آلاف المقاتلين الإيرانيين والعراقيين يحشدون لـ {الدفاع عن دمشق}

غليون يقول لـ {الشرق الأوسط} إن الإيرانيين «قرروا إطالة أمد الحرب التي خسروها بالدفع بمرتزقة طائفيين للقتال»

آلاف المقاتلين الإيرانيين والعراقيين يحشدون لـ {الدفاع عن دمشق}
TT

آلاف المقاتلين الإيرانيين والعراقيين يحشدون لـ {الدفاع عن دمشق}

آلاف المقاتلين الإيرانيين والعراقيين يحشدون لـ {الدفاع عن دمشق}

تقاطعت المعلومات حول دفع إيران بآلاف المقاتلين الشيعة في الأيام الماضية للقتال في سوريا بعد سقوط معظم مناطق محافظة إدلب بيد قوات المعارضة خلال الأسابيع الماضية. ولفت ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية يوم أمس عن مصدر أمني سوري إفادته بـ«وصول الآلاف من المقاتلين العراقيين والإيرانيين في الآونة الأخيرة إلى سوريا للدفاع عن دمشق وضواحيها بدرجة أولى، بعد إعلان مقاتلين جهاديين أن العاصمة تشكل هدفهم المقبل»، موضحا أن «العدد الأكبر من المقاتلين الذين جرى إرسالهم هو من العراقيين».
المصدر الذي رفض الكشف عن هويته أوضح أن «الهدف هو الوصول إلى عشرة آلاف مقاتل لمؤازرة الجيش السوري والمسلحين الموالين له في دمشق أولاً، وفي مرحلة ثانية استعادة السيطرة على مدينة جسر الشغور التي تفتح الطريق إلى المدن الساحلية ومنطقة حماه في وسط البلاد».
غير أن الدكتور برهان غليون، عضو «الائتلاف الوطني السوري» المعارض ورئيس «المجلس الوطني» السابق، أرجع دفع إيران بآلاف المقاتلين أخيرا إلى سوريا إلى «خسارتها الحرب وسعيها لتمديدها بانتظار توقيع الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة الأميركية». وأشار غليون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «معطيات تمتلكها قوى المعارضة تفيد بتجنيد إيران آلاف المقاتلين من المرتزقة وبالتحديد من الشيعة الآسيويين لإرسالهم للقتال في سوريا.. وهؤلاء لن يغيروا من نتيجة الحرب التي خسرها النظام.. إنهم سيطيلون أمدها».
وأوضح غليون أن «القدرة على إسقاط دمشق والرئيس السوري الحالي بشار الأسد متاحة لكن تردّد المجتمع الدولي وحتى قوى المعارضة يعود إلى انتظار تبلور البديل السياسي وتحديد ملامح سوريا ما بعد الأسد».
من جهة ثانية، قال رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إنه وصل بالفعل «أكثر من 20 ألف مقاتل إيراني وأفغاني أخيرا إلى سوريا يقاتلون تحت راية قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني»، وأوضح أن مهمتهم الرئيسية «حماية دمشق وشن عملية كبيرة لاستعادة إدلب وحماية مناطق حيوية أخرى في سوريا»، متابعًا «الآلاف من المقاتلين الشيعة باتوا موجودين في الريف الشمالي الغربي لحماه وكذلك في ريف دمشق وفي حلب». وردّ عبد الرحمن هذه التطورات إلى «قرار إيراني جديد كان من المتوقع أن يُتخذ بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني لجهة إرسال هؤلاء المقاتلين، لكن سرعة انهيار قوات النظام عجّلت باتخاذ القرار». وكانت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا» قد نقلت في مطلع الأسبوع تصريحا لقائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري الإيراني» اللواء قاسم سليماني لكنها قالت إنها «لا تتحمل مسؤوليته»، جاء فيه «سيفاجأ العالم بما نعد له نحن والقادة العسكريون السوريون حاليًا».
وشرح مصدر سياسي قريب من دمشق لوكالة الصحافة الفرنسية أن «المسؤولين السوريين بعد سلسلة الخسائر التي مني بها النظام في الأسابيع الأخيرة بمواجهة فصائل المعارضة المسلحة، دعوا حلفاءهم إلى ترجمة دعمهم بأفعال».
وبحسب مصدر دبلوماسي في دمشق، انتقد الإيرانيون فشل الهجوم الأخير الذي شنته قوات النظام بهدف قطع خطوط إمداد فصائل المعارضة في مدينة حلب، قاعدة الشمال السوري، في شهر فبراير (شباط) الماضي. وأصر الإيرانيون الذين عارضوا العملية بسبب سوء الإعداد لها وفق المصدر، على أن يغيّر السوريون استراتيجيتهم، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه من الأفضل السيطرة على مساحة أقل من الأراضي شرط السيطرة عليها جيدًا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.