بعيدا عن كبرى بطولات الدوري الأوروبية لكرة القدم والعقود والصفقات الخيالية والفلكية لانتقالات اللاعبين وعقود الرعاية، يترقب عشاق الساحرة المستديرة في معظم أنحاء العالم انطلاق فعاليات بطولة كأس أمم أميركا الجنوبية (كوبا أميركا) لمشاهدة الأرجنتيني ليونيل ميسي أفضل لاعب في العالم في قيادة منتخب بلاده بهذه البطولة. وبينما تنصب معظم الترشيحات في خانة ميسي لخطف الأضواء من جميع اللاعبين خلال البطولة التي تستضيفها تشيلي خلال الفترة من 11 الشهر الحالي إلى الرابع من الشهر المقبل، يرى المهاجم البرازيلي الشاب نيمار دا سيلفا أن كوبا أميركا 2015 هي بطولته الخاصة.
ورغم طول وصعوبة الموسم الشاق الذي قضاه ميسي مع فريقه برشلونة الإسباني، يسعى ميسي إلى خوض فعاليات النسخة الرابعة والأربعين لكوبا أميركا في تشيلي بكل نشاط وحيوية. ويتطلع ميسي مجددا إلى الدفاع عن نفسه عمليا بعدما حقق المزيد من البطولات مع برشلونة وما زال رصيده خاليا من الألقاب مع التانغو الأرجنتيني سواء في بطولات كوبا أميركا أو كأس العالم. وتوج ميسي ونيمار مع برشلونة هذا الموسم بالثلاثية (دوري وكأس إسبانيا ودوري أبطال أوروبا) للمرة الثانية في تاريخ النادي بعدما حقق الثلاثية للمرة الأولى في عام 2009. وبالنسبة لميسي فقد بات أقرب ما يكون من استعادة جائزة أفضل لاعب في العالم في استفتاء الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) في نهاية العام الحالي لتكون المرة الخامسة التي يحرز فيها هذه الجائزة التي خطفها منافسه البرتغالي كريستيانو رونالدو مهاجم ريال مدريد في العامين الماضيين. ورغم ذلك، لم يقدم ميسي حتى الآن مع منتخب بلاده نفس المستوى الرائع الذي ظهر به في صفوف برشلونة على مدار السنوات الماضية وهو ما يسعى إلى تغييره في بطولة كوبا أميركا 2015 التي تستضيفها تشيلي بعدما بلغ مع الفريق المباراة النهائية لكأس العالم 2014 بالبرازيل والتي أحرز فيها ميسي لقب أفضل لاعب في البطولة رغم أنه لم يقدم أيضا المستوى المتوقع منه أو الذي يليق بإمكانياته ومهاراته.
وتشير جميع الإحصائيات والعروض التي قدمها ميسي على مدار المواسم الماضية إلى أنه الفارس الأول لفريق برشلونة الحالي والذي يراه كثيرون أنه أفضل فريق في تاريخ كرة القدم حتى الآن. ولكن الفتي الذهبي لبرشلونة يسعى إلى نقل مهاراته الرائعة وسحره الكروي إلى البلد الذي نشأ فيه، وأن يقدم لمتابعي كوبا أميركا هذا العام فاصلا كرويا ممتعا مثلما قدم لعشاقه في إسبانيا. كما يرغب ميسي في نقل ماكينة حصد الألقاب التي يمتلكها إلى أميركا الجنوبية وأن يقود المنتخب الأرجنتيني (راقصي التانغو) إلى الفوز بأول لقب له منذ 22 عاما. وقال ميسي سابقا «مر وقت طويل على فوز المنتخب الأرجنتيني بآخر ألقابه ونحن على استعداد تام لإحراز لقب مهم للفريق. نريد إسعاد مشجعينا وكذلك إسعاد أنفسنا بهذا اللقب (كوبا أميركا)». وكان هذا قبل كوبا أميركا 2011 بالأرجنتين ولكن الفريق خرج في هذه البطولة من دور الثمانية. والآن، أصبحت الفرصة سانحة مجددا أمام ميسي وكتيبة التانغو لاستعادة اللقب القاري الغائب عن الفريق منذ 22 عاما حيث يتطلع الفريق إلى معادلة الرقم القياسي لعدد مرات الفوز باللقب والمسجل باسم أوروغواي برصيد 15 لقبا مقابل 14 لقبا للأرجنتين.
ولا يساور الشك أحدا في أن ميسي هو أكثر النجوم بريقا وأبرز الأسماء من بين جميع اللاعبين المشاركين في بطولة كوبا أميركا وأن وجوده في البطولة يطغى على جميع نجوم المنتخبات المشاركة. ولم يخف أوسكار تاباريز المدير الفني لمنتخب أوروغواي إعجابه باللاعب حيث أكد مؤخرا أنه ما من لاعب في كوبا أميركا 2015 يضاهي إمكانيات ميسي. والأكثر من ذلك أن البعض يصف المنتخب الأرجنتيني الحالي بأنه الفريق الذي يضم بين صفوفه أفضل لاعب على كوكب الأرض. ويأمل ميسي في تعويض هزيمة الفريق صفر / 1 أمام ألمانيا في نهائي المونديال البرازيلي من خلال قيادة منتخب الأرجنتين إلى إحراز لقب كوبا أميركا ليكون الخامس عشر للفريق في تاريخ البطولة. ويحلم ميسي بتسجيل عدد كبير من الأهداف في كوبا أميركا بعد موسم حافل بالأهداف الرائعة مع برشلونة في مختلف المسابقات. وسجل ميسي 58 هدفا مع برشلونة في مختلف البطولات بالموسم المنقضي 2014 / 2015 وكان أبرز عناصر التفوق في الفريق الكتالوني بقيادة المدرب لويس إنريكي الذي تولى تدريب الفريق خلفا للأرجنتيني خيراردو مارتينو الذي يقود المنتخب الأرجنتيني حاليا.
