روايات من داخل الموصل عن جحيم العيش تحت حكم «داعش»

تسجيلات تظهر {تحريم} التنزه.. ولا خروج للنساء بلا خمار ونقاب.. والمستشفيات لعلاج المسلحين حصرًا

لقطة من الفيديو الذي سجله سرا صحافي في «بي بي سي» يظهر نساء في إحدى أسواق الموصل
لقطة من الفيديو الذي سجله سرا صحافي في «بي بي سي» يظهر نساء في إحدى أسواق الموصل
TT

روايات من داخل الموصل عن جحيم العيش تحت حكم «داعش»

لقطة من الفيديو الذي سجله سرا صحافي في «بي بي سي» يظهر نساء في إحدى أسواق الموصل
لقطة من الفيديو الذي سجله سرا صحافي في «بي بي سي» يظهر نساء في إحدى أسواق الموصل

وإذا كانت حياة النزوح لا تطاق فإن العيش تحت حكم «داعش» ليس بأفضل كما روى صحافي في تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» استطاع دخول الموصل سرا وتسجيل روايات بعض من أهلها. ومن بين من تحدث إليهم المراسل شاب اسمه زيد قال: «تنظيم داعش يعرف أن الجيش سيحاول استعادة الموصل ويتخذ احتياطات فقد دمر المدينة بحفر أنفاق تحتها وبناء متاريس وزرع ألغام ونشر القناصة في جميع أرجاء المدينة مما سيجعل من الصعب على الجيش. رغم كل ذلك إذا استطاعت الحكومة استعادة سهل نينوى والموصل سأكون سعيدا للغاية». ويضيف «لكني قلق بشأن كيف سيستعيد الجيش المدينة وأعتقد أن الانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيات الحشد الشعبي في تكريت ستتكرر في سهل نينوى والموصل».
ويقول مواطن آخر اسمه محمود: «شقيقي البالغ من العمر 12 سنة ظل في المدرسة بعد أن تولى تنظيم داعش الإشراف عليها لأنه لم يكن هناك خيار آخر (..) عدت في يوم ما إلى المنزل فشاهدت أخي الصغير وهو يرسم راية تنظيم داعش ويردد إحدى أغاني التنظيم الشهيرة.. ما أصابني بالجنون ورحت أصرخ فيه. أخذت الرسم ومزقته أمام عينيه (..) ومنعناه فورا من الذهاب إلى المدرسة لأننا فضلنا أن يكون بلا تعليم على أن يتعلم ما يروج له (داعش)».
ويتحدث شاب آخر اسمه هشام عن الضياع الذي يحس به في ظل «داعش» ويقول: «فقدت عملي واضطررت إلى ترك الدراسة. وأنا، حالي حال الآخرين، محروم من أبسط الحقوق. حسب (داعش) كل شيء (حرام) وبالتالي أجد نفسي جالسا في البيت كل الوقت. حتى أبسط المتع، مثل التنزه، ممنوع في الموصل بدعوى أنها مضيعة للوقت والمال. (داعش) يأخذ ربع راتب كل موظف كمساهمة في إعادة بناء المدينة. لا أحد يستطيع رفض ذلك لأن العقوبات ستكون شديدة. التنظيم يسيطر على كل شيء والإيجارات تدفع له والعلاج في المستشفيات هو لمسلحيه حصرًا».
وبالنسبة للنساء فإن جحيم «داعش» مضاعف. إذ تقول سيدة اسمها هناء: «ذات يوم شعرت بضجر بالغ في البيت فطلبت من زوجي أن نخرج. كان علي أرتدي الخمار. لم أكن قد غادرت البيت منذ أن استولى (داعش) على المدينة. وبينما كنت أتحضر أبلغني زوجي بأني سأجبر على ارتداء النقاب. صعقني ذلك وفكرت للحظة بالبقاء في البيت لكني في النهاية قبلت. ذهبنا إلى مطعم جميل على النهر كنا نرتاده خلال فترة خطوبتنا. حالما جلسنا أبلغني زوجي أن بإمكاني كشف وجهي لأنه لم يكن هناك وجود لـ(داعش) في المطعم الذي هو مخصص للعائلات. سرني العمل بنصيحته فكشفت وجهي بابتسامة عريضة. فورا جاء صاحب المطعم متوسلا بزوجي أن أغطي وجهي مجددا لأن مسلحي تنظيم داعش يقومون بزيارات تفتيشية مفاجئة وأنه سيعاقب بالجلد إذا رأوني على تلك الهيئة. سمعنا قصصا عن رجال عوقبوا بالجلد لأن زوجاتهم لم يرتدن قفازات».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.