بغداد تستعد لتسلم 6 طائرات «إف 16» ضمن صفقة متكاملة مع واشنطن

المتدربون على استخدامها مهددون بالطرد بسبب تخفيض رواتبهم

بغداد تستعد لتسلم 6 طائرات «إف 16» ضمن صفقة متكاملة مع واشنطن
TT

بغداد تستعد لتسلم 6 طائرات «إف 16» ضمن صفقة متكاملة مع واشنطن

بغداد تستعد لتسلم 6 طائرات «إف 16» ضمن صفقة متكاملة مع واشنطن

قللت وزارة الدفاع العراقية من أهمية القضية التي أثيرت مؤخرا في العراق على صعيد خفض الرواتب الخاصة بمئات المتدربين من المهندسين والفنيين والطواقم العراقية الخاصة بطائرات «إف 16» الأميركية الصنع التي من المؤمل وصولها إلى العراق خلال الأيام القليلة المقبلة. وقال سعيد الجياشي المستشار في وزارة الدفاع لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه القضية أخذت أكثر مما هي عليه في وسائل الإعلام، وذلك لجهة المبالغة فيها، بينما هي في طريقها إلى الحل بوصفها مسألة إدارية، ويمكن حلها بين الجهات المسؤولة».
وكان نحو 475 متدربًا فنيًا عراقيًا على طائرات إف 16، أضربوا عن التدريبات في الأردن بعد خفض وزارة الدفاع العراقية لرواتبهم بنسبة 80 في المائة بسبب الأزمة المالية التي يمر بها العراق جراء انخفاض أسعار النفط. وفيما اعتبرت وزارة المالية أن السبب يعود إلى عدم تضمين هذه الرواتب في الموازنة المالية العامة للدولة لعام 2015 فإن وزير الدفاع خالد العبيدي طلب من رئيس الوزراء حيدر العبادي عرض الأمر على مجلس الوزراء لاستحصال الموافقات الخاصة بذلك.
وأضاف الجياشي أن «الطواقم الفنية العراقية العاملة ضمن هذه الطائرات ليست كلها مشمولة بهذا الإجراء الذي لن يستمر طويلا؛ إذ إنه يشمل أعدادا من المتدربين، ولا يشمل الطيارين والمهندسين، كما أن هؤلاء الفنيين جرت طمأنتهم بإمكانية إيجاد حل سريع لهذه المسألة مثلما تم حل قضايا أخرى، خصوصا أن المسار العام للدولة الآن هو كيفية مواجهة الإرهاب وتهيئة كل الإمكانيات الخاصة بذلك».
وردا على سؤال بشأن المواصفات التي تحملها مثل هذه الطائرات قال الجياشي إن «هذه الطائرات متعددة الأغراض بما في ذلك الاستطلاع والاعتراض والإسناد القريب وغيرها من الأغراض»، متوقعا أن «الأدوار التي سوف تؤديها ستكون ذات فاعلية من حيث كونها تقلع من قواعد عسكرية عراقية قريبة، علما أن نحو 60 في المائة من حمولتها وقود، وهو ما سيكون له تأثير بين طائرة تقلع من قواعد قريبة وأخرى تأتي من أماكن بعيدة مثل طائرات التحالف، وهو ما يجعلها قادرة على المناورة والهبوط والتعامل مع شتى الحالات، بما في ذلك توجيه الصواريخ والقنابل الموجهة». وبشأن المدة المحددة لاستخدامها بعد وصولها قال الجياشي إن «الطائرات جاهزة، ولكن هناك توقيتات حاكمة تتعلق بساعات الطيران لطياريها، حيث سيتم استخدامها في ضوء هذه المعطيات»، مشيرا إلى أن «العراق استوردها كصفقة متكاملة من حيث التدريب والتجهيز والتسليح بما في ذلك الإدامة والذخائر وغيرها».
من جهته، فقد حمّل النائب عن التحالف الوطني عقيل الزبيدي الجهات المسؤولة في الحكومة العراقية مسؤولية التفريط بمئات المتدربين على طائرات F16 الأميركية الصنع الذين يتدربون في العاصمة الأردنية على يد متدربين أميركان. وقال الزبيدي في بيان له أمس إن «وزارة المالية اعتذرت عن صرف رواتبهم وخفضتها إلى 200 دولار شهريا، وخيرتهم بين ترك الدورة والاستمرار فيها على ضوء الراتب الجديد؛ بحجة واهية ليس لها سند قانوني، هي عدم تضمين رواتبهم بالموازنة الاتحادية». وأضاف أن «هذا الأمر سيسبب خسارة كبيرة للبلاد، ونحن بأمس الحاجة لمثل هذه الكوادر الفنية التي توفر إسنادا لوجيستيا للطائرات المذكورة المزمع استلامها في الأسابيع القليلة المقبلة»، مناشدا «رئيس الوزراء التدخل شخصيا وإعادة صرف رواتبهم بأسرع وقت وعدم التفريط بهم في ظل التهديدات التي تحيط بالبلد، لا سيما أن عددهم 360 متدربًا من كل محافظات العراق».
وأوضح الزبيدي أن «المدربين الأميركان خيروا المتدربين العراقيين بين ترك الدورة والقبول بالراتب الجديد الذي يقل 80 في المائة عن الراتب الذي كانوا يستلمونه سابقًا، وهذا سيشكل خسارة كبيرة للبلد لو لم يتم تلافي هذه المشكلة». يأتي ذلك في وقت يستعد فيه العراق لتسلم أول سرب من طائرات إف 16 الأميركية الصنع والبالغ عددها 6 طائرات من مجموع صفقة متكاملة من هذه الطائرات المتطورة، وذلك بعد نحو 12 عاما من بقاء العراق بلا غطاء جوي بسبب حل الجيش العراقي السابق وانهيار كامل منظومته الأمنية والدفاعية.
وكان وزير الدفاع خالد العبيدي أكد أول من أمس لدى زيارته قاعدة بلد الجوية (80 كلم شمال بغداد) أن أعمال تجهيز قاعد بلد الجوية لاستقبال طائرات إف 16 تسير وفق الخطط المعدة لذلك، وسوف يتم إكمال العمل وفق الجدول المعد لها. وقال بيان للوزارة تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «العبيدي زار قاعدة بلد الجوية، للوقوف على جاهزية واستعداد القاعدة لاستقبال طائرات إف 16 في صيف هذه السنة، حيث تفقد وزير الدفاع العراقي المنشآت والبنى التحتية للقاعدة». وأضاف البيان أن «وزير الدفاع استمع إلى شرح مفصل عن الأعمال الحالية من قبل قائد القاعدة، والشركات العاملة والمشرفة على إعادة تأهيلها».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.