ليبيا.. حرب مفاجئة بين الجماعات المتطرفة في درنة ومقتل العشرات

مجلسا النواب السابق والحالي يستعدان للرد الأسبوع المقبل على تشكيل حكومة وحدة وطنية

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا بيرناردينو ليون (يشار) مع وزير الخارجية الألماني فرانك والتر شتاينماير أثناء مشاركتهما في اجتماع خاص بالأزمة الليبية في برلين أمس (إ.ب.أ)
المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا بيرناردينو ليون (يشار) مع وزير الخارجية الألماني فرانك والتر شتاينماير أثناء مشاركتهما في اجتماع خاص بالأزمة الليبية في برلين أمس (إ.ب.أ)
TT

ليبيا.. حرب مفاجئة بين الجماعات المتطرفة في درنة ومقتل العشرات

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا بيرناردينو ليون (يشار) مع وزير الخارجية الألماني فرانك والتر شتاينماير أثناء مشاركتهما في اجتماع خاص بالأزمة الليبية في برلين أمس (إ.ب.أ)
المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا بيرناردينو ليون (يشار) مع وزير الخارجية الألماني فرانك والتر شتاينماير أثناء مشاركتهما في اجتماع خاص بالأزمة الليبية في برلين أمس (إ.ب.أ)

اندلعت حرب مفاجئة بين جماعات متطرفة في مدينة درنة بشرق ليبيا، أدت إلى مقتل عشرة أشخاص وجرح خمسة آخرين من تنظيم داعش في مواجهة ما يسمى بـ«مجلس شورى ثوار درنة»، بينما اغتنم الجيش الوطني الموالى للسلطات الشرعية في ليبيا الفرصة وقصف مواقع عسكرية تابعة للطرفين.
وبدأت سلسة الأحداث بعملية اغتيال نفذها مساء أول من أمس تنظيم داعش لنائب رئيس مجلس شورى مجاهدي درنة ناصر العكر، الذي يعتبر أيضا من أبرز قادة كتيبة شهداء أبو سليم، قبل أن يرد مجلس شورى ثوار درنة بمهاجمة إحدى بوابات تنظيم داعش ويقتل اثنين من عناصره.
واستهدف سلاح الجو الليبي مقر الحسبة التابع ‫‏لتنظيم داعش وسط درنة، كما شنت طائرات حربية وعمودية سلسلة غارات ضد أهداف تابعة للمتطرفين في مختلف أنحاء المدينة.
وشهدت شوارع المدينة حرب شوارع حقيقية استخدمت فيها الأسلحة المتوسطة، حيث أعلن مجلس شورى ثوار درنة الحرب على تنظيم داعش بعدما أكد مصرع زعيمه، سالم دربي الذي أصيب في هذه المواجهات العنيفة. وقال شهود عيان إن بعض شباب المدينة انضموا إلى ميلشيات مجلس شورى الثوار في مواجهة عناصر تنظيم داعش، وسط ادعاءات متبادلة بين الطرفين بشأن سيطرة كل منها على الأوضاع داخل المدينة التي تعتبر المعقل الرئيسي للجماعات المتطرفة في شرق ليبيا.
ونعت رئاسة المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته الذي يسيطر على العاصمة الليبية طرابلس، دربي الذي وصفه بالقائد الميداني سالم أحد قادة ثوار مدينة درنة، الذي كان دائما حريصا على حماية الوطن ووحدة ترابه وكان قائدا في الحرب والسلم. وجرى تشكيل «مجلس شورى مجاهدي درنة» في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من مختلف المقاتلين، تحسبا لأي هجمات على هذه المدينة الخارجة عن سلطة الدولة من قبل الجيش الليبي.
ونظم مسلحون إسلاميون آنذاك، مسيرة وعرضا عسكريا ضخما لآليات ومقاتلين يحملون الرايات السوداء وهم يتجولون في مختلف أرجاء المدينة، كما أعلن المجلس دعمه للمتطرفين الذي يقاتلون لجيش الليبي في مدينة بنغازي. إلى ذلك، وفيما دعا البرلمان السابق أعضاءه دراسة المسودة الأخيرة التي قدمتها بعثة الأمم المتحدة في حوار الصخيرات بالمغرب، وبيان الإيجابيات والسلبيات فيها إلى حين عودة فريق الحوار ومناقشتها في جلسة المؤتمر الأسبوع القادم في العاصمة طرابلس، قال فرج بوهاشم، الناطق الرسمي باسم مجلس النواب لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس سيعقد ما وصفه باجتماع حاسم بمقره المؤقت في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي يوم الاثنين المقبل للرد على ما تضمنته هذه المسودة المثيرة للجدل.
واعتبر بوهاشم أن تحدي أعضاء وفد المجلس إلى حوار المغرب للقرار الذي اتخذه المجلس بعدم المشاركة في الاجتماعات التي عقدت أمس في ألمانيا والعودة فورا إلى مقر المجلس بمدينة طبرق لن يمر دون حساب.
لكن الدكتور أبو بكر بعيرة عضو وفد مجلس النواب إلى حوار المغرب والذي شارك أمس في اجتماع ألمانيا، أعلن في المقابل إن مسودةَ الحوار الرابعة تحتوي على بعض الأفكار الإيجابية التي يُمكن أن تخُرج الوطن من الأزمة الحالية التي يمّر بها، مشيرًا إلى أنه على الرغم من وجود بعض النقاط التي تبدو سلبية؛ إلا أن ما يمر به الوطن من مُنزلقٍ خطير قد يجعلنا نناقشُ كلَّ الخيارات سعيًا للتوافق وإنقاذًا للوطن والمواطن، وتخفيفًا لمعاناة الناس.
وأضاف في بيان له: «إننا كبرلمان لسنا اللاعب الوحيد على الساحة السياسيّة الليبيّة، ولا بد في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الوطن، من القيام ببعض الإصلاحات والتنازلات الجزئية إنقاذا للناس مما هم فيه». واعتبر بعيرة أنه «لا بديل لنا عن محاورة المجتمع الدولي الذي يضعُ القضية الليبية على قائمة أولوياته الآن»، لافتا إلى أن «كل يوم يتأخر فيه الحوار السياسي عن حل الأزمة الراهنة، يدفع بالبلاد أكثر فأكثر إلى دهاليز المجهول، ويزيد من معاناة وألم الناس».
وقال بيان صادر عن اجتماع ليبيا في برلين إن مسؤولين كبار من حكومات الاتحاد الروسي وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية وكذلك الاتحاد الأوروبي في برلين اجتمعوا أمس مع أعضاء الوفد الليبي المشارك في الحوار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة، بحضور الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة برناردينو ليون.
واعتبر البيان الذي تلقت («الشرق الأوسط») نسخة منه، أنه على الرغم من أن الشعب الليبي جدير بالسلام والاستقرار والازدهار، بيد أن ليبيا تواجه تهديدات جديدة لسيادة وسلامة البلاد: ولفت إلى أن الجماعات المسلحة بين الأخوة أدت إلى معاناة شديدة لدى السكان المدنيين، وتدهور الوضع الإنساني، وارتفاع معدل انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني، وتشريد أعداد كبيرة من الأشخاص، واستنزاف موارد الدولة، وإحداق خطر الانهيار الاقتصادي والمالي بليبيا. وكشف عن أن الجماعات الإرهابية - كما عرّفها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة - تسعى إلى زرع جذورها في ليبيا كدولة مقسمة، وتهديد أمن المنطقة بأسرها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».