بدأت أونغ سان سو تشي، المعارضة البورمية الفائزة بجائزة نوبل للسلام، أمس أول زيارة للصين، التي كانت تدعم لفترة طويلة النظام العسكري السابق، لكنها تبدو مصممة حاليا على التقارب مع زعيمة حزب «الرابطة الوطنية للديمقراطية»، الذي يرجح فوزه في الانتخابات المقبلة.
ووصفت الصحافة الصينية الرسمية الزيارة بأنها «تاريخية»، وسط توقعات بأن تشكل لقاءاتها مع الرئيس الصيني فرصة لتعزيز الثقة بين البلدين، وهي تأتي تلبية لدعوة وجهها الحزب الشيوعي الصيني، الذي يسعى على ما يبدو إلى تحسين مستقبل العلاقات مع جارته الجنوبية، بعد تدهورها في الأعوام الأخيرة. وخلال هذه الزيارة الطويلة التي تستمر حتى الأحد المقبل، تلتقي زعيمة المعارضة البورمية الرئيس الصيني شي جينبينغ، ورئيس الوزراء لي كيكيانغ، وفق ما أعلن حزبها، علما بأن وفدا منه يرافقها.
ووصلت سو تشي إلى مطار بكين مرتدية قميصا أبيض، ترافقها مساعدتها ونائبان من حزبها، وسرعان ما غادرت المطار وسط انتشار أمني كثيف في سيارة ليموزين سوداء متجهة إلى دياويوتاي، المقر الرسمي المخصص للضيوف الكبار للحكومة الصينية.
ولم يدل الجانب الصيني بأي معلومات عن هذه الزيارة، لكن المتحدث باسم الدبلوماسية الصينية هونغ لي أعلن أمس أنه يتوقع «تعزيزا للثقة والتفاهم المتبادل»، فضلا عن «تعاون ملموس في مجالات عدة» بين البلدين.
وكتبت صحيفة «غلوبال تايمز» الرسمية «إنها مبادرة انفتاح من جانب بكين»، معتبرة أن هذا «التحول الاستراتيجي» يثبت «المقاربة البراغماتية للدبلوماسية» الصينية. ويتوقع أن تحقق «الرابطة الوطنية للديمقراطية» فوزا كبيرا في الانتخابات المقررة نهاية ستة 2015. وأضافت الصحيفة القريبة من الحزب الشيوعي الصيني أن «سو تشي تسعى إلى أن تكون مرشحة للرئاسة» رغم أن الدستور الحالي يحول دون ترشحها كونها متزوجة بأجنبي. ويرى المحللون أن بكين عبر هذه الدعوة، تنأى بنفسها عن حكومة الرئيس البورمي ثين سين، في موازاة تحقيق تقارب مع شخصية ذات شعبية كبيرة في بورما وعلى الصعيد الدولي.
وسو تشي التي ستكمل عامها السبعين في 19 الحالي، أمضت عشرين عاما في الإقامة الجبرية أو في السجن خلال حكم المجلس العسكري الذي حظي بدعم سياسي واقتصادي من بكين حتى قرار حل نفسه في 2011.
وتعكس دعوة سو تشي إلى بكين من جانب آخر عزما صينيا على احتواء الحملة الدبلوماسية الأميركية الهادفة إلى جعل بورما تدور في فلك الولايات المتحدة، ذلك أنه خلال زيارته الأخيرة لبورما في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014. بدا واضحا أن الرئيس باراك أوباما خص زعيمة المعارضة باهتمام فاق الرئيس ثين سين نفسه.
وكتبت الصحافة الصينية أخيرا أنه منذ 2011 «فقدت الحكومة سيطرتها سريعا على المجتمع»، ما سيضطر بكين إلى تقاسم السوق البورمية مع المستثمرين الأجانب. وفي هذا السياق، أكد معلق في «غلوبال تايمز» أمس أن الكثير من مشاريع الاستثمار الصينية الكبيرة «عرقلتها الحكومة البورمية».
وقد تثير سو تشي، السجينة السياسية السابقة، أمام القادة الصينيين قضية الكاتب المعارض الحائز نوبل للسلام عام 2010 ليو شياوبو، الذي يمضي منذ 2009 عقوبة بالسجن 11 عاما. وتأتي هذه الزيارة غير المسبوقة للصين على خلفية تساؤلات دولية وخصوصا من جانب الدالاي لاما عن صمت البوذية سو تشي حيال أزمة المهاجرين في جنوب شرقي آسيا، وفي مقدمهم أقلية الروهينغيا المسلمة في بورما التي تتعرض للاضطهاد. لكن نيكولاس فاريلي المتخصص في الشؤون البورمية في جامعة أستراليا الوطنية اعتبر أن «سو تشي تخوض معركتها في محاولة للفوز في الانتخابات. وبالنظر إلى هذا الرهان، ستتحلى ببراغماتية قوية»، مضيفا: «إنها تعلم أن الصين تؤدي دورا حاسما في مستقبل بورما».
وتوقعت افتتاحية «غلوبال تايمز» أن «تصبح (سو تشي) صديقة قريبة من الصين»، مشيرة إلى «موقفها البراغماتي» من الخلافات التجارية الثنائية.
علاقات الصين مع بورما تدخل منعطفًا جديدًا بفضل المعارضة أونغ سان سو تشي
توقعات بأن تشكل لقاءاتها مع الرئيس الصيني فرصة لتعزيز الثقة بين البلدين
علاقات الصين مع بورما تدخل منعطفًا جديدًا بفضل المعارضة أونغ سان سو تشي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة