قال الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة أمس إن الولايات المتحدة تبحث تكرار تجربة قاعدة الأنبار الجديدة في محافظات عراقية أخرى مع تقدم الحملة على تنظيم داعش.
وقال ديمبسي لمجموعة صغيرة من الصحافيين قبل أن تهبط طائرته في نابولي بإيطاليا «هذا أحد الخيارات الأخرى التي نبحثها». وأقر بأن الأمر قد يتطلب إرسال المزيد من القوات، وأضاف أن دراسة مثل هذا الاحتمال «مجرد جزء من تخطيط حذر» حسب ما نقلت «رويترز».
وستقام القاعدة الجديدة داخل قاعدة التقدم العسكرية التي تبعد نحو 25 كيلومترا فقط عن مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار التي سيطر عليها تنظيم داعش الشهر الماضي.
ووصف ديمبسي قاعدة التقدم بأنها «منصة» للجيش الأميركي حتى يتوسع أكثر في العراق بهدف تشجيع وتمكين القوات العراقية في قتالها لتنظيم داعش. وأضاف أن التخطيط لمواقع أخرى مماثلة لا يقتصر على المستوى النظري فحسب.
وتابع: «على مستوى التخطيط.. الأمر ليس نظريا بل عملي جد. فنحن ندرس المواقع الجغرافية وشبكات الطرق والمطارات والأماكن التي يمكننا إقامة هذه القواعد فيها بالفعل». لكنه قال إنه لا يتوقع إقامة قاعدة مماثلة في محافظة الأنبار قريبا.
وأضاف: «لكن يمكنني أن أتصور واحدة ربما في الممر الممتد من بغداد إلى تكريت إلى كركوك وحتى الموصل. لذلك ندرس تلك المنطقة».
وعبر ديمبسي عن ثقته في أن أحدث انتشار للقوات بقاعدة التقدم سيساعد في دعم حملة الجيش العراقي ضد «داعش»، «لكن الاختبار الحقيقي هو ما إذا كان العراق سيتمكن من رأب الصدع الطائفي وهو أمر تقع المسؤولية فيه على عاتق زعمائه السياسيين».
وقال ديمبسي «عندما يقول الناس هل يغير هذا قواعد اللعبة.. هذا الموقع الجديد.. لا.. إنه امتداد لحملة قائمة يجعل الحملة أكثر مصداقية. سوف يتعين أن تأتي العوامل المغيرة لقواعد اللعبة من الحكومة العراقية نفسها».
واستقبل شيوخ عشائر الأنبار، بحذر، قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما القاضي بإرسال 450 عسكريا أميركيا إضافيا إلى العراق، فضلا عن إنشاء قاعدة تدريب جديدة في محافظة الأنبار للمساعدة في إعادة بناء القوات العراقية التي تتأهب لخوض معركة استعادة المناطق التي استولى عليها تنظيم داعش. وستعزز الخطة القوة الأميركية المؤلفة من 3100 من المدربين والاستشاريين في العراق، وتمثل تعديلا في استراتيجية أوباما الذي يواجه انتقادات متزايدة تقول إنه لا يحارب التنظيم المتشدد بالصرامة الكافية.
وقال الشيخ نعيم الكعود شيخ عشائر البونمر في محافظة الأنبار: «إذا كان هذا العدد من العسكريين الأميركان جاء للقتال، فهناك الآلاف من المقاتلين ومن صنوف عدة لم يستطيعوا مجابهة (داعش)، أما إذا كان إرسال 450 عسكريا أميركيا هو لغرض التدريب والاستشارة فنحن لدينا أكثر من 60 ألف متطوع من أبناء العشائر، وتعهدت عشائر الأنبار التي قوامها 30 عشيرة بأن تقدم ألفي متطوع من أبناء العشيرة الواحدة، ولكن ما فائدة المتطوعين دون سلاح وعتاد؟».
وأضاف الكعود قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك مؤامرة خطيرة تحاك ضد الأنبار، فالقوات الموجودة على حدود مدينة الرمادي متوقفة بالكامل، ولا توجد نيّة حقيقية لطرد المسلحين، والأدهى والأمرّ من هذا هو أن الحكومة والقيادة العامة للقوات المسلحة تقوم بإرسال ضباط همهم المتاجرة وكسب المال فقط، ثم المغادرة بمكاسب مادية على حساب الأرض والمواطن».
وأشار الكعود إلى «الحالة المأساوية التي يعيشها أبناء الأنبار، خصوصًا في مناطق غرب الأنبار، مثل مدن هيت والبغدادي وحديثة وبقية المناطق التي تقع تحت سيطرة مسلحي تنظيم داعش، والمدن الأخرى التي يحاصرها التنظيم، حيث تعاني من إهمال حكومي متعمد بعدم إرسال المواد الغذائية والطبية المقررة لهم في البطاقة التموينية، بحيث وصل سعر كيس الطحين إلى 700 دولار أميركي والناس على أبواب شهر رمضان وهم يتضورون جوعًا تحت أنظار ومسمع الحكومة».
من جانبهِ قال الشيخ رافع الفهداوي شيخ عشائر البوفهد في محافظة الأنبار في حديث لـ«الشرق الأوسط» إننا «كشيوخ عشائر في المناطق المتصدية لتنظيم داعش نرحب بقرار الرئيس الأميركي بإرسال 450 من جنودها للمشاركة في تدريب القوات العراقية وأبناء العشائر، ونرحب بكل الدول التي قدمت وما زالت تقدم المساعدات للعراق من أجل المشاركة في الحرب ضد الإرهاب العالمي، ولكن السؤال هو أين ذهبت كل تلك الأسلحة والمساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية والدول العربية وإيران، ونحن نعاني ونطالب ونناشد ونستجدي الحكومة تجهيز أبنائنا من المتطوعين بالسلاح دون جدوى؟».
وأضاف الفهداوي: «منذ سبعة أشهر وقرار الحكومة بتجهيز أبناء الأنبار بالسلاح والعتاد والرواتب مجمد وفي طريقه للنسيان، بينما تقدم الحكومة العراقية لقوات الحشد الشعبي ما لم تقدمه حتى للجيش أو الشرطة، ويمتلك الحشد الشعبي مختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، ويتم تجهيزه بالمال والمواد الغذائية والطبية على غرار أحدث الجيوش، بينما يقاتل أبناء عشائرنا بأسلحتهم الخفيفة التي يمتلكونها بشكل شخصي، ويشترون العتاد من مالهم الخاص، ولم يتقاضَ أي فرد منهم راتبا على مدى الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، حتى وصل الأمر إلى قطع رواتب أفراد الشرطة من أبناء الأنبار، هناك أمور سلبية كثيرة تمارسها الحكومة ضدنا وقد وضعنا عليها علامات استفهام».
بدوره، قال فالح العيساوي، نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار، لـ«الشرق الأوسط»، إن «إرسال 450 عسكريا أميركيا يضاف إلى الثلاثة آلاف عسكري الموجودين أصلاً في العراق من أجل الاستشارة وتدريب القوات العراقية، هذا أمر نعتبره جيدا ومقبولا، ولكن ما جدوى أن يتدرب المقاتلون ويركنون جانبًا بغير تجهيزهم بالسلاح والعتاد أو انخراطهم ضمن القطعات العسكرية في الجيش أو الشرطة؟ فلقد أصبح في الأنبار أكثر من 15 ألف متطوع أتموا التدريب وركنوا جانبًا بسبب رفض الحكومة تسليح أبناء الأنبار».
وفي السياق ذاته قال الخبير الأمني والعسكري اللواء عبد الكريم خلف في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «عملية إرسال 450 عسكريا أميركيا إلى العراق أمر غير مجدٍ تمامًا على أرض الواقع، فالقوات الأميركية لديها 3 آلاف عسكري موجودون منذ رحيل قواتها من العراق، فماذا فعل كل هؤلاء ومسلحو تنظيم داعش يتمددون بشكل مخيف في العراق؟».
وأضاف اللواء خلف: «عملية إرسال الجنود الأميركان هو لغرض سياسي وليس لأهداف عسكرية، فالمطلوب الآن هو تكثيف الجهد الاستخباراتي على الأرض وتجهيز الضربات الجوية بشكل مجدٍ وفعّال لكي تتمكن القوات الموجودة على الأرض من إلحاق الهزيمة بالعدو المشترك والقضاء على مسلحي تنظيم داعش وتحرير ومسك الأرض».
واشنطن تبحث إقامة قواعد عسكرية في العراق على غرار قاعدة الأنبار
عشائر الرمادي يستقبلون قرار أوباما بإرسال المدربين بحذر ويطالبون بالتسليح
واشنطن تبحث إقامة قواعد عسكرية في العراق على غرار قاعدة الأنبار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة