كشف تحقيق لـ«شبكة سكاي نيوز» الإخبارية، أنّ أكثر من 20 برجًا من أبراج الهواتف في العاصمة البريطانية لندن، تعمل على جمع المعلومات بصورة عشوائية من الهواتف. ومن المفترض أن تستخدم هذه التكنولوجيا المثيرة للجدل لتعقب المجرمين وإلقاء القبض عليهم، عن طريق اعتراض المعلومات في طريقها إلى الشبكة. بيد أنها غير قادرة على التمييز بين هواتف المجرمين وهواتف الأشخاص الآخرين، ممّا يعني أنها تلتقط كل المعلومات المرسلة عبرها. كما ذكرت الشبكة أنه ليس واضحا من يقف وراء تلك الأبراج.
وتعمل أبراج «ستينغراي»، وتُعرف أيضا باسم «آي إم إس آي كاتشر» أو أبراج التنصت على الهواتف الجوالة، بواسطة خداع الهواتف، على أنّها تعمل كهوائيات لاستقبال المكالمات. ولدى اتصال الهواتف بها، تتمكن من استخلاص كل البيانات التي تمر عبرها. بينما لا يعرف مستخدم الهاتف أي فكرة عمّا يحدث.
ويُعتقد أن أجهزة الشرطة حول العالم تستخدم هذه التقنية. ولكنها المرّة الأولى التي يسجل فيها وجود مثل هذه التقنية في المملكة المتحدة.
وكانت شرطة العاصمة قد ذكرت في تقرير صدر عام 2009، أنها ابتاعت بعضًا من أبراج «ستينغراي»، وهذا ما تحدّثت عنه صحيفة «تايمز» حين قالت في نوفمبر (تشرين الثاني)، إن الشرطة البريطانية بدأت فعلا باستخدامها. بيد أن تحقيق «شبكة سكاي نيوز» قدم أول دليل فعلي على استخدام الأبراج.
من جهتها، لم تؤكد شرطة لندن استخدام التقنية، كما أنها لم تنفِ الأمر، إذ صرحت للشبكة الإخبارية أن «المجرمين وحدهم يستفيدون منها، ولا نرى من داع لمنحهم مثل هذه الميزة».
من جانبه، صرح المدير العام للوكالة الوطنية للجريمة لـ«شبكة سكاي نيوز» لندن: «بصراحة، بعض مما يتعين علينا القيام به يحمل طبيعة تطفلية، وغير مريحة، والأمر الأهم هو أننا نقوم بذلك علانية ونقرّ بأن هناك خيارات صعبة لا بد من اتخاذها».
ولكن التقنية يمكن شراؤها بسهولة وبأسعار منخفضة نسبيا على الإنترنت، مما يعني أن بعضًا من الاستخدامات التي عثرت عليها الشبكة الإخبارية أو كلها، قد تكون من جانب بعض المجرمين أو غيرهم من الشخصيات التي لا تتبع للحكومة.
ويتساءل اريك كينغ، نائب مدير مؤسسة «الخصوصية الدولية» قائلاً: «إلى متى ستتظاهر الشرطة بأنه لا وجود لأبراج التنصت الهاتفية؟ إن أدوات التجسس موجودة في كل شيء، بدءًا من فيلم (ذي واير) إلى فيلم (زيرو دارك ثيرتي). وتبيع الشركات التقنيات في السوق السوداء إلى كل من يستطيع دفع الثمن». ويتابع قائلا: «إن الشيء الوحيد الذي لا نعلمه عن ذلك هو ما الذي تفعله الشرطة لحماية الناس من استخدام المجرمين لهذه التقنيات؟ وفي حال استخدموها ما الأطر القانونية لضمان استخدامها بصورة صحيحة؟».
كما وجدت الشبكة الإخبارية، أن الأبراج تستخدم تقنية تقف وراءها شركة أمنية ألمانية تدعى «جي إم إي كيه للتشفير الهاتفي». وقد وجدت أكثر من 20 برجًا وهميًّا خلال ثلاثة أسابيع من الاستخدام.
الجدير ذكره أن تسريبات إدوارد سنودن محلل الاستخبارات الأميركي السابق عام 2013، كشفت عن عمليات تجسس نفّذتها وكالة الأمن القومي الأميركية بحق مئات الملايين من المكالمات الهاتفية في أوروبا والعالم، كما كشفت عن تورط وكالات استخبارات أوروبية أيضا. وسعت حينها واشنطن لتهدئة غضب فرنسا بعد فضيحة التجسس على المكالمات في فرنسا التي طالت هواتف رجال أعمال ومسؤولين وأشخاصا آخرين يشتبه بضلوعهم في الإرهاب.
وعلى الرغم من أن الاستخبارات النيوزيلندية «جي سي إس بي» متهمة باستخدام المراقبة الإلكترونية للتجسس على جيرانها، وكذلك على المرشحين لمنصب الأمين العام لمنظمة التجارة العالمية عام 2013، وفقا لوثائق سربها سنودن، فإن رئيس وزرائها يغير هاتفه الجوال كل ثلاثة أشهر لتقليل خطر التعرض للتجسس.
وفي مقابلة مع إذاعة «مور إف إم» اليوم (الخميس)، قدم جون كي لمحة عن الأمن القومي قائلا إنه يعمل بناءً على مبدأ أنه سيتم التجسس عليه في مرحلة ما، مضيفًا: «لدي إجراءات حماية أمنية على هاتفي أكثر من معظم الناس، لكن ذلك لا يعني أنك بمنأى عن الاختراق». وتابع أنه يتجنب أن يكون هناك هاتف محمول في الغرفة أثناء محادثاته مع مستشاريه للأمن القومي، لأنه من الممكن أن الدخول عليه من بُعد فيمكن استخدامه كجهاز تنصت. وأردف قائلا: «أنا أعرف حقيقة أنه يمكن استخدامه (الهاتف) كجهاز تنصت سواء كان مغلقا أو مفتوحا. أنا في الأغلب أتخلص من جهازي كل ثلاثة أشهر».
20 برجًا للتنصت على المكالمات في لندن
20 برجًا للتنصت على المكالمات في لندن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة