الحوثيون يعززون قبضتهم على قطاع النفط.. قبيل «جنيف»

مصادر لـ : تغييرات واسعة في قيادات وزارة البترول وشركاتها

عامل يشير إلى الرفوف الفارغة في سوبر ماركت بمدينة عدن أمس في ظل ندرة المواد الاستهلاكية (أ.ف.ب)
عامل يشير إلى الرفوف الفارغة في سوبر ماركت بمدينة عدن أمس في ظل ندرة المواد الاستهلاكية (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعززون قبضتهم على قطاع النفط.. قبيل «جنيف»

عامل يشير إلى الرفوف الفارغة في سوبر ماركت بمدينة عدن أمس في ظل ندرة المواد الاستهلاكية (أ.ف.ب)
عامل يشير إلى الرفوف الفارغة في سوبر ماركت بمدينة عدن أمس في ظل ندرة المواد الاستهلاكية (أ.ف.ب)

قالت مصادر مطلعة في شركة النفط اليمنية لـ«الشرق الأوسط» إن الانقلابيين الحوثيين وحلفاءهم من أنصار الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، يعملون على تغيير القيادات العليا والمتوسطة في الشركة بشكل حثيث وممنهج ويستبدلونهم بآخرين تابعين أو موالين للحركة الحوثية، ضمن مساعيها لإتمام إحكام السيطرة على الدولة ومفاصلها قبل الذهاب إلى مؤتمر جنيف تحسبًا لأي تسوية سياسية يُمكن أن تفضي إلى إنهاء سيطرة الميليشيات وعودة الحكومة الشرعية بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216.
وذكرت المصادر أن الحوثيين قاموا خلال الفترة القصيرة لانقلابهم على الشرعية ووثوبهم على السلطة بقوة السلاح، بالإطاحة بالكثير من قيادات وكفاءات وزارة وشركة النفط اليمنية، واستبدالهم بآخرين موالين بدءا بمدير شركة «صافر» الوطنية ونائبه، كبرى الشركات النفطية الحكومية، عبر قضية مفتعلة لم ينته التحقيق فيها بعد، بإيعاز من النيابة العامة التي حاولت وقتها مجاراة الحوثيين والرضوخ لإملاءاتهم، شأن الكثير من المؤسسات بحكم أنها السلطة الجديدة، حسب قول المصادر.
وأوضحت المصادر أن «الحوثيين نجحوا في إحداث تغييرات واسعة في القيادات العليا والوسطية داخل الإدارة العامة لشركة صافر في صنعاء، إلا أنهم لم يتمكنوا من فعل ذلك في مأرب حيث منشآت الإنتاج لقوة السلطة المحلية وعدم تمكنهم من اختراق مأرب واجتياحها عسكريًا».
وتنبع أهمية شركة صافر الوطنية، و(أهمية محافظة مأرب أيضًا) من كونها تدير القطاع «18» مأرب - الجوف، وهو أكبر قطاع نفطي في اليمن، يمتد على مساحات شاسعة من محافظتي مأرب والجوف وسط وشرق البلاد إلى جانب القطاع 20 ومصفاة مأرب لتكرير النفط الخام. وتعد صافر أكبر منتج للنفط والنفط المكافئ في البلد (275 ألف برميل نفط ونفط مكافئ يوميًا)، إضافة إلى كونها المنتج الوحيد البترولي المسال (الغاز المنزلي LPG)، والمنتج الوحيد لغاز المحطة الكهربائية (محطة مأرب الغازية)، وكذا المنتج الوحيد للغاز الطبيعي المسال LNG الذي يصدّر إلى الخارج عبر تحالف شركات دولية تضم هنت الأميركية وتترأسه توتال الفرنسية. وأضافت المصادر أن الحوثيين أقدموا بعد فترة وجيزة، ودون أي أسباب، على تغيير مدير شركة جنة هنت، وهي شركة مختلطة حكومية وخاصة، تدير القطاع رقم 5 في شرق شبوة جنوبي اليمن أحد القطاعات النفطية المنتجة والغنية في البلاد.
إلى ذلك، قال مصدر رفيع في وزارة النفط، طلب عدم الإفصاح عن اسمه، لـ«الشرق الأوسط»: «إن الحوثيين عملوا على إحداث تغييرات تدريجية في قيادات شركة النفط وما ينبثق عنها من مؤسسات وشركات وهيئات يتجاوز عددها ست شركات وهيئتين، أبرزها شركة توزيع المنتجات النفطية المسؤولة عن توزيع المشتقات النفطية، والشركة اليمنية للغاز، والشركة اليمنية لتكرير النفط الخام (تتولى تكرير النفط الخام إلى بنزين، ديزل، مازوت). وإلى جانب شركة مصافي عدن (توقفت عن الإنتاج مع بدء عمليات عاصفة الحزم وزحف الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع إلى عدن)، فإن الأهمية الكبرى وأكثر التغييرات في المناصب القيادية حصلت داخل الشركة اليمنية للاستثمارات النفطية والمعدنية» حسب قول الخبير النفطي والمصدر الرفيع.
وعلل المصدر ذلك لكون الشركة اليمنية للاستثمارات النفطية والمعدنية، بموجب اتفاقيات المشاركة المبرمة بين الحكومة اليمنية والشركات الإنتاجية، تعد مُشاركة في الإنتاج مع الكثير من الشركات الأجنبية وأهمها كـ(هنت، إكسون، توتال، كوفبيك، وشركتان روسيتين)، وقد صارت «الشركة اليمنية للاستثمارات النفطية والمعدنية» بموجبها تمثل حصة الحكومة اليمنية، وتساهم بنسبة مُشاركة 20 في المائة مع تجمع الشركات الأجنبية الاستكشافية.
وأضاف المصدر: «صارت الشركة بمثابة حجر الزاوية في شركة النفط، وتتدخل في أعمال الكثير من القطاعات وتعرقلها إن أرادت، إلى درجة أن الرئيس السابق المخلوع صالح عهد إليها أثناء توليه السلطة، بمهام الإدارة والإشراف على الكثير من القطاعات النفطية الخارجة عن نطاق صلاحياتها والتي ليست من اختصاصها، بحكم أن مديرها شخص من عائلة الرئيس صالح (ابن عمه)، ومن جملة القطاعات التي أضيفت إلى مهام شركة الاستثمارات، قطاع جنّة رقم (5) شبوة- مأرب بحقليه (حليوة والنصر)، بالإضافة إلى قطاع 4 في شبوة أيضًا ويسمى قطاع غرب عياد واكتشف فيه النفط عام 1987م عن طريق شركة تكنو اكسبورت الروسية».
ويبلغ عدد القطاعات المنتجة للنفط الخام في اليمن 12 قطاعًا إنتاجيًا، تعمل فيها 11 شركة نفطية، تعتمد عليها الحكومة اليمنية بشكل مركزي، إيراديا، في توفير بين 60 إلى 70 في المائة من موازنة الدولة، وما يعادل 63 في المائة من إجمالي صادرات البلاد، و30 في المائة من الناتج المحلي.
وتتوزع الشركات النفطية العاملة في اليمن، بحسب تقديرات حكومية، بين 12 شركة إنتاجية، منها شركتان حكوميتان (صافر وبترو المسيلة)، و19 شركة استكشافية، إلى جانب 50 شركة، منها 22 أجنبية و28 محلية، تعمل في مجال خدمات العمليات البترولية لكلا القطاعين الاستكشافي والإنتاجي. وقد غادر معظمها اليمن، أو أعلن إنهاء أعماله في اليمن كليًا، معظم هذه الشركات عقب اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء وبعد أسابيع قليلة من إعلانهم لما سمي «الإعلان الدستوري» الذي كان بمثابة انقلاب كامل على السلطة الشرعية للبلاد.
ومؤخرًا، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» وثيقة حديثة صادرة عما يسمى «اللجنة الثورية»، وهي أعلى كيان تنظيمي في سلطات الانقلابيين الحوثيين، تحمل توجيهًا خطيًا من رئيس اللجنة الثورية في محافظة إب بتغيير «مدير محطة البنزين التابعة لشركة النفط بمدير جديد تابع للحوثيين» وكأن ذلك من اختصاصه وليس من اختصاص شركة النفط. وسخر ناشطون من سلوك الحوثيين الذي يظهر مدى تهافتهم على السلطة، وعدم احترامهم لأي مظاهر شكلية تحفظ هيبة مؤسسات الدولة بعد الانقلاب، وحجم التغييرات الكارثية والتدمير الممنهج لشركة النفط إلى درجة تغيير مديري محطات بنزين، وليس على مستوى قيادات شركة النفط العليا، في إشارة واضحة إلى تورط الانقلابيين في أزمات الوقود والمشتقات النفطية التي تمر بها البلاد منذ نحو ثلاثة أشهر.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.