لاريجاني: الاتفاق النووي سيكون مفيدًا إذا جاء في الإطار الذي رسمته طهران

مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية يبحث في فيينا اليوم قضايا عالقة

لاريجاني: الاتفاق النووي سيكون مفيدًا إذا جاء في الإطار الذي رسمته طهران
TT

لاريجاني: الاتفاق النووي سيكون مفيدًا إذا جاء في الإطار الذي رسمته طهران

لاريجاني: الاتفاق النووي سيكون مفيدًا إذا جاء في الإطار الذي رسمته طهران

يبدأ مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية في العاصمة النمساوية اليوم اجتماعا دوريا مغلقا يبحث في كيفية معالجة القضايا التي لا تزال عالقة بين الوكالة الدولية للطاقة وإيران، خاصة المسائل ذات الأبعاد العسكرية.
ومجلس الأمناء أو المحافظين هو أعلى سلطة في وكالة الطاقة، وهو الجهة التي قدمت شكوى إلى مجلس الأمن ضد إيران عام 2006، ففرض عليها 6 حزم من العقوبات الدولية، بالإضافة لعقوبات أميركية وأخرى أوروبية، مما أجبر طهران على التفاوض مع المجموعة الدولية 5 + 1 (الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن زائد ألمانيا برئاسة الاتحاد الأوروبي).
ويتكون المجلس من 35 دولة تمثل مجموع الدول الأعضاء الـ164، وتأتي في مقدمتهم دول المجموعة الدولية التي اتفقت وإيران على أن تتولى الوكالة مهام التحقق من الالتزام الإيراني في حال انتهى تفاوضهما باتفاق.
ويبحث الأمناء في اجتماع اليوم، في مقر الوكالة في فيينا، والذي يستمر حتى نهاية الأسبوع، آخر تقرير رفعه المدير العام، يوكيا أمانو، إلى المجلس بتاريخ 29 مايو (أيار) الماضي، وجاء من 28 صفحة.
ويشير تقرير أمانو السري الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، بشكل واضح وصريح، إلى أنشطة إيرانية تتعلق بتطوير شحنة نووية لصاروخ، مؤكدا أن الوكالة تشعر بالقلق بشأن احتمال وجود أنشطة غير معلنة ذات صلة بالمجال النووي الإيراني، تشارك فيها هيئات على صلة بالمجال العسكري، مطالبا إيران بتطبيق البروتوكول الإضافي الذي يسمح للمفتشين الدوليين بطلعات فجائية عشوائية، تشمل جميع المواقع، بما في ذلك المنشات العسكرية التي ترفض إيران إخضاعها لعمليات التفتيش.
كما طالب التقرير إيران بالتعاون مع الوكالة بشكل كامل ووثيق بشأن القضايا العالقة كافة، وإتاحة الوصول إلى جميع المواقع والمعدات والأشخاص والوثائق من دون أي تأخير.
وكانت آخر جولتين للمفاوضات النووية، قد فشلتا في تحقيق أي تقدم يذكر. لا تزال عملية صياغة اتفاق الإطار الذي يجرد إيران من كل الأنشطة التي تثير القلق من مساعي امتلاكها سلاحا نوويا مقابل رفع العقوبات، والذي وقعته إيران والمجموعة الدولية في لوزان في 2 أبريل (نيسان) الماضي، متعثرة، بسبب الاختلافات والانقسامات والاتهامات التي يتبادلها الطرفان في محاولة لإدخال تعديلات وإضافات على ما جرى الاتفاق عليه، مما قد يؤجل توقيع الاتفاق النهائي الشامل لقضية الملف النووي الإيراني، في نهاية يونيو (حزيران) الحالي كما اتفق الطرفان. وبالتالي عودة الطرفين إلى سيناريوهات التمديد والتأجيل والصعوبات والمماطلات التي صاحبت مسيرة المفاوضات النووية منذ انطلاقها في عام 2003.
من جانبه، قال رئيس مجلس الشورى الإسلامي، علي لاريجاني، إنه إذا جرى التوصل إلى اتفاق نووي في الإطار الذي حدده النظام، فإنه سيكون مفيدا لنظام بلاده، لكن ذلك يتطلب حل الخلافات الموجودة في عدد من المجالات في المفاوضات.
ونقلت وكالة فاس الإيرانية للأنباء، عن لاريجاني قوله للصحافيين أمس، على هامش افتتاح معرض إنجازات الشركة الهندسية وبناء المنشآت البحرية الإيرانية، إن خلافات في وجهات النظر لا تزال قائمة بين طرفي المفاوضات وهذا ما ينبغي إيجاد حلول له.
وردا على سؤال حول مدى التزام مجموعة دول 5+1 بوعودها بعد اتفاق جنيف في القطاع النفطي، وصف الاتفاق بأنه الأساس للاتفاق الرئيس، لافتا إلى أنه اتفاق مؤقت، حيث اتخذت إيران خطوة صغيرة، وهذا ما فعله الطرف الآخر على حد قوله.
ولفت لاريجاني إلى وجود خلافات كبيرة بين الجانبين في ما يتعلق بالتفاصيل، حيث يحاول كل جانب حيازة الحصة الأكبر في هذا الموضوع. وأوصى لاريجاني الفريق الإيراني المفاوض، بالتعامل بدقة وصبر كبيرين لاجتياز هذه المرحلة «لكي تتبلور جميع الاتفاقات المنجزة بصورة طيبة»، على حد قوله.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».