معارك بيجي تقترب من الحسم.. ونازحو المناطق المحررة على لائحة الانتظار

استبعاد عودة النازحين قبل رمضان

مسلحان من ميليشيا موالية للحكومة يتحدثان إلى فتى يرعى أبقارا قرب قرية سيد غريب في الدجيل إلى الشمال من بغداد أول من أمس (أ.ف.ب)
مسلحان من ميليشيا موالية للحكومة يتحدثان إلى فتى يرعى أبقارا قرب قرية سيد غريب في الدجيل إلى الشمال من بغداد أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

معارك بيجي تقترب من الحسم.. ونازحو المناطق المحررة على لائحة الانتظار

مسلحان من ميليشيا موالية للحكومة يتحدثان إلى فتى يرعى أبقارا قرب قرية سيد غريب في الدجيل إلى الشمال من بغداد أول من أمس (أ.ف.ب)
مسلحان من ميليشيا موالية للحكومة يتحدثان إلى فتى يرعى أبقارا قرب قرية سيد غريب في الدجيل إلى الشمال من بغداد أول من أمس (أ.ف.ب)

في وقت لا يزال النازحون من أبناء المناطق المحررة من محافظة صلاح الدين ينتظرون قرارا بإعادتهم إلى منازلهم قبيل شهر رمضان، بدأت معارك بيجي تقترب من الحسم بعد التقدم الذي أحرزته القوات العراقية وعشائر صلاح الدين المنضوية في ميليشيات الحشد الشعبي.
وطبقا للمصادر العسكرية في تكريت، فإن القوات الأمنية وبإسناد مقاتلي العشائر تمكنت من تطهير الحي العسكري في قضاء بيجي بالكامل من تنظيم داعش بعد اشتباكات عنيفة دارت منذ يومين في الحي الصناعي. واستنادا إلى هذه المصادر فإنه «بعد تحرير الحي المذكور سيكون أمام القوات الأمنية فقط سوق بيجي». وفي السياق نفسه، تمكنت القوات الأمنية من تفجير ثلاث سيارات مفخخة كانت معدة لاستهداف تلك القوات في الحي الصناعي. وأشارت المصادر إلى أن «حصيلة العمليات العسكرية كانت مقتل 30 إرهابيا من عصابات (داعش) في الحيين العسكري والصناعي في بيجي وهروب كثير من قيادات (داعش) إلى الشرقاط».
في غضون ذلك، تضاربت الأنباء بشأن انسحاب عناصر تنظيم داعش إلى الجهة الشرقية من نهر دجلة، فبينما أكدت مصادر في ميليشيات الحشد الشعبي أن قيادات «داعش» أمرت عناصرها بالانسحاب من الجهة الجنوبية الغربية لبيجي نحو الجهة الشرقية باتجاه النهر، فإن القيادي البارز في عشائر صلاح الدين التي تتصدى لمحاربة (داعش)، يزن الجبوري، أبلغ «الشرق الأوسط» أن «أمر الانسحاب بالنسبة للدواعش ومن خلال تجاربنا القتالية معهم لا يأتي عبر أوامر مسبقة وبالتالي يمكن رصدها، بل هو انسحاب يأتي طواعية وفي اللحظة التي تراها القيادات الميدانية مناسبة»، مشيرا إلى أن «القاعدة التي يعتمدونها في عملهم هي عدم الانسحاب وبالتالي في حال حصل انسحاب معين فإن من يقدره هو القائد الميداني». وأوضح الجبوري أن «عدة انسحابات حصلت لهم في مناطق كثيرة حسب مجريات المعركة».
بدوره، أعلن أحد قيادات ميليشيات الحشد الشعبي في صلاح الدين أن «فرق الهندسة التابعة لها تمكنت من اختراق الأجهزة اللاسلكية التابعة لعناصر (داعش) الإجرامية وسجلت نداءاتهم». وقالت تلك القيادة قي بيان لها إن «محور حديثهم ونداءاتهم كان حول تداول أمر قيادة (داعش) بشأن انسحاب عناصره من الجهة الجنوبية الغربية لبيجي نحو الجهة الشرقية باتجاه النهر»، مؤكدا «تكبيدهم خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات في تلك المنطقة».
وبشأن سير المعارك في بيجي، قال الجبوري إن «المعركة جارية في مناطق مختلفة من قضاء بيجي ولكنها بدأت تقترب من الحسم ومن المتوقع أن تحسم المعركة في غضون 48 ساعة يجري بعدها إعادة تجميع للقوات لكي نبدأ الصفحة الأخيرة من معارك صلاح الدين وهي التوجه نحو قضاء الشرقاط (إلى الشمال من بيجي) بهدف تحريره بالكامل».
إلى ذلك، تستمر معاناة أهالي المناطق المحررة من أقضية صلاح الدين المختلفة بسبب عدم وجود قرار يقضي بإعادتهم إلى منازلهم رغم مرور أكثر من ثلاثة شهور على تحرير تلك المناطق. ويقول الدكتور سيف الدين الدوري، أحد سكان تكريت، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الغموض لا يزال يلف موضوع عودة النازحين إلى مناطق سكناهم حيث ما زالت عوائلنا إما في محافظات إقليم كردستان وإما بغداد أو غيرها من مناطق إيواء النازحين»، عادا التبريرات التي تقدمها الجهات المسؤولة «غير مقنعة ويبدو أن أمر العودة لا يتعلق بمجرد الحديث عن خدمات بالكهرباء والماء مثلما يقول مجلس محافظة صلاح الدين، بل إن الأمر يتعدى حدود سلطاتهم المحلية».
وكان رئيس مجلس محافظة صلاح الدين، أحمد الكريم، أعلن أمس عن تأجيل عودة نازحي مدينة تكريت إلى منازلهم إلى منتصف الشهر الحالي، عازيا ذلك إلى إكمال الخدمات وتأمين المناطق الغربية شمال قضاء سامراء». وأضاف الكريم أنه «بعد الاطلاع على الواقع الأمني، وخصوصا الطريق الذي يربط بين قضاء سامراء ومدينة تكريت، قررنا تأجيل عودة أهالي تكريت إلى مناطقهم إلى ما بعد يوم 15 من شهر يونيو (حزيران) الحالي، لحين إكمال الخدمات وتأمين المنطقة الغربية شمال سامراء وتكريت».
لكن يزن الجبوري، القيادي في عشائر صلاح الدين، أوضح أن «قرار عودة النازحين من عدمه ليس من صلاحية مجلس المحافظة، بل هو من صلاحية القيادات الأمنية ومعها القيادات العشائرية التي تقاتل في الميدان»، مؤكدا أن «مهمة مجلس صلاح الدين وإدارة المحافظة هي فقط تأمين الجوانب الخدمية التي من شأنها تسهيل إعادة النازحين إلى بيوتهم والتي لن تتم قبل رمضان لأننا ما زلنا نخوض معارك، وساحة العمليات تعوق حتى الآن إعادة النازحين».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.