تحذيرات من تأثير ضعف السيولة على انتعاش العقار في دول الخليج

«مزايا»: 2013 كان عاما استثنائيا للسوق العقارية في المنطقة بدخولها مرحلة التعافي

زوار يطلعون على أحد المشاريع العقارية في دبي («الشرق الأوسط»)
زوار يطلعون على أحد المشاريع العقارية في دبي («الشرق الأوسط»)
TT

تحذيرات من تأثير ضعف السيولة على انتعاش العقار في دول الخليج

زوار يطلعون على أحد المشاريع العقارية في دبي («الشرق الأوسط»)
زوار يطلعون على أحد المشاريع العقارية في دبي («الشرق الأوسط»)

قال التقرير العقاري الأسبوعي لشركة «المزايا» القابضة، أن عناوين نقص السيولة وزيادة المعروض وانخفاض الثقة الاستثمارية بالقطاع العقاري، تصدرت المشهد العام للسوق العقارية منذ عدة سنوات خلت، وشكلت هذه العناوين التحديات الأكثر تأثيرا في قدرة شركات التطوير العقاري على طرح مشاريع جديدة واستكمال المشاريع قيد التنفيذ، بينما شكلت الصعوبة في الحصول على التمويل اللازم للمشاريع العقارية تحديات متراكمة، كان لها دور في تعميق حدة المشهد العقاري لدى دول المنطقة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن شدة التأثيرات واتساعها قد تباينت من دولة إلى أخرى، في حين كانت المعالجات وآليات إدارة الأزمة التي واجهها القطاع العقاري متباينة أيضا، وتركزت القرارات والتوجهات الحكومية على مشاريع التنمية والإنفاق على البنى التحتية، وخضع القطاع الخاص لعملية إعادة هيكلة شاملة، في محاولة للتقليل من التأثيرات السلبية المتراكمة، بدءا من الانخفاض الكبير الحاصل في أسعار الأصول، مرورا بانخفاض حاد للسيولة والثقة، وصولا إلى قيام البنوك باقتطاع جزء كبير من أرباحها على شكل مخصصات لتغطية قيمة التدني المسجلة على الأصول الممولة، الذي يعد الأكثر خطورة وتأثيرا في واقع ومستقبل سيولة السوق العقارية، والملاحظ أن آليات العمل التي اتبعت لتجاوز تحديات السوق العقارية لم تنجح بشكل كامل، وتحتاج إلى مزيد من الخطط على مستوى القطاع العام والخاص.

* عام استثنائي
ويقول تقرير شركة «المزايا» القابضة، إن عام 2013 كان عاما استثنائيا للسوق العقارية لدى دول المنطقة، بدخوله مرحلة التعافي والنمو، مع اختلاف نسب النمو والتعافي بين دولة وأخرى واختلاف واضح في مستويات العرض والطلب ومستويات الثقة، ويعود التطور الحاصل لدى السوق العقارية كنتيجة مباشرة لارتفاع معدلات الإنتاج من النفط وارتفاع الأسعار لدى الأسواق العالمية طوال العام، صاحبها ارتفاع متواصل في إنفاق حكومات دول المنطقة، عملت على إعطاء القطاعات الرئيسة لدول المنطقة مرونة اقتصادية كبيرة ومعدلات نمو أكثر سرعة على كل قنوات الأعمال، وفي مقدمتها القطاع البنكي، بينما جاءت الموازنات التي اعتمدت في حينه، توسعية في مضمونها في كل القطاعات الاقتصادية، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر وسريع على قدرة القطاع الخاص على النمو والتعافي والتعامل مع مستويات الضعف والمخاطر الهيكلية القائمة.
هذا ويستحوذ القطاع العقاري على نصيب متصاعد من التركيز في المرحلة الحالية، رغم استمرار تفاوت معدلات التعافي لأسواق المنطقة، وتشير مؤشرات السيولة لدى القطاع البنكي إلى ارتفاع متواصل وقدرة أكبر على تمويل جميع المشاريع التي تحظى بدعم حكومي أولا وبثقة استثمارية أعلى وتتمتع بجدوى استثمارية، ذلك أن مشاريع المدن الكبيرة قيد التنفيذ لدى السعودية والإمارات وقطر، بالإضافة إلى خطط تنظيم «إكسبو 2020» وتنظيم كأس العالم 2022، ستساهم في رفع معدلات السيولة للقطاع العقاري والقطاعات الإنتاجية والخدمية الأخرى على مدى السنوات المتبقية.
وأشار تقرير «المزايا» إلى أن القطاع المصرفي الإماراتي سيحقق نسب نمو كبيرة على صافي أرباحه عن عام 2013، ويتوقع أن تصل نسب النمو إلى 20 في المائة. ويأتي ذلك كنتيجة مباشرة لحالة الانتعاش التي تمر بها القطاعات الإنتاجية والخدمية الرئيسة، في حين ساهمت معدلات النمو المسجلة في خفض مستويات المخاطر الائتمانية، حيث يتوقع أن ينمو الائتمان المصرفي بنسبة قد تصل إلى 10 في المائة على أساس سنوي، هذا ويستمد القطاع المصرفي قوته في الوقت الحالي من الارتفاع الحاصل على مستويات السيولة وقدرته على تجاوز التحديات التي صاحبت الأزمة، بالإضافة إلى الإطار التشريعي والرقابي الذي تفرضه الأجهزة الرسمية.

* مصادر التمويل
جدير بالذكر هنا، أن تعطل مصادر تمويل المشاريع العقارية يشكل أهم التحديات التي يواجهها القطاع العقاري في المنطقة في مراحل التعافي التي يسجلها في الوقت الحالي، نظرا إلى دورها في كبح وتيرة النشاط السريعة المسجلة، التي استهلت بطرح حزم من المشاريع العقارية الجديدة، في حين تشكل الحدود العليا للإقراض على مستوى الأفراد والشركات قيودا إضافية تأتي لضبط السوق واستقرارها تارة، وتحد من التوسع ورفع سيولة السوق تارة أخرى، بينما تواجه قنوات التمويل من خلال الإصدارات الأولية والسندات تحديات عدة لها علاقة بهياكل السوق والأدوات المتداولة ونضج قنوات الاستثمار والمستثمرين الحاليين، في حين تمتاز السوق العقارية الإماراتية عن غيرها من أسواق المنطقة باعتمادها على آليات السوق المفتوحة، حيث يعول على الاستثمارات والمستثمرين الخارجيين في تمويل جزء كبير من المشاريع المطروحة، نظرا لوجود سيولة مرتفعة وقوة شرائية كبيرة، في حين ستساهم مستويات التعاون الحالية للدولة مع دول العالم في استقطاب المزيد من السيولة الاستثمارية إلى السوق العقارية، وبشكل خاص الاستثمارات الصينية وكوريا الجنوبية، وغيرها من الدول التي تستهدف جميع القطاعات الرئيسة لدى الدولة.
ويشدد التقرير على خطورة الاعتماد على معدلات النمو والتعافي التي سجلها القطاع العقاري لدى أغلبية دول المنطقة كنقطة أساس تقاس عليها نسب النمو والانتعاش خلال الفترة المقبلة، ذلك أن عام 2013 سجل قفزات كبيرة على مستوى الأسعار والمبايعات ومعدلات الطلب وتوازن قوى العرض والطلب بزيادة الطلب وسحب نسب كبيرة من المعروض، إلى ذلك فقد سجلت السوق العقارية الكويتية ارتفاعا ملحوظا على مستوى السيولة، ليسجل مستوى جديدا بلغ 3.9 مليارات دينار خلال عام 2013. وبنسبة 18 في المائة مقارنة بمستوى السيولة المسجل خلال عام 2012. إلى ذلك، أظهرت التقارير الصادرة عن إدارة تنمية القطاع العقاري في دائرة الأراضي والأملاك بدبي أن إجمالي التصرفات العقارية قد تجاوز 236 مليار درهم وبنسبة نمو بلغت 54 في المائة مقارنة بمستوياتها خلال عام 2012، شملت عمليات البيع والرهن وأنواعا أخرى.
هذا واستمرت السوق العقارية القطرية على وتيرة نشاطها الذي بدأته في بداية عام 2013، لتصل قيم التعاملات العقارية إلى ما يقارب 45 مليار ريال مقارنة بـ39 مليار ريال في نهاية عام 2012، وبنسبة نمو وصلت إلى 15.5 في المائة، وتشير معدلات النمو على المبايعات العقارية لدى غالبية دول المنطقة إلى أن السوق العقارية سجلت ارتفاعا كبيرا على مستويات الثقة بمنتجاته المتنوعة وتعكس أيضا نسب التعافي ومواقعها وطبيعة الطلب المسجل وتركيزه، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مشاريع البنى التحتية ومشاريع التنمية تشكل الداعم الرئيس لسيولة السوق ونشاطها خلال الفترة المقبلة.

* الأسهم المدرجة
وبين تقرير «المزايا» أن الاستثمار غير المباشر على الأسهم المتداولة لدى البورصات الخليجية سيبقى أكبر المنافسين لسيولة السوق العقارية خلال العام الحالي، وبينما ستبقى السيولة الاستثمارية تدور حول هذه القطاعات لفترة طويلة، وذلك إذا ما جرت مقارنة العوائد والمخاطر وفترات الاسترداد والقدرة على التسييل خلال فترة زمنية قصيرة وبأقل الخسائر الممكنة التي يتمتع بها الاستثمار بالأسهم المتداولة، في حين تتجاوز السوق العقارية الاستثمار في الأسهم بالتنوع الحاصل على المنتجات العقارية ونسب الارتفاع المحققة وانخفاض معدلات التذبذب بين فترة وأخرى وما إلى هنالك من اعتبارات تتعلق بالملاذات الآمنة في ظروف الأزمات وحالات عدم الاستقرار.
يذكر هنا أن بورصات المنطقة قد سجلت ارتفاعات نوعية على مؤشراتها السعرية خلال عام 2013، جعلتها المنافس الأول للسوق العقارية بلا منازع، حيث ارتفع مؤشر سوق دبي بنسبة 108 في المائة على أساس سنوي، وسجلت بورصة أبوظبي نسبة ارتفاع 63 في المائة، تلتها بورصة الكويت بنسبة ارتفاع بلغت 27 في المائة، وحققت البورصة السعودية ارتفاعا على المؤشر السعري بنسبة 24 في المائة خلال الفترة نفسها، بينما سجلت بورصة مسقط نسبة ارتفاع بلغت 19 في المائة، وبورصة البحرين نسبة ارتفاع 17 في المائة. في المقابل، تراوحت معدلات العائد على الاستثمار العقاري بين تسعة في المائة و12 في المائة خلال عام 2013، وهي نسب مرتفعة إذا ما قورنت بالنسب المسجلة خلال السنوات السابقة، الأمر الذي ساهم في تحسين مستويات الثقة والجاذبية واستقطاب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».