كيري يدافع عن حلفاء بلاده خلال زيارته بكين

دعا الصين إلى إظهار «مزيد من الشفافية» في مناطقها للدفاع الجوي

وزير الخارجية الصيني وانغ يي لدى استقباله نظيره الأميركي جون كيري في بكين أمس (أ.ب)
وزير الخارجية الصيني وانغ يي لدى استقباله نظيره الأميركي جون كيري في بكين أمس (أ.ب)
TT

كيري يدافع عن حلفاء بلاده خلال زيارته بكين

وزير الخارجية الصيني وانغ يي لدى استقباله نظيره الأميركي جون كيري في بكين أمس (أ.ب)
وزير الخارجية الصيني وانغ يي لدى استقباله نظيره الأميركي جون كيري في بكين أمس (أ.ب)

طلب وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس، من الصين مزيدا من «الشفافية» بعد التوتر الذي أثاره قرار بكين الأحادي بإقامة «منطقة للدفاع الجوي»، في بحر الصين الشرقي. وقال كيري: «لقد أعربنا بوضوح عن شعورنا بالنسبة إلى الإعلانات الأحادية، ونأمل في أن تتخذ (السلطات الصينية) الإجراءات المستقبلية بطريقة منفتحة جدا وشفافة».
وأدلى كيري بهذه التصريحات بعدما عقد اجتماعا مع الرئيس الصيني تشي جينبينغ وآخر مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي. ووصل كيري إلى الصين قادما من سيول، في إطار جولة له إلى آسيا التي تعدها الإدارة الأميركية «محور» دبلوماسيتها، وتأتي في جو من التوتر الإقليمي. وشدد كيري، في تصريحاته التي برز فيها دعم واضح لحلفاء واشنطن في المنطقة، على أن جزر سينكاكو التي تتولى إدارتها طوكيو، لكن تطالب بها بكين، وتطلق عليه اسم ديايو، تنطبق عليها معاهدة الأمن التي تنص على تدخل الولايات المتحدة، في حال هاجمتها دولة أخرى.
وتشكّل كوريا الشمالية أيضا أحد أبرز المواضيع المدرجة على جدول أعمال رحلة الوزير الأميركي. ولا تزال الولايات المتحدة تأمل بتعاون أفضل من بكين، الحليفة الوحيدة البارزة لبيونغ يانغ، لإقناع نظام كيم جونغ أون بالتخلي عن برنامجه النووي. وقال كيري للصحافيين إن المحادثات مع الرئيس تشي «كانت بنّاءة جدا وإيجابية جدا، وأنا مسرور، لأنه أتيحت لنا فرصة درس بعض التحديات، التي تشكلها كوريا الشمالية بالتفاصيل».
لكنه لم يأتِ في المقابل على ذكر العلاقات بين بكين وطوكيو، التي تدهورت كثيرا منذ أكثر من سنة، فيما يتفاقم الوضع منذ نهاية السنة الماضية. وكانت الصين أثارت عاصفة دبلوماسية عبر إعلانها من جانب واحد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي «منطقة مراقبة للدفاع الجوي» على قسم كبير من بحر الصين الشرقي، الذي يشمل ترسيمه جزرا خاضعة لسيطرة اليابان، لكن تطالب بها الصين.
وتدهور الوضع بشكل إضافي، بعد زيارة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، في 26 ديسمبر (كانون الأول) إلى ضريح ياسوكوني في طوكيو. وتعدّ الصين أن هذا المكان يرمز إلى العدوان والاحتلال العسكري الياباني قبل وخلال الحرب العالمية الثانية. ومنذ ذلك الحين، لم يقم البلدان الجاران بأي شي لنزع فتيل التوتر.
وأوردت صحيفة «اساهي شيمبون» اليابانية، في الآونة الأخيرة، أن الصين وضعت الأسس لمشروع منطقة دفاع جوي جديدة تشمل جزر باراسيل، الأرخبيل الصغير الخاضع لسيطرة بكين لكن تطالب به فيتنام. وتطالب الصين بكل بحر الصين الجنوبي تقريبا، بما يشمل مناطق بعيدة جدا عن سواحلها، فيما تمارس البحرية الصينية، بحسب رأي مراقبين، ضغطا متزايدا حول جزر صغيرة تسيطر عليها الفلبين. وحذرت وزارة الخارجية الأميركية بكين من مبادرة فرض منطقة دفاع جوي جديدة في بحر الصين الجنوبي، وهو ما قد يعد «عملا استفزازيا وأحادي الجانب يزيد التوتر». لكن بكين رفضت هذا التحذير، مؤكدة سيادتها في مجال الدفاع. وقالت وزارة الخارجية الصينية إن «الصين وبصفتها دولة تتمتع بالسيادة لها كل الشرعية للتحرك في مجال أمنها الجوي، بما يشمل فرض منطقة مراقبة للدفاع الجوي».



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».