهل أدباء العراق دواعش؟

فاضل السلطاني
فاضل السلطاني

إنهم يهجمون مرة أخرى. ليس على «داعش» في الموصل، المحتلة منذ سنة، أو الرمادي، بل على مقر اتحاد الكتاب والأدباء العراقيين، الذي يحرس بوابته الجواهري بتمثاله الموشوم بقصيدته «يا دجلة الخير»، بينما جسد شاعر العراق نفسه ما يزال مدفونا في مقبرة الغرباء في السيدة زينب بدمشق.
ويتولى شؤونه الاتجاد اليومية بصغائرها المملة شاعر ثمانيني قضى نصف عمره في السجون، والحياة السرية، منذ عهد نوري السعيد إلى عهد صدام حسين، مناضلاً من أجل «وطن حر وشعب سعيد». وهو الشاعر الفريد سمعان الذي أعيد انتخابه أمينا عاما للاتحاد في دورته الأخيرة.
«حراس الفضيلة» المنافقون، حمايات وميليشيات السراق الذين نهبوا أكبر خزينة في بلاد الرافدين منذ عهد نبوخذ نصر، يهجمون مرة أخرى على هذا الرمز الثقافي الذي لم يتهاو منذ 1958، حين شكله وصاغه الجواهري ورفاقه ليكون، للمرة الأولى: «ممثلا رسميا لأدباء العراق وشعرائه وكتّابه»، ثم تحول مع الزمن إلى رمز ثقافي حافظ على نزاهته واستقلاليته رغم كل الملاحظات، وعجز حتى صدام حسين عن تحويله إلى مؤسسة تابعة لسلطته، فلم يكن أمامه، محتجبا وراء ابنه عدي وأزلامه من كتاب الدرجة الثانية، سوى محاولة تأسيس كيان بديل، سرعان ما تهاوى.
ماذا حدث بالضبط في قلب بغداد، عاصمة العراق الجديد؟
عملية نوعية حقا! واقتحام تاريخي استثنائي نتمنى أن يحصل قريبا على أبواب الموصل والرمادي. خمسون شخصا، مجرد خمسين شخصًا شجاعا لا أكثر، يرتدون ملابس عسكرية سوداء تقلهم سيارات مدنية يغلقون شارع ساحة الأندلس، ثم يقتحمون «البوابة» الرئيسية للاتحاد ليحتجزوا الحمايات الرسمية المخصصة لـ«حمايته» من قبل وزارة الداخلية وجردوهم من سلاحهم(!) ثم، يقتحمون غرف وقاعات الاتحاد ليعبثوا بها، ويكسروا أثاثها، وأين منه أثاث شقق المنطقة الخضراء!
وهكذا انتصروا وحرروا مقر الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين من زمرة شعراء وكتاب صعاليك لا يملكون حتى أجرة التاكسي ليعودوا إلى بيوتهم في أفقر أحياء بغداد، وليس في المنطقة الخضراء حيث يهجع سراق ولصوص وجهلة لا يعرفون حتى ماذا يعني اسم العراق، وإلا لأحبوه، وافتدوه، وحافظوا على كرامته المهدورة في الموصل والرمادي وبيجي، وليس في مقر اتحاد الأدباء، هذا الاتحاد الذي لم يكن في كل تاريخ العراق سوى اتحاد شعراء وكتاب صعاليك لا يملكون شروي نقير، ليس مجازا بل فعلا، لكنهم يوزعون جسومهم في جسوم كثيرة، في جسم العراق، ودجلة الخير، ونصب الحرية الذي تراكم عليه الغبار، هؤلاء الذين نزفوا في سجون صدام حسين، وقبل صدام حسين، حتى يرتفع العراق، والذين شكلوا ماضيه وحاضره فكرا، وشعرا، ورسما، ونحتا. وسيشكلون بالتأكيد مستقبله أيضا، مهما كان هذا المستقبل بعيدا، فهم الذين شكلوا ماضيه، وصاغوا معناه في أسوأ الظروف. العراق هو هؤلاء، وليس مستعمريه الوطنيين، وإن كانوا يسكنون في منطقته الخضراء، الذين حولوا بلدا يدر عليه النفط أكثر من ثلاثة مليارات شهريا إلى بلد مفلس رسميًا.
قد تعود الموصل والرمادي، ويتم رد «داعش» عن أبوابهما لكن العراق لن يعود ما دام دواعشه يسكنون القلب منه، فهم الأخطر بكثير على وجوده ذاته من كل دواعش الدنيا، هذا الوجود الذي شكلت الثقافة المدنية التنويرية جوهره، في كل تاريخه المنهك الطويل منذ نبوخذ نصر وحتى الآن، وليس أي شيء آخر.



انطلاق الدورة الـ19 لـ«البابطين الثقافية» بمضاعفة جوائز الفائزين

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
TT

انطلاق الدورة الـ19 لـ«البابطين الثقافية» بمضاعفة جوائز الفائزين

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

كرمّت «مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية»، صباح اليوم (الأحد)، الفائزين بجوائز الدورة الـ19 للجائزة، مع انطلاق هذه الدورة التي حملت اسم مؤسس وراعي الجائزة الراحل عبد العزيز سعود البابطين، تخليداً لإرثه الشعري والثقافي.

وأُقيم الاحتفال الذي رعاه أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الصباح، في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، بحضور (ممثل أمير البلاد) وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب عبد الرحمن المطيري، ومشاركة واسعة من الأدباء والمثقفين والسياسيين والدبلوماسيين وأصحاب الفكر من مختلف أنحاء العالم العربي، كما حضر الحفل أعضاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

جانب من حضور دورة الشاعر عبد العزيز سعود البابطين (الشرق الأوسط)

وقال وزير الثقافة والإعلام الكويتي، عبد الرحمن المطيري، في كلمته، إن هذا الملتقى «الذي يحمل في طياته عبق الشعر وأريج الكلمة، ليس مجرد احتفالية عابرة، بل هو تأكيد على أن الثقافة هي الروح التي تحيي الأمم، والجسر الذي يعبر بنا نحو مستقبل زاخر بالتسامح والتعايش والمحبة».

وأضاف: «إن لقاءنا اليوم ليس فقط تكريماً لمن أبدعوا الكلمة وشيَّدوا صروح الأدب، بل هو أيضاً دعوة لاستلهام الإرث الثقافي الكبير الذي تركه لنا الشاعر الراحل عبد العزيز سعود البابطين (رحمه الله)، والذي كان، وسيبقى، قامة ثقافية جمعت بين جمال الكلمة وسمو الرسالة... رسالة تُعبِّر عن القيم التي تجمع بين الحضارات. ومن هنا جاءت مبادراته الرائدة، التي عرَّف من خلالها الشرقَ بالشعر العربي، وقدَّم للغرب بُعدَه الإنساني، جاعلاً من الشعر جسراً يربط القلوب، ومفتاحاً للحوار بين الثقافات».

رئيس مجلس أمناء «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين يلقي كلمته في افتتاح الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

في حين قال رئيس مجلس أمناء «مؤسسة البابطين الثقافية»، سعود البابطين، إن هذه الدورة تأتي احتفاءً «بالشعر، فن العرب الأول على مر العصور، وتكريماً للمبدعين والفائزين مِنَ الشعراءِ والنقاد، ووفاءً ومحبة لشاعر هذه الدورة (عبد العزيز البابطين) الذي أخلص في رعاية الشعر العربي وخدمة الثقافة العربية بصدق ودأب وتفانٍ طيلة عمره كله، بلا ملل ولا كلل».

وفي خطوة لافتة، قدَّم رئيس مجلس الأمناء، أمين عام المؤسسة السابق، الكاتب عبد العزيز السريع، الذي رافق مؤسس الجائزة منذ نشأتها، ليتحدث عن ذكرياته مع راعي الجائزة الراحل، والخطوات التي قطعها في تذليل العقبات أمام إنشاء المؤسسة التي ترعى التراث الشعري العربي، وتعمل فيما بعد على بناء جسور التواصل بين الثقافات والحضارات.

وأعلن البابطين، في ختام كلمته عن مضاعفة القيمة المالية للجوائز ابتداءً من هذه الدورة، وفي الدورات المقبلة لـ«جائزة عبد العزيز البابطين».

ونيابة عن الفائزين، تحدَّث الأديب والشاعر الكويتي الدكتور خليفة الوقيان، مشيداً بـ«جهود (مؤسسة البابطين الثقافية) في دعمها اللامحدود للفعل والنشاط الثقافي داخل وخارج الكويت».

وأضاف: «في هذا المحفل الثقافي البهيج، يمرُّ في الذاكرة شريط لقاءات تمَّت منذ 3 عقود، كان فيها الفقيد العزيز الصديق عبد العزيز البابطين يحمل دائماً هَمّ تراجع الاهتمام بالشعر، ويضع اللَّبِنات الأولى لإقامة مؤسسة تُعنى بكل ما من شأنه خدمة ذلك الفن العظيم، ثم ينتقل عمل المؤسسة إلى الأفق الدولي، من خلال ما يُعنى بقضية حوار الثقافات والحضارات».

وألقى الشاعر رجا القحطاني قصيدة عنوانها «إشعاع الكويت»، من أشعار الراحل عبد العزيز البابطين.

يُذكر أن فعاليات الدورة الـ19 مستمرة على مدى 3 أيام، بدءاً من مساء الأحد 15 ديسمبر (كانون الأول) إلى مساء الثلاثاء 17 ديسمبر الحالي. وتقدِّم الدورة على مسرح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي 5 جلسات أدبية، تبدأ بجلسة بعنوان «عبد العزيز البابطين... رؤى وشهادات»، تليها 4 جلسات أدبية يعرض المختصون من خلالها 8 أبحاث عن الشاعر عبد العزيز سعود البابطين المحتَفَى به، و3 أمسيات شعرية ينشد فيها 27 شاعراً.

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

الفائزون:

* الفائز بالجائزة التكريمية للإبداع الشعري الشاعر الدكتور خليفة الوقيان، وقيمة الجائزة 100 ألف دولار.

* الفائزان بجائزة الإبداع في مجال نقد الشعر «مناصفة»، وقيمتها 80 ألف دولار: الدكتور أحمد بوبكر الجوة من تونس، والدكتور وهب أحمد رومية من سوريا.

* الفائزة بجائزة أفضل ديوان شعر، وقيمتها 40 ألف دولار: الشاعرة لطيفة حساني من الجزائر.

* الفائز بجائزة أفضل قصيدة، وقيمتها 20 ألف دولار: الشاعر عبد المنعم العقبي من مصر.

* الفائز بجائزة أفضل ديوان شعر للشعراء الشباب، وقيمتها 20 ألف دولار: الشاعر جعفر حجاوي من فلسطين.