بينما يحاول المبعوث الدولي إلى سوريا ستافان دي ميستورا العمل على تطبيق «هدنة معضمية الشام المفقودة» بين النظام والمعارضة السوريين على عدد من مناطق سوريا ولا سيما مدينة حلب، يعيش سكان أهالي هذه الضاحية الدمشقية التي فاق عددهم الأربعين ألفا بين الحياة والموت، بفعل رفض النظام الالتزام بأي بنود من الاتفاقية والحصار المحكم الذي يفرضه عليها منذ أكثر من أربعة أشهر، مانعًا إدخال الأدوية والمساعدات الغذائية.
وفي هذا الإطار، حذّر المجلس المحلي والقوى الثورية في معضمية الشام، التابعة إداريا لمحافظة ريف دمشق، من الحالة الإنسانية الصعبة التي يعيشها أهالي المدينة في ظل الحصار الذي تزيد وطأته يوما بعد يوم.
خولة مطر، مديرة مكتب دي ميستورا، كانت قد قامت بزيارة إلى المدينة للاطلاع على سير الهدنة لإصدار تقرير والاطلاع على رؤية المسؤولين حول أي حل سياسي في سوريا. ووفق داني قباني، الناشط في المركز الإعلامي في المعضمية، الذي أشار في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ مطر زارت بالفعل المنطقة برفقة المدير الأمني ومدير مكتب للأمم المتحدة في سوريا، لكن الزيارة كانت «مخيبة لآمال الأطفال والأهالي» الذين كانوا يستجدون منهم إدخال المساعدات الغذائية، بينما اقتصر جواب الوفد على أن «مهمتنا سياسية وسنبذل جهودنا لكن لا نعدكم بشيء».
وأشار قباني إلى أنّ الأوضاع الإنسانية والبيئية التي ترزح المدينة تحت وطأتها قد تقضي على آلاف الأطفال والنساء الذين يعيشون بين النفايات ويشربون المياه الملوثة ويسقون مزروعاتهم من مياه الصرف الصحي، كما أنّ التيار الكهربائي لا يزال مقطوعا عن المدينة بشكل نهائي منذ العام 2012. وفي حين أكّد قباني أنّ النظام، منذ الاتفاق على الهدنة لم يطبق أيا من بنودها، أفاد أن المعارضة تحاول قدر الإمكان تفادي الدخول في معركة مع قوات النظام والقيام بالخطوة الأولى، خوفًا على المدنيين الذين تضاعف عددهم بعد «الهدنة المزعومة» طمعًا بالأمن والأمان. غير أنه أكّد في الوقت عينه، أنّه إذا ما استمر الأمر على هذا الوضع، ووجدت المعارضة نفسها أمام الأمر الواقع فهي ستضطر الدخول في المواجهة.
وفي بيانه، أشار المجلس المحلي للمعضمية إلى أنّ قوات النظام تحكم سيطرتها على المعبر الوحيد للمدينة الذي يعد اليوم المتنفس الرئيسي من خلال الحواجز التي تتولاها قيادة الفرقة الرابعة والمخابرات الجوية واللجان الشعبية أو ما باتت معروفة به تحت مسمى «الدفاع الوطني» وفرع الأمن العسكري.
ولفت المجلس إلى أنّه وبعد مرور أكثر من سنة ونصف السنة على الهدنة التي أبرمت بين النظام والمعارضة في المدينة، يعيش المدنيون في واقع مرير وأوضاع مأساوية مفتقرين لأبسط مقومات الحياة فيها. وبينما انتقد البيان زيارة مديرة مكتب المبعوث الدولي إلى سوريا، وهي بحرينية الجنسية، فقد طالب بعقد هدنة مع النظام، لإنقاذ أرواح الأطفال والنساء والشيوخ، ووقف العمليات العسكرية لقاء فك الحصار والإفراج عن المعتقلين وإدخال الدواء والمواد الغذائية والاستهلاكية والمحروقات وعودة الكهرباء، كما طالب بكف النظام عن حملة الاعتقالات بحق شباب ونساء المدينة وعودة المهجرين إليها الذين ذاقوا ويلات ومرارة التشرد والنزوح سواء في الداخل السوري أو في الخارج.
ومن جهة ثانية، أكّد المجلس وفاة في أقل من شهرين، 15 طفلا نتيجة الجوع والحصار. وشرح المجلس أيضًا الوضع الإنساني في الغوطة، مشيرا إلى أنّه في بادئ الأمر، عند عقد اتفاق الهدنة، سُمح بعودة أكبر عدد ممكن من المشردين والمهجرين إلى المدينة، ظنًا منهم بأنهم في مأمن من الاعتقال والحصار. كذلك سُمح بإدخال المواد الغذائية والإنسانية بشكل محدود جدًا كي لا يتمكن أحد من تخزين كميات إضافية فيما استمرت حملة الاعتقالات ولم يفرج عن أي معتقل بل تم إخطار الأهالي بأسماء ثمانية عشر معتقلاً قتلوا في المعتقلات. وهذا ما أشار إليه قباني، موضحا أنّ النظام ومنذ عقد اتفاق الهدنة عمد إلى اعتقال نحو 150 شخصا بدل أن يفرج عن المعتقلين سابقا. وللتذكير، فإن اتفاق الهدنة في معضمية الشام الذي وقّع في 25 ديسمبر (كانون الأول) 2013 نص على وقف القتال والشروع بمفاوضات هدنة، ونص الاتفاق على رفع العلم السوري في المدينة ووقف القتال على الجبهات، مقابل إطلاق سراح المعتقلين وفك الحصار عن المدنيين.
«الهدنة المفقودة» في معضمية الشام تنذر بكارثة إنسانية وبيئية
بفعل عدم تقيد النظام السوري بتطبيق بنودها وحصارها مانعًا إدخال الأدوية والأغذية إليها

«الهدنة المفقودة» في معضمية الشام تنذر بكارثة إنسانية وبيئية

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة