إسرائيل تقطع تمويل مسرحين عربيين وفنانون يعدونه تهديدا لحرية الإبداع

ممثل يرفض الظهور في المستوطنات ومسرح يعرض قصة أسير فلسطيني يحلم بالزواج

إسرائيل تقطع تمويل مسرحين عربيين وفنانون يعدونه تهديدا لحرية الإبداع
TT

إسرائيل تقطع تمويل مسرحين عربيين وفنانون يعدونه تهديدا لحرية الإبداع

إسرائيل تقطع تمويل مسرحين عربيين وفنانون يعدونه تهديدا لحرية الإبداع

هدد عدد من الفنانين اليهود في اسرائيل بوقف جميع العروض المسرحية والفنية ابتداء من الشهر المقبل، إذا لم تتراجع الحكومة عن قراراتها بقطع التمويل عن مسرحين عربيين، هما مسرح الميدان، بإدارة الممثل والمخرج عدنان طرابشي، ومسرح الميناء برئاسة الممثل نورمان عيسى. وأعرب الفنانون عن خشيتهم من تصريحات وزيرين يمينيين، هما وزير التعليم، نفتالي بنيت، ووزيرة الثقافة، ميري ريغف، التي تنذر بفرض مراقبة غير مباشرة على الابداع.
وقال المخرج الاسرائيلي المعروف، سيناي بيتر، إن تصريحات بينت وريغف بمثابة اعلان حرب من قبل الحكومة على الثقافة ككل، وليس فقط على الثقافة العربية في اسرائيل، وان الحديث هو عن ميزانية صغيرة لمسرحين صغيرين، لكن معنى هذه الحرب الرمزية ابعد من ذلك، وكل التصريحات التي تقولها الجهات الرسمية عن المقاطعة الدولية تثبت الان، انه تدار هنا سياسة كم افواه وقمع لم يتم انتهاج مثلها في السابق ضد المسارح الاسرائيلية، على الاقل منذ الغاء الرقابة على المسرح. وتطرق الى قرار قطع التمويل، قائلا، إنه لم تفرض عقوبات كهذه على أي مسرح او ممثل يهودي في اسرائيل. وهذه حقيقة تجمد الدماء لأنها تعني نوعا من الابرتهايد الزاحف نحو الحوار الثقافي الاسرائيلي، واذا كان نورمان عيسى يتعرض لمثل هذا الهجوم فنحن في حالة طوارئ، وتم اجتياز الخطوط الحمراء».
وكان وزير التعليم، بينت، قد قرر استغلال صلاحياته واخراج مسرحية «الزمن الموازي» لمسرح الميدان العربي في مدينة حيفا، من «سلة الثقافة»، على الرغم من قرار اللجنة المرجعية لسلة الثقافة الابقاء على المسرحية في برنامج الجهاز التعليمي. ويعني ذلك ان تلغى ميزانية الدعم للمسرح وبالتالي وقف نشاطه. وفي وقت مواز، وجهت وزيرة الثقافة، ريغف، ضربة اخرى الى عالم المسرح حين اعلنت انها تنوي الغاء دعم الوزارة لمسرح الاطفال والشبيبة العربي «الميناء» في مدينة يافا، بسبب رفض مؤسسه ومديره الفني الفنان نورمان عيسى، الظهور في مستوطنات غور الأردن مع مسرحية «بوميرانج» للمسرح البلدي في حيفا. وهاجمت ريغف الفنان نورمان عيسى. وقالت، خلال مشاركتها في افتتاح مهرجان سينما الجنوب، انها كوزيرة للثقافة مهمتها ضمان عدة اصوات في المجتمع الاسرائيلي، (لكن) «في الفترة التي نتواجد فيها في مواجهة دبلوماسية يجب عمل كل ما يتطلب من اجل وقف من يزود السلاح لاعدائنا». ورد قسم من الجمهور الذي تألف بغالبيته من الجامعيين بإطلاق هتافات تحقير واحتجاج، والصراخ بأنه من دون حرية التعبير لا توجد ديموقراطية
واعلن مسؤول رفيع في عالم المسرح الاسرائيلي، امس، بأنه اذا نفذت ريغف تهديداتها، فان على المسارح ان تعلن الاضراب، لا بل اعرب عن امله بأن تنضم الى الاضراب المتاحف وكل مؤسسات الثقافة. وقال الفنان نورمان عيسى، امس، انه يشعر «برقص شياطين من حوله». واضاف: «انا عربي اسرائيلي متزوج من يهودية واربي عائلة رائعة. انا وزوجتي نكرس حياتنا لتحقيق التعايش المشترك بين اليهود والعرب، ولهذا اسسنا المسرح في يافا، ولا يمكن ان تتوقعوا مني العمل ضد ضميري والموافقة على الظهور في اماكن متنازع عليها. هذه المسالة ليست جديدة، وتم حلها قبل سنوات في كل مسارح اسرائيل، حين تقرر انه اذا رفض ممثل يهودي او عربي الظهور في مكان ما لاسباب ضميرية، فانه يتم استبداله بممثل آخر». وقال عيسى انه ابلغ مسرح حيفا قبل اكثر من اربعة اشهر، بأنه يجب استبداله بممثل اخر في هذه المسرحية، لكن المسرح لم يفعل ذلك.
وقال مدير مسرح الميدان عدنان طرابشة، ان قرارات بينت تهدف الى تعميق الكراهية بين اليهود والعرب. فهو هاجم المسرحية من دون ان يشاهدها. وهو يخرج ضد كل المهنيين ويسعى الى كم الافواه». واعتبر الهجوم على مسرح الميدان والفنان نورمان عيسى بمثابة ملاحقة للفنانين بدعم حكومي.
يشار الى ان مسرحية «الزمن الموازي» التي يعرضها مسرح الميدان، هي من تأليف واخراج بشار مرقس، وتتناول قصة اسير فلسطيني يحلم بالزواج، وتحاكي قصة الاسير الامني وليد دقة، الذي ادين بالمشاركة باختطاف وقتل الجندي موشيه تمام في عام 1984، وحكم عليه بالسجن المؤبد. وقد أثارت حفيظة وزارة التعليم في الحكومة السابقة، فعين لجنة لفحص قانونيتها. وبعد الفحص، قررت اللجنة إجازتها مؤكدة انهها تعالج قضية انسانية شائكة ولكنها لا تتضمن تحريضا. لكن الوزير بنيت، قرر أن يحقق مع أعضاء اللجنة حول استنتاجاتهم.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.