اندلعت حرب مفاجئة بين جماعات متطرفة في مدينة درنة بشرق ليبيا، أدت إلى مقتل عشرة أشخاص وجرح خمسة آخرين من تنظيم داعش في مواجهة ما يسمى بـ«مجلس شورى ثوار درنة»، بينما اغتنم الجيش الوطني الموالى للسلطات الشرعية في ليبيا الفرصة وقصف مواقع عسكرية تابعة للطرفين.
وبدأت سلسة الأحداث بعملية اغتيال نفذها مساء أول من أمس تنظيم داعش لنائب رئيس مجلس شورى مجاهدي درنة ناصر العكر، الذي يعتبر أيضا من أبرز قادة كتيبة شهداء أبو سليم، قبل أن يرد مجلس شورى ثوار درنة بمهاجمة إحدى بوابات تنظيم داعش ويقتل اثنين من عناصره.
واستهدف سلاح الجو الليبي مقر الحسبة التابع لتنظيم داعش وسط درنة، كما شنت طائرات حربية وعمودية سلسلة غارات ضد أهداف تابعة للمتطرفين في مختلف أنحاء المدينة.
وشهدت شوارع المدينة حرب شوارع حقيقية استخدمت فيها الأسلحة المتوسطة، حيث أعلن مجلس شورى ثوار درنة الحرب على تنظيم داعش بعدما أكد مصرع زعيمه، سالم دربي الذي أصيب في هذه المواجهات العنيفة. وقال شهود عيان إن بعض شباب المدينة انضموا إلى ميلشيات مجلس شورى الثوار في مواجهة عناصر تنظيم داعش، وسط ادعاءات متبادلة بين الطرفين بشأن سيطرة كل منها على الأوضاع داخل المدينة التي تعتبر المعقل الرئيسي للجماعات المتطرفة في شرق ليبيا.
ونعت رئاسة المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته الذي يسيطر على العاصمة الليبية طرابلس، دربي الذي وصفه بالقائد الميداني سالم أحد قادة ثوار مدينة درنة، الذي كان دائما حريصا على حماية الوطن ووحدة ترابه وكان قائدا في الحرب والسلم. وجرى تشكيل «مجلس شورى مجاهدي درنة» في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من مختلف المقاتلين، تحسبا لأي هجمات على هذه المدينة الخارجة عن سلطة الدولة من قبل الجيش الليبي.
ونظم مسلحون إسلاميون آنذاك، مسيرة وعرضا عسكريا ضخما لآليات ومقاتلين يحملون الرايات السوداء وهم يتجولون في مختلف أرجاء المدينة، كما أعلن المجلس دعمه للمتطرفين الذي يقاتلون لجيش الليبي في مدينة بنغازي. إلى ذلك، وفيما دعا البرلمان السابق أعضاءه دراسة المسودة الأخيرة التي قدمتها بعثة الأمم المتحدة في حوار الصخيرات بالمغرب، وبيان الإيجابيات والسلبيات فيها إلى حين عودة فريق الحوار ومناقشتها في جلسة المؤتمر الأسبوع القادم في العاصمة طرابلس، قال فرج بوهاشم، الناطق الرسمي باسم مجلس النواب لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس سيعقد ما وصفه باجتماع حاسم بمقره المؤقت في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي يوم الاثنين المقبل للرد على ما تضمنته هذه المسودة المثيرة للجدل.
واعتبر بوهاشم أن تحدي أعضاء وفد المجلس إلى حوار المغرب للقرار الذي اتخذه المجلس بعدم المشاركة في الاجتماعات التي عقدت أمس في ألمانيا والعودة فورا إلى مقر المجلس بمدينة طبرق لن يمر دون حساب.
لكن الدكتور أبو بكر بعيرة عضو وفد مجلس النواب إلى حوار المغرب والذي شارك أمس في اجتماع ألمانيا، أعلن في المقابل إن مسودةَ الحوار الرابعة تحتوي على بعض الأفكار الإيجابية التي يُمكن أن تخُرج الوطن من الأزمة الحالية التي يمّر بها، مشيرًا إلى أنه على الرغم من وجود بعض النقاط التي تبدو سلبية؛ إلا أن ما يمر به الوطن من مُنزلقٍ خطير قد يجعلنا نناقشُ كلَّ الخيارات سعيًا للتوافق وإنقاذًا للوطن والمواطن، وتخفيفًا لمعاناة الناس.
وأضاف في بيان له: «إننا كبرلمان لسنا اللاعب الوحيد على الساحة السياسيّة الليبيّة، ولا بد في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الوطن، من القيام ببعض الإصلاحات والتنازلات الجزئية إنقاذا للناس مما هم فيه». واعتبر بعيرة أنه «لا بديل لنا عن محاورة المجتمع الدولي الذي يضعُ القضية الليبية على قائمة أولوياته الآن»، لافتا إلى أن «كل يوم يتأخر فيه الحوار السياسي عن حل الأزمة الراهنة، يدفع بالبلاد أكثر فأكثر إلى دهاليز المجهول، ويزيد من معاناة وألم الناس».
وقال بيان صادر عن اجتماع ليبيا في برلين إن مسؤولين كبار من حكومات الاتحاد الروسي وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية وكذلك الاتحاد الأوروبي في برلين اجتمعوا أمس مع أعضاء الوفد الليبي المشارك في الحوار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة، بحضور الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة برناردينو ليون.
واعتبر البيان الذي تلقت («الشرق الأوسط») نسخة منه، أنه على الرغم من أن الشعب الليبي جدير بالسلام والاستقرار والازدهار، بيد أن ليبيا تواجه تهديدات جديدة لسيادة وسلامة البلاد: ولفت إلى أن الجماعات المسلحة بين الأخوة أدت إلى معاناة شديدة لدى السكان المدنيين، وتدهور الوضع الإنساني، وارتفاع معدل انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني، وتشريد أعداد كبيرة من الأشخاص، واستنزاف موارد الدولة، وإحداق خطر الانهيار الاقتصادي والمالي بليبيا. وكشف عن أن الجماعات الإرهابية - كما عرّفها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة - تسعى إلى زرع جذورها في ليبيا كدولة مقسمة، وتهديد أمن المنطقة بأسرها.
ليبيا.. حرب مفاجئة بين الجماعات المتطرفة في درنة ومقتل العشرات
مجلسا النواب السابق والحالي يستعدان للرد الأسبوع المقبل على تشكيل حكومة وحدة وطنية
ليبيا.. حرب مفاجئة بين الجماعات المتطرفة في درنة ومقتل العشرات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة