شهادات من بيجي: ميليشيات الحشد الشعبي تفجر المساجد وتحرق البساتين

مسؤول برلماني يؤكد أنهم وثّقوا بالصوت والصورة الانتهاكات

عنصر في ميليشيات الحشد الشعبي يقف أمام مبنى محترق في بيجي أول من أمس (أ.ف.ب)
عنصر في ميليشيات الحشد الشعبي يقف أمام مبنى محترق في بيجي أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

شهادات من بيجي: ميليشيات الحشد الشعبي تفجر المساجد وتحرق البساتين

عنصر في ميليشيات الحشد الشعبي يقف أمام مبنى محترق في بيجي أول من أمس (أ.ف.ب)
عنصر في ميليشيات الحشد الشعبي يقف أمام مبنى محترق في بيجي أول من أمس (أ.ف.ب)

شهد قضاء بيجي، 200 كم شمال بغداد، بعد تحريره قبل يومين من قبل القوات الأمنية العراقية وميليشيات الحشد الشعبي، سلسلة من الانتهاكات بدأت بتفجير عدد من المساجد وحرق للبساتين ومنازل المواطنين، وحملة تهجير للمواطنين في مناطق مختلفة من قضاء بيجي.
وأفاد مصدر أمني عراقي لـ«الشرق الأوسط» بأن «عناصر من كتائب حزب الله، ودرع الولاية من ميليشيا الحشد الشعبي، قاموا بتفجير جامع الحمزة في قرية الحجاج الذي بناه نواب ومسؤولون في الحكومة، وخمسة مساجد أخرى في قرية البوطعمة». وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن «هذه العناصر قامت بحرق بساتين عنب كما قامت بحرق كثير من منازل المواطنين في مناطق متفرقة في قضاء بيجي، ونهب وحرق المحال التجارية، والقيام بتهجير وترويع المواطنين». وأشار المصدر إلى أن «شجارًا حصل بين أبناء قرى تابعة لقضاء بيجي مع عناصر من ميليشيات الحشد الشعبي، بعد أن أجبرت قوة تابعة للميليشيات عددًا من العوائل في المناطق الجنوبية لبيجي على ترك منازلهم، بينما اعتقلت قوة أخرى عددًا من أبناء العشائر المتطوعين أصلاً ضمن ميليشيات الحشد الشعبي بتهمة التعاون مع تنظيم داعش؛ مما أثار رد فعل من جانب العشائر والشرطة المحلية، مهددين بالانسحاب في حال استمرار هذه التصرفات من قبل عناصر ميليشيا الحشد». واستدعى ذلك تدخل مسؤول ميليشيات الحشد، أبو مهدي المهندس، الذي قال: «هؤلاء مندسون وسوف نعاقبهم».
إلى ذلك، ذكر شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، أن «قرى النمل والزوية والمسحك في الشرقاط، شهدت نزوحًا جماعيًا بسبب أوامر من تنظيم داعش بالرحيل الفوري من المنازل». وأوضح الشهود أن «مسلحي التنظيم قاموا بتفخيخ منازل الضباط ومنتسبي الشرطة في قرية الزوية بعد إخراج أهلها لتفجيرها عند تقدم القوات الأمنية العراقية لتحرير القرية».
وتعيش منطقة المزرعة شمال تكريت احتقانًا شعبيًا بسبب ممارسات خارج سلطة القانون لتعدد مراكز القرار الأمني، حيث تقوم عناصر يقال إنها مندسة في صفوف ميليشيات الحشد الشعبي بإجبار الأهالي على ترك منازلهم رغم صمودهم بوجه تنظيم داعش.
من جهة أخرى، قال النائب في البرلمان العراقي ورئيس لجنة المهجرين والمهاجرين النائب رعد الدهلكي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك كثيرًا من الانتهاكات في المناطق التي تم دخولها من قبل القوات الأمنية وميليشيات الحشد الشعبي؛ إذ رصدنا عمليات حرق لعدد كبير من منازل المواطنين في مناطق ومدن محافظة صلاح الدين كان آخرها ما حدث في قضاء بيجي، وهذه الانتهاكات تكررت بعد حوادث مشابهة لها في مناطق العلم والبو عجيل وتكريت وفي مناطق مختلفة من محافظة ديالى؛ مما يدل على أن هناك استهدافًا منظمًا من قبل جهات تريد أن تفسد فرحة الانتصار وتحرير المناطق من مسلحي تنظيم داعش».
وأضاف الدهلكي أن «القوات الأمنية ومن يساندها أو يتجحفل معها ملزمون بتأمين جميع المناطق المحررة من أي انتهاك يستهدف ممتلكات الناس، ونحن في لجنة المهجرين البرلمانية وثَّقنا بالصوت والصورة عمليات حرق لكثير من منازل المواطنين وإتلاف وحرق مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والحقول وتفجير عدد كبير من المساجد في قضاء بيجي، وسنضع هذه الوثائق أمام البرلمان العراقي من أجل محاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات».
بدوره، قال المواطن تركي صالح حميد، 56 سنة، بعد أن وجد منزله في بيجي محترقًا بالكامل، لـ«الشرق الأوسط»: «الحزن يخيم على عائلتي بالكامل بعد أن كنا متأملين بعودتنا إلى وطننا الصغير الذي كان يلمنا. اليوم، سرقت فرحتنا بعدما شاهدت بعيني جهد السنين عبارة عن جدران سوداء احترق بداخلها كل شيء».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.