نقص خبرة قطاع الإنشاء يضيف أكثر من 20 % على تكلفة البناء في السعودية

خبراء يرونه من أكبر مصادر تضخم العقار.. ومقاولون يعتمدون على التلاعب في الربح

نقص خبرة قطاع الإنشاء يضيف أكثر من 20 % على تكلفة البناء في السعودية
TT

نقص خبرة قطاع الإنشاء يضيف أكثر من 20 % على تكلفة البناء في السعودية

نقص خبرة قطاع الإنشاء يضيف أكثر من 20 % على تكلفة البناء في السعودية

كشف مختصون في قطاع الإنشاءات السعودية أن الجهل في تقدير تكاليف البناء يلعب دورا كبيرا في زيادة تكاليف فاتورة العقار إلى مستويات كبيرة تصل إلى 20 في المائة، مما يؤثر بشكل سلبي على ميزان التضخم الذي يشكل قطاع العقار أعلى مصادره، حيث دائما ما يكون الراغبون في البناء غير متخصصين، مما يجعلهم عرضة للوقوع في تحايل شركات المقاولات غير الاحترافية التي تسودها العشوائية وفقدان التنظيم، في ظل غياب مكاتب الاستشارات أو عدم لعبها دورا كبيرا في تحديد تكلفة البناء، خصوصا أن الاعتماد على الشركات الصغيرة والمتوسطة يظل مرتفعا بين أوساط السعوديين.
وقال عدد من العقاريين إن الجهات الحكومية تكافح للسيطرة على الأسعار عبر عدد من القرارات، إلا أنها لم تتخذ أي إجراء تنظيمي لعملية البناء أو وضعها تحت بنود بناء معين يلزم جميع الأطراف بوجود إشراف حكومي عند الرغبة في البناء، موضحين أن هناك عمليات نصب واستغلال كبيرة يقع فيها كثير من الراغبين في البناء، تصب في نهاية المطاف في رفع أسعار العقار، وهي النتيجة التي يحاول الجميع القضاء عليها دون الالتفات إلى مشكلة مراقبة تكاليف البناء.
وقال إبراهيم المسعود، الذي يمتلك شركة للإنشاءات العقارية: «من أكبر مصادر ارتفاع تكاليف فاتورة البناء، المبالغة في قيمة البناء، حيث إن معظم المواطنين يقعون ضحية لبعض العمالة الوافدة التي تلعب بشكل محتال على وتر جهل الراغبين في إنشاء المنازل بالتكلفة الحقيقية، أو حتى طلب مواد البناء بكميات كافية لا زيادة فيها»، موضحا أنه بحكم خبرته في هذا المجال يرى أن عددا كبيرا من الراغبين في البناء يجري التلاعب بهم وتحميلهم تكاليف إضافية يمكن تجنبها.
وحول أهم الحلول للقضاء على هذا التلاعب، أبان المسعود أن من أهمها فرض جهة رقابية حكومية لتكون فيصلا بين المقاول والمستهلك، يتلخص عملها في تحديد التكلفة وقياس المواد التي يحتاج إليها البناء، مردفا أن الإسراف في مواد البناء له انعكاسات أكثر خطورة من مجرد تحميل قيمتها للمستهلك، حيث إنها ستلقي بظلالها سلبا على حجم استيراد المملكة من مواد البناء الذي يشهد ارتفاعات سنوية، مؤكدا أن هناك فائضا كبيرا يجري التلاعب به أو إعادة تدويره، و«هو ما يخلق سوقا سوداء لبيع مواد البناء، على الرغم من انخفاض الطلب على العقارات الذي سيؤثر مؤكدا على حجم الإنشاءات».
وكانت السوق العقارية المحلية لشهر مايو (أيار) الماضي شهدت تراجعا شهريا في قيمة صفقاتها بنسبة 16.6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق، لتستقر عند 34.2 مليار ريال، وسجلت تراجعا سنويا مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي بلغت نسبته 11.4 في المائة، كما سجلت تراجعا في أعداد العقارات السكنية المبيعة خلال الشهر نفسه بنسبة 4.0 في المائة مقارنة بالشهر السابق، لتستقر عند 21603 عقارات مبيعة خلال شهر مايو 2015، فيما جاء التراجع في أعداد العقارات السكنية المبيعة بالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي أكبر، حيث بلغت نسبته 23.4 في المائة.