وفي المقابل يرى كثيرون في نيمار النجم الأبرز بل والأوحد في صفوف المنتخب البرازيلي (راقصو السامبا) حاليا حيث يحمل نيمار على عاتقه الجزء الأكبر من طموحات 200 مليون مشجع في البرازيل «أرض كرة القدم» في الفوز باللقب القاري التاسع بعدما أخفق الفريق في بطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل عندما غاب نيمار عن صفوف الفريق في المربع الذهبي ليخسر 1 / 7 أمام المنتخب الألماني.
وتبدد طموح نيمار إلى قيادة المنتخب البرازيلي إلى لقبه العالمي السادس من خلال مونديال 2014 لكن الفرصة مواتية أمامه الآن لترك بصمة رائعة مع راقصي السامبا وتعويض خروجه مع الفريق أيضا من دور الثمانية للنسخة الماضية التي استضافتها الأرجنتين في 2011. وإذا حقق نيمار طموحات مواطنيه وأحرز اللقب القاري مع الفريق، سيكتب هذا النجم الشاب اسمه بحروف من ذهب بين أبرز النجوم في تاريخ الفريق كما سيخطف الأنظار بعيدا عن ميسي زميله في فريق برشلونة الإسباني. وسجل نيمار 15 هدفا في موسمه الأول مع برشلونة وذلك في موسم 2013 / 2014 ولكن المنتخب البرازيلي خرج صفر اليدين من مختلف البطولات.
ورغم هذا، قدم اللاعب الدليل القاطع على نجاح تجربته الاحترافية في الموسم المنقضي 2014 / 2015 حيث سجل للفريق الكتالوني نحو ثلاثة أضعاف هذا العدد من الأهداف وساهم في فوز الفريق بالثلاثية (دوري وكأس إسبانيا ودوري أبطال أوروبا). وأنهى اللاعب موسمه مع برشلونة بإحراز الهدف الثالث للفريق في المباراة النهائية لدوري الأبطال والتي تغلب فيها 3 / 1 على يوفنتوس الإيطالي السبت الماضي. وبهذا، يخوض نيمار فعاليات كوبا أميركا بمعنويات عالية أفضل كثيرا من الأجواء التي خاض خلالها فعاليات المونديال البرازيلي.
وبدأ نيمار بطولة كأس القارات 2013 في البرازيل بشكل جيد بعد فترة صيام طويلة عن هز الشباك جعلته هدفا للانتقادات حتى من أسطورة كرة القدم البرازيلي بيليه «الملك» والذي وصف نيمار بأنه «نجم مشهور أدمن السقوط». وقاد نيمار المنتخب البرازيلي لإحراز لقب كأس القارات بعدما فاز الفريق على نظيره الإسباني بطل العالم 3 / صفر في المباراة النهائية، وأحرز نيمار جائزة أفضل لاعب في البطولة.
وبعد كأس القارات، انضم نيمار إلى برشلونة. وواجه نيمار تحديا عصيبا حيث لم يعد أبرز نجوم فريقه مثلما كان الحال في فريقه السابق في سانتوس وإنما اعتبره كثيرون «معاونا لميسي» وهو الوصف الذي أطلقه المهاجم البرازيلي السابق رونالدو لشرح العلاقة بين ميسي نجم نجوم برشلونة وزميله نيمار. ورغم كل هذه الأمور وكذلك الانتقادات التي تعرض لها في بعض فترات بالموسم المنقضي، ما زال نيمار واثقا ومؤمنا بالوصفة، التي أعلن عنها قبل المونديال البرازيلي، والتي ساعدته على عبور كل التحديات التي واجهها حتى الآن وهي تجنب جميع أنواع الضغوط الخارجية.
وأوضح اللاعب «منحني الله موهبتين: موهبة لعب كرة القدم وموهبة الصبر الهائل. بالفعل، لا أولي اهتماما كبيرا بهذه الأمور. أظل على نهجي دائما بعيدا عن الانتقادات والإشادة». ولكن اللاعب يحتاج إلى ترجمة هذا بشكل عملي داخل الملعب ويؤكد أن الضغوط لا تؤثر فيه وهو ما يمكن أن يحققه إذا فاز بلقب كوبا أميركا 2015 ليكون اللقب الثاني له مع السامبا بعد لقب كأس القارات 2013.
* جماهير برشلونة تحتفل بالثلاثية وتطالب إنريكي بالبقاء
* تجمع ما يقرب من 75 ألف مشجع باستاد الكامب نو ملعب فريق برشلونة الإسباني لكرة القدم للاحتفال بتتويج الفريق بالثلاثية هذا الموسم (الفوز بالدوري والكأس الإسبانيين ودوري أبطال أوروبا). وطالبت الجماهير كثيرا ببقاء لويس إنريكي لقيادة الفريق بعدما قدم موسما مذهلا في قيادة الفريق. ويستمر عقد إنريكي مع برشلونة حتى عام 2016 ولكنه لم يعلن حتى الآن عما إذا كان سيبقى مع الفريق في الموسم المقبل. وجاء الاحتفال بملعب الكامب نو، بعدما طاف الفريق في حافلة في شوارع برشلونة لمدة ثلاث ساعات مع ما يقرب من نصف مليون مشجع ملأوا الشوارع للإشادة بلويس إنريكي وليونيل ميسي ورفاقهما. ويعد برشلونة هو الفريق الأول الذي يحصد الثلاثية مرتين، وكانت المرة الأولى عام 2009 تحت قيادة جوزيب غوارديولا، المدير الفني الحالي لفريق بايرن ميونيخ الألماني.