هادي: ميليشيات الحوثي تريد استخدام اليمن لإقلاق الأمن والسلم الدوليين

وزير الخارجية السعودي يحذر من رغبة المتمردين في هدنة لتحقيق مكاسب على أرض الواقع

الرئيس اليمني هادي و الشيخ صباح خالد الحمد الصباح خلال اجتماع أمس في جدة (أ.ف.ب)
الرئيس اليمني هادي و الشيخ صباح خالد الحمد الصباح خلال اجتماع أمس في جدة (أ.ف.ب)
TT

هادي: ميليشيات الحوثي تريد استخدام اليمن لإقلاق الأمن والسلم الدوليين

الرئيس اليمني هادي و الشيخ صباح خالد الحمد الصباح خلال اجتماع أمس في جدة (أ.ف.ب)
الرئيس اليمني هادي و الشيخ صباح خالد الحمد الصباح خلال اجتماع أمس في جدة (أ.ف.ب)

أكد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أمس أن الميليشيات الحوثية وحلفاءها في الداخل والخارج يريدون استخدام بلاده لإقلاق المنطقة والأمن والسلم الدوليين، مؤكدًا أن المؤتمر الذي انعقد في العاصمة السعودية الرياض وحضرته غالبية أطياف العمل السياسي في اليمن خرج بوثيقة تاريخية عرفت بإعلان الرياض الذي أصبح إحدى المرجعيات الأساسية والرئيسية لأي مشاورات وخارطة طريق واضحة ومحددة ومجمع عليها.
جاء ذلك خلال كلمته التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية للاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي الخاص باليمن الذي انعقد أمس بمدينة جدة غرب السعودية.
وقال الرئيس اليمني: «لقد أدمنت تلك الميليشيات العنف والدمار واجتياح المحافظات، فذهبت تلك الميليشيات الانقلابية الدموية لتقود عدوانا دمويا لاجتياح محافظات تعز ولحج والضالع وشبوة وأبين وقبلها صعدة وعمران والبيضاء ومأرب والجوف والحديدة وأخيرًا مدينة عدن الباسلة، فسفكت الدماء وأزهقت الأرواح منها الأطفال والنساء والشيوخ، وعبثت بالمؤسسات والمنشآت، وقصفت المستشفيات وفجرت البيوت الآمنة، وأوجدت فوضى عارمة استهدفت أمن واستقرار وسكينة أبناء الشعب اليمني في معظم المحافظات».
وأشار هادي إلى أن عدوان الميليشيات أوجد حالة إنسانية كارثية كبيرة، بعد أن ذهبت إلى أبعد من ذلك فمنعت جهود الإغاثة الإنسانية بدوافع انتقامية، مؤكدا أن أبناء بلاده جابهوا ذلك العدوان والانقلاب في كل المحافظات، معربًا عن شكره لمنظمة التعاون الإسلامي وقادة وشعوب الدول الأعضاء على حرصهم وتضامنهم مع الشعب اليمني ودعم شرعيته ووحدته وأمنه واستقراره.
وعرج الرئيس اليمني في كلمته على الطرق التي سلكت في اليمن عن طريق الحوار وما توصلت إليه من توافق على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل في يناير (كانون الثاني) 2014، قبل أن «يفاجأ الشعب اليمني بالقوى الظلامية لتجر البلاد إلى الخلف»، متحديًا بذلك الإرادة الشعبية والقرارات الدولية بعد أن عملت على اجتياح وعسكرة العاصمة صنعاء وكثير من المحافظات ومؤسسات الدولة ومعسكراتها ومحاصرة قيادات الدول العليا.
وقال الرئيس اليمني: «ندرك جيدًا أن نتائج الحروب والصراعات كارثية ومأساوية ومدمرة، وإيماننا بذلك جعلنا نتعاطى بصبر عالٍ ومسؤولية كبيرة وحس وطني لأننا نعلم أن أول من يكتوي بنار الصراع هم أبناء الشعب المغلوب على أمرهم، وفي سبيل ذلك تحملنا وصبرنا وتجاوزنا، وحاولنا إرساء ثقافة الحوار لا ثقافة الاستقواء بالسلاح».
وأضاف: «في كل محطة كنا نرى بارقة أمل تلوح في الأفق لتخليص شعبنا ويلات الصراع نتمسك بتلك البارقة ما استطعنا، فتحاورنا لمدة عام كامل، وتمخض هذا عن وثيقة جامعة شاملة هي وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، ثم عقد مؤتمر الرياض في السابع عشر من مايو (أيار) برعاية مجلس التعاون الخليجي - صاحب المبادرة الخليجية - وحضرته غالبية أطياف العمل السياسي ما عدا القوى الانقلابية، ليمثل ذلك اصطفافًا وطنيًا كبيرًا».
وأشار الرئيس اليمني إلى أن وفد حكومة بلاده الذي ذهب إلى جنيف «في محطة أخرى على أمل أن تسهم مشاورات جنيف في رفع المعاناة عن أبناء شعبنا من خلال انصياع ميليشيات الحوثي وصالح لاستحقاقات قرار مجلس الأمن الدولي 2216، رغم علمنا أن تلك العصابات لا عهد لها، إلا أننا تعاطينا بحرص فأوفدنا ممثلي الحكومة إلى جنيف».
وقال: «لقد ذهب وفد الشرعية مسلحًا بصمود وتضحيات شعبنا الأبي ومقاومته الباسلة، ومستندًا إلى مرجعيات واضحة ومحددة لا انتقاص منها ولا نكوص عنها، وتلك المرجعيات ممثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني ومؤتمر الرياض وقرار مجلس الأمن الدولي 2216».
وأضاف: «أتقدم نيابة عن الشعب اليمني بجزيل الشكر والعرفان لأخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ولكل إخوانه قادة دول مجلس التعاون والتحالف العربي والإسلامي الذي وقف مساندا للشعب اليمني في محنته هذه، فكانت عاصفة الحزم وإعادة الأمل عنوان التعاضد والتكاتف الأبرز مع شعبنا ووطننا، ولن ينسى أبناء شعبنا اليمني العظيم تلك الوقفة الشجاعة والنبيلة والصادقة».
ودعا الرئيس اليمني كل الدول إلى تقديم مزيد من المساعدات الإنسانية لليمن، قائلا: «إننا نتطلع إلى مزيد من الاهتمام والرعاية للجانب الإغاثي والإنساني، فمعاناة شعبنا تتعاظم وتكبر، وباتت تقلقنا كثيرًا».
واختتم الرئيس اليمني كلمته بالتأكيد على ثقته الكبيرة بأن المستقبل القريب هو للأمن والاستقرار والرخاء في اليمن، قائلا: «إن شعبنا يتطلع للخلاص والانعتاق ومغادرة مربع الصراع والاقتتال والدمار».
من جانبه، أكد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي أن «الأمة الإسلامية قلقة من استمرار وازدياد معاناة الشعب اليمني نتيجة انقلاب ميليشيات الحوثي على السلطة الشرعية، بدعم حليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وبتحريض مكشوف من قوى إقليمية دأبت على التدخل في شؤون دول المنطقة، وعلى إشعال نار الفتنة الطائفية، من أجل فرض هيمنتها وبسط نفوذها».
وقال الجبير في كلمة ألقاها في الاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي إن الاجتماع يأتي بعد أقل من شهر على انعقاد الدورة الثانية والأربعين لمجلس وزراء الخارجية في دولة الكويت، وبعد أقل من أربعة أشهر على اجتماع اللجنة التنفيذية للمنظمة، التي انعقدت أيضا من أجل بحث الأزمة في اليمن. ولعل تواتر الاجتماعات يعكس قلق الأمة الإسلامية من الوضع في اليمن. وأضاف بأن بلاده تربطها باليمن أواصر الدين والرحم، وتتشارك معه في حدود طويلة و«تعاملت وأشقاؤها دول الخليج العربية منذ بداية الأزمة، بمسؤولية كبيرة، ووفقًا لمبادئ حسن الجوار، وميثاق الجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة، لاحتواء النزاع وحقن دماء اليمنيين، وقدمت دول الخليج العربية المبادرة الخليجية التي أسست لعملية الانتقال السياسي والحوار الوطني، غير أن انقلاب الحوثيين على السلطة، بدعم حليفهم علي عبد الله صالح، وبدعم وتحريض من قوى خارجية، أدى إلى تفاقم الأزمة حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن».
وبيّن وزير الخارجية السعودي أنه أمام هذه التطورات الخطيرة ما كان للسعودية وتسع دول أعضاء في هذه المنظمة إلا أن تستجيب لنداء الرئيس الشرعي هادي لإنقاذ اليمن وعودة الشرعية من خلال عملية «عاصفة الحزم» وعملية «إعادة الأمل»، ولعودة الأمن والاستقرار لليمن دعا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، مكونات وأطياف الشعب اليمني كافة لحضور مؤتمر الرياض من أجل الاتفاق في ما بينهم، وبشكل سلمي، كما وجه بتقديم مساعدات إنسانية سخية للأشقاء في اليمن.
وشدد الوزير الجبير على أن «السعودية من دعاة السلام، وتدعم جميع الجهود المبذولة لإنهاء الأزمة اليمنية، وفق المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن رقم 2216، وترفض بشدة أي تدخل خارجي في شؤون اليمن دون طلب من حكومته الشرعية أن ينعم على اليمن وشعبه الشقيق بالأمن والاستقرار، وأن يوفقنا جميعًا لخدمة شعوبنا».
وعرج الجبير في تصريح للصحافيين عن الدعوات المطالبة بهدنة إنسانية في اليمن، إلى أن الأمر بيد الحوثيين، وقال: «الحوثيون هم من يحركون السلاح ويقومون بالأعمال العدوانية وهم من يشكلون خطرا ويضربون المدن السعودية، ونحن لم نلاحظ من الحوثيين أي رغبة لوقف إطلاق النار، بل العكس عندما كانت الهدنة الإنسانية السابقة التي امتدت لـ6 أيام استغلت للاستيلاء على المساعدات الإنسانية ولتعزيز مكانتهم على أرض الواقع ولتحريك سلاحهم من مناطق إلى مناطق أخرى، والاستيلاء على مدن وقرى في اليمن، وهو مؤشر واضحة جدًا على أنهم لا يرغبون في هدنة ووقف إطلاق النار، بل لاستغلال أي هدنة لتحقيق مكاسب على أرض الواقع.
من جانبه رحب الشيخ صباح خالد الحمد الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بدولة الكويت، رئيس الاجتماع الاستثنائي للمجلس الوزاري الإسلامي الكويتي بالرئيس اليمني باعتباره رمز الشرعية الدستورية في اليمن، معربا عن تقديره وامتنانه للاستجابة السريعة لدعوة اليمن لعقد اجتماع استثنائي لمجلس وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي لمناقشة الأوضاع الراهنة في اليمن الشقيق، استشعارًا لخطورة المرحلة وإدراكا لأهمية تطورات الأوضاع هناك، ليس فقط على العالمين العربي والإسلامي وإنما على مختلف دول العالم بشكل عام.
من جهته، دعا إياد مدني الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إلى مصالحة وطنية شاملة عبر استئناف العملية السياسية بمشاركة كل الأطراف والقوى والأحزاب السياسية اليمنية في إطار مؤتمر الحوار الوطني الجامع لتطبيق مخرجات مؤتمر الحوار، كما دعا إلى عقد مؤتمر إنساني لمواجهة الأزمة الإنسانية في اليمن.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.