إعادة محاكمة سماحة بقاضي جزاء وأدلة جديدة في لبنان

مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»: سنتعامل مع الملف قانونيًا وبعيدًا عن الاعتبارات السياسية

إعادة محاكمة سماحة بقاضي جزاء وأدلة جديدة في لبنان
TT

إعادة محاكمة سماحة بقاضي جزاء وأدلة جديدة في لبنان

إعادة محاكمة سماحة بقاضي جزاء وأدلة جديدة في لبنان

يمثل مستشار الرئيس السوري بشار الأسد، الوزير اللبناني الأسبق ميشال سماحة، مجددا أمام القضاء اللبناني في 16 يوليو (تموز) المقبل، لمحاكمته من جديد في قضية نقل 25 عبوة ناسفة من سوريا إلى لبنان، وتسليمها إلى المخبر ميلاد كفوري، وتكليفه الأخير بتفجير هذه العبوات في موائد إفطارات رمضانية في منطقة عكار (شمال لبنان)، بهدف قتل نواب وسياسيين ورجال دين من المؤيدين للمعارضة السورية، إضافة إلى التخطيط لاغتيال البطريرك الماروني بشارة الراعي خلال زيارة الأخير التي كانت مقررة إلى عكار، بهدف إحداث فتنة طائفية وضرب السلم الأهلي في لبنان.
وتأتي إعادة محاكمة سماحة بعدما نقضت محكمة التمييز العسكرية، برئاسة القاضي طوني لطوف، الحكم المخفف الذي أصدرته المحكمة العسكرية الدائمة بحقه في 13 مايو (أيار) الماضي، وقضى بسجنه أربع سنوات ونصف السنة، وإدانته بمحاولة القيام بأعمال إرهابية، بينما برأته من جرائم محاولة القتل وتأليف عصابة مسلّحة بقصد القيام بأعمال إرهابية والنيل من سلطة الدولة، واعتبرت «محكمة التمييز» الحكم ملغى وقررت إعادة المحاكمة من جديد.
وينتظر أن تتخذ المرحلة الجديدة من المحاكمة اهتماما يفوق المرحلة السابقة لسببين أساسيين، الأول أن الاستجواب سينطلق من أسس مختلفة عن السابق، فرئيس المحكمة هو قاضٍ متمرس في القضايا الجزائية ولديه القدرة الكبيرة على معالجة كل مادة اتهامية بتفصيل أدق وأعمق، بينما كان رئيس المحكمة العسكرية الدائمة ضابطا برتبة عميد. أما السبب الثاني فتكمن أهميته في مواجهة المتهم بأدلة جديدة لم تبرزها المحكمة في المحاكمة السابقة، أهمها التسجيلات التي تظهر سماحة بالصوت والصورة وهو يفاوض ميلاد كفوري على الأموال التي سيدفعها له لقاء تنفيذ هذا المخطط الإرهابي وتسليمه المتفجرات، واعترافاته الصريحة بأن هذا المخطط لا يعرف به إلا اثنان في سوريا، هما علي والرئيس (في إشارة إلى الرئيس السوري بشار الأسد ومدير مكتب الأمن القومي اللواء علي مملوك). وهو ما ينسف كل التبريرات التي قدمها سماحة أمام المحكمة وتصوير نفسه كضحية وأنه وقع في فخّ نصبه له جهاز أمني (شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي برئاسة اللواء وسام الحسن الذي اغتيل بعد ثلاثة أشهر من توقيف سماحة)، وجنّد كفوري للإيقاع به.
هذه الأسباب مجتمعة تضع محكمة التمييز أمام مسؤولية وطنية أولا وقضائية ثانيا. وهو ما عبر عنه مصدر قضائي، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن «المحكمة ستتعامل مع الملف من منطلق قانوني قضائي بحت بعيدا عن كل الاعتبارات السياسية». ونفى المصدر أن «يكون للحملة السياسية والإعلامية التي شنّت على الحكم المطعون فيه أي تأثير على قناعة المحكمة، لأنها ستقارب الملف انطلاقا من الأدلة والوثائق وأقوال المتهم التي سيدلي بها أمامها وليس بما يقوله الشارع».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».