وثائق سرّية تكشف أن إسرائيل خططت لاحتلال بيروت وتدمير القوات السورية في لبنان عام 1982

الحكومة رفضت حجج الجيش لشن الحرب وطلبت سببًا مقنعًا.. فجاءت محاولة اغتيال السفير في لندن هدية!

دبابة إسرائيلية على مشارف بيروت في صورة ترجع إلى الاجتياح الإسرائيلي للبنان في يونيو 1982
دبابة إسرائيلية على مشارف بيروت في صورة ترجع إلى الاجتياح الإسرائيلي للبنان في يونيو 1982
TT

وثائق سرّية تكشف أن إسرائيل خططت لاحتلال بيروت وتدمير القوات السورية في لبنان عام 1982

دبابة إسرائيلية على مشارف بيروت في صورة ترجع إلى الاجتياح الإسرائيلي للبنان في يونيو 1982
دبابة إسرائيلية على مشارف بيروت في صورة ترجع إلى الاجتياح الإسرائيلي للبنان في يونيو 1982

بعد مضي 33 سنة على «حرب لبنان الأولى» كشف أرشيف الجيش الإسرائيلي، الليلة قبل الماضية، عددًا من الوثائق السرّية التي تكشف أحد أهم وأخطر أسرار تلك الحرب وأهدافها. إذ تبين بشكل مؤكد ورسمي أن هدف الحرب لم يكن الرد على محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في بريطانيا شلومو أرغوف، ولا الرد على الصواريخ الفلسطينية التي أطلقت على إسرائيل، بل كانت هناك خطة معدة سلفا قبل هذين الحادثين بعدة أسابيع، تتضمن احتلال لبنان حتى بيروت، وتصفية المقاومة الفلسطينية المسلحة وتدمير القوات السورية الموجودة على أرض لبنان، والتي كان قوامها 40 ألف جندي.
وجاء في وثيقة تتضمن الأوامر العسكرية، التي صدرت عشية العملية الحربية، وبقيت طي الكتمان حتى يومنا هذا، أن «الجيش الإسرائيلي سيضرب المخرّبين ويهدم البنى التحتية الخاصة بهم من أجل منع إطلاق القذائف من الحدود الشمالية، ومن ثم التحالف مع القوات المسيحية وتدمير الجيش السوري في لبنان». وأشرف على وضع الخطة رئيس هيئة الأركان العسكرية في الجيش الإسرائيلي، الجنرال رفائيل إيتان، ومعه قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي أمير دروري. وللعلم، ما كان إيتان قائدًا عسكريًا مهنيًا، بل كان تعيينه سياسيًا. كذلك عُرف إيتان بآرائه اليمينية المتطرّفة مثل رفيق دربه وقائده أرييل شارون (الذي كان يومها وزيرا للدفاع).، وبعدما أنهى خدمته العسكرية أسّس حزبًا يمينيًا متطرفًا باسم «تسومت».
ويتضح أنه كان من المفروض أن يشن الجيش حربه في السابع من شهر مارس (آذار) 1982، وصدرت فعلاً تعليمات بشن عملية «أورانيم الصغيرة» التي كانت تهدف للإعلان عن إيذان بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في لبنان، وذلك بمشاركة القوات التي عملت تحت مسؤولية قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي. وورد في نصّ التعليمات العسكرية التي نشرت لأول مرة في هذه الوثائق: «نتيجة لإطلاق القذائف على بلداتنا أو العمليات العدائية ضدنا فإن من المحتمل أن يبادر الجيش الإسرائيلي للإعلان عن بدء عملياته العسكرية في غضون 24 ساعة». وكانت التقديرات في تلك الأيام تشير إلى أنه إذا جرى تقييد تحرّكات قوات الجيش الإسرائيلي، فإن السوريين سيمتنعون عن الرّد لأنهم سيعتقدون أن الهجوم يستهدف القواعد العسكرية الخاصة بالفلسطينيين فقط. وحقًا تضمّنت العمليات العسكرية الأولى القيام بعملية إنزال جوية من أجل السيطرة على مناطق في جنوب لبنان بين نهري الليطاني والزهراني، وكذلك المنطقة التي أطلق عليها اسم «فتح لاند» شرقًا. وفي المقابل، خطّط الجيش الإسرائيلي للتقدّم عبر قوات برّية لتطويق مدينة صور الساحلية، في عملية استباقية قبل الإعلان عن شنّ الحرب ضمن خطة «أورانيم». بيد أن هذه الخطة لم تنفذ، والسبب أن الحكومة أرادت سببًا مقنعًا أمام العالم لهذه الحرب.
وفي شهر أبريل (نيسان) عام 1982 بادر سلاح الجو الإسرائيلي لقصف مواقع فلسطينية، بغرض جرّ الفلسطينيين (المتمركزين في جنوب لبنان) إلى خرق الاتفاق بالهدنة، الذي كان قد وقّع بين الطرفين في يوليو (تموز) 1981، بوساطة المبعوث الأميركي فيليب حبيب. وردّ الفلسطينيون فعلاً بقصف الشمال الإسرائيلي بالكاتيوشا. وعندها أطلق الجيش خطة «أورانيم الكبيرة» التي كانت تهدف إلى احتلال لبنان كله حتى العاصمة، والتحالف مع الفصائل المسيحية في منطقة بيروت وإبادة الجيش السوري في لبنان.
وبحسب الخطة، بعد 96 ساعة من بدء العمليات العسكرية، كان من المفروض إكمال احتلال بيروت والتأهب للسيطرة أيضا على طريق بيروت - دمشق. ويتضح أيضا أن القوات الإسرائيلية التي كان من المفروض إنزالها عبر الجو كان هدفها السيطرة على مناطق مختلفة في جنوب لبنان، من بينها منطقة القاسمية وقرية بيصور ومحيط نهر الأولي واحتلال مدينتي صيدا وصور.
ولقد بحث المستوى السياسي والعسكري في إسرائيل عن سبب لتسريع العمليات القتالية بما يسمح بالإعلان عن شن الحرب. وفي الثالث من يونيو (حزيران) جاءتهم الحجّة التي يتذّرعون بها على طبق من ذهب، إذ حاول مسلح فلسطيني من تنظيم متمرد على ياسر عرفات اغتيال شلومو أرغوف، سفير إسرائيل لدى بريطانيا قرب أحد الفنادق الكبرى بوسط لندن.
عندها أعطيت الأوامر، وانطلقت الحرب التي شارك فيها 100 ألف جندي إسرائيلي و1100 دبابة، وهذه قوة تزيد بنسبة الضعفين عن القوات الإسرائيلية التي خاضت في «حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973». وعمليًا، تعد هذه الحرب في إسرائيل أيضا فاشلة، مع إن هدفها المعلن في إخراج المقاتلين الفلسطينيين قد تحقق. ذلك أنها طالت 18 سنة. وخسرت فيها إسرائيل 1216 جنديًا، مقابل 40 ألف قتيل فلسطيني ولبناني.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.