وفي صلب الموضوع، أكد إيهاب طبارة، المدير العام لـ«شركة مخزن الخليج لبيع مواد البناء»، أن حجم سوق مواد البناء يصل إلى ملياري دولار، مع أنه لا يزال يستوعب كثيرا بسبب التوجه الحكومي والشخصي للمشروعات والبنى التحتية والاستثمارات.. وغيرها، مؤكدا أن أسعار مواد البناء تشهد ارتفاعا مستمرا، و«إن كان بشكل مقيد، وهذا على غالبية المواد، إلا أن بعضها بقي سعره مستقرا على ما هو عليه لفترة طويلة»، مقدرا نمو السوق بأنه يتجاوز 15 في المائة كل عام، وذلك من 2007، لافتا إلى أنه على الرغم من تفاوت أداء السوق، فإنها لا تزال تحقق أرقاما جيدة وفي ازدياد مستمر ولا تقف عند حد معين.
وعن حالات الغش وضعف جودة مواد البناء التي بدأت تطغى على القطاع، كشف طبارة أن حالات الغش في قطاع تجارة مواد البناء المستوردة لا تكاد تذكر، وذلك بسبب الحملات المستمرة والتفتيش الدائم الذي تقوم بها الجمارك على الحدود وتشديدها في الرقابة على كل ما يدخل للسعودية، «إلا أن هذا الأمر على ما فيه من حسنات، فإنه ساهم في تأخر تسليم البضائع، وهذا الأمر يضر بالمستهلك والمستورد كذلك»، لافتا إلى أن «هناك منافسة من الصناعات المحلية التي بدأت تدخل السوق وبقوة، إلا أن الأجنبي، وبالتحديد الصيني، هو المسيطر، يليه الألماني، والأميركي، كما أن الإماراتي بدأ - أخيرا - بالدخول على الخط».
يذكر أن قطاع تجارة مواد البناء يعد من الروافد الرئيسية لقطاع البناء والتشييد، مما يعكس الحركة الاقتصادية للقطاع وللبلد كذلك؛ إذ الاستثمار العالي فيه دليل على النمو الاقتصادي والعقاري الذي يجري محليا، ويشير إلى مدى ارتفاع الأمن في البلد، خصوصا مع دفع كثير من الشركات العالمية بمنتجاتها في السوق السعودية، كما أن هناك كثيرا من الشركات الوطنية التي بدأت تدخل على الخط وتقتسم نسبة جيدة من قطاع البناء الذي بات مقصدا لكثير من المستثمرين.
وفي الشأن ذاته، أكد عبد اللطيف العبد اللطيف، المستثمر العقاري، أن «هناك غيابا للرقابة على شركات المقاولات، خصوصا الصغيرة والمتوسطة، وهي التي يعتمد عليها أكثر من 80 في المائة من الراغبين في البناء، وهي وجه آخر للفساد الذي يشهده قطاع محلات البناء التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع هذه الشركات التي تتلاعب في الكميات نتيجة عدم وجود جهة ثابتة استشارية محايدة تحدد الكمية المطلوبة لكل عملية إنشاء».
وحول وجود تصنيفات للمقاولين، أكد العبد اللطيف أنها غير معترف بها إلا على الورق، وأن الواقع يحكي عن عدم اعتراف الراغبين في البناء؛ «بدليل ازدياد الشركات المخالفة في السوق».
وأضاف: «تكمن المشكلة في أن بعض المشترين يعاب عليه ضعف الخبرة وعدم معرفته بما يحتاج إليه بالضبط من مواد البناء، فيقومون - أحيانا - بشراء بعض مواد البناء التي قد لا تفيدهم، وتزيد من أعبائهم عند إنشاء البنايات، وهذا الوتر يدندن عليه ضعاف النفوس الذين يستغلون هذه النقطة، ويحملون المستهلك أموالا إضافية غير ملزم بدفعها»، موضحا أن «التنافس بين شركات مواد البناء أمر صحي لمصلحة المستهلك، لكن التركيز يجري على المشروعات الضخمة التي عادة ما تكون هي الأكثر فائدة، والأوفر ربحا».



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».