الحوثيون يختطفون المغتربين الراغبين في العودة إلى السعودية

المقاومة التهامية توسع من عملياتها ضد الميليشيات وصولاً إلى الوديان

قوات من لجان المقاومة الشعبية تجهز أسلحتها في مأرب حيث تشتد المواجهات مع ميليشيا الحوثي (أ.ف.ب)
قوات من لجان المقاومة الشعبية تجهز أسلحتها في مأرب حيث تشتد المواجهات مع ميليشيا الحوثي (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يختطفون المغتربين الراغبين في العودة إلى السعودية

قوات من لجان المقاومة الشعبية تجهز أسلحتها في مأرب حيث تشتد المواجهات مع ميليشيا الحوثي (أ.ف.ب)
قوات من لجان المقاومة الشعبية تجهز أسلحتها في مأرب حيث تشتد المواجهات مع ميليشيا الحوثي (أ.ف.ب)

في ظل استمرار ميليشيا الحوثي في اعتقال جميع المناوئين لهم ومن تشتبه بانتمائه للمقاومة الشعبية التهامية، وملاحقة المقاومة لهم وتنفيذ عملياتهم النوعية ضد تجمعاتهم والأطقم الخاصة بهم، أكدت مصادرة يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن «الجماعة شنت حملة اعتقالات واختطاف ضد المغتربين الراغبين في العودة إلى المملكة العربية السعودية عن طريق منفذ حرس الحدودي وتودعهم في السجون بتهمة الخيانة».
ويأتي ذلك في وقت يواجه الحوثيون مقاومة يمنية متصاعدة، خاصة من لجان المقاومة المنتشرة في البلاد. وأفاد مصدر من المقاومة الشعبية التهامية، المساندة لشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، لـ«الشرق الأوسط» أن «مسلحي المقاومة مستمرة في ملاحقتها وتنفيذ عملياتها ضد جماعة الحوثي المسلحة في جميع محافظات ومدن تهامة من خلال استهداف الأطقم العسكرية الخاصة بهم واستهداف تجمعاتهم». ومن بين الهجمات التي تعرض لها الحوثيون أمس في شارع شمسان بالحديدة، ما أدى إلى مقتل مسلح من الحوثيين وجرح آخرين، بالإضافة إلى قيام المقاومة بتنفيذ هجوم بحي الربصة، بمدينة الحديدة. وأضاف المصدر أن «المقاومة التهامية وسعت من عملياتها النوعية ضد المسلحين الحوثيين إلى المباني التي تحتلها الجماعة». وقامت المقاومة بإطلاق قذيفة «آر بي جي» على مبنى جمعية الفرقان بالضحي، إحدى مديريات محافظة الحديدة غرب اليمن، التي تحتله جماعة الحوثي المسلحة منذ ثلاثة أشهر، وأسفر الهجوم عن سقوط عدد من القتلى والجرحى بين صفوف الحوثيين. واستهدفت المقاومة التهامية تجمعا للمسلحين الحوثيين بصاروخ «لو» في أحد الوديان بمديرية الجراحي في الحديدة.
وفي الوقت الذي تستمر فيه جماعة الحوثي المسلحة بملاحقة واختطاف جميع المناوئين لها ومن تشتبه بالتحاقهم للمقاومة الشعبية التهامية، قالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «جماعة الحوثي اختطفت قيادي في التجمع اليمني للإصلاح بمحافظة الحديدة، الطيب أمين واصل، واثنين من مرافقيه وأودعتهم في معسكرة الخوخة». وأضاف المصدر: «هدد المسلحون الحوثيون مراسل صحيفة وموقع (المصدر أونلاين) بسيم الجناني والصحافي عبد الحفيظ الحطامي، بالقتل على خلفية نشاطهما الصحافي بمدينة الحديدة»، مؤكدا أن «المسلحين الحوثيين أطلقوا تهديداتهم من على إذاعة الحديدة، التي تسيطر عليها، في أحد البرامج الخاصة بها، وأن أحد المواطنين في مدينة زبيد يدعي عبد الجليل الزبيدي، قتل على يد أحد المسلحين الحوثيين بإحدى محطات البنزين أثناء صرف البنزين للمحطة». وتابع أن «المسلح الحوثي فر هاربا مما جعل المواطنين يحاصرون إدارة أمن زبيد، مطالبين بتسليم القاتل».
وفي تطور ميداني آخر، قالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن «المقاومة الشعبية في محافظة مأرب مسنودة بالجيش المؤيد لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي استطاعت السيطرة على بعض المواقع التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي، واستطاعت طرد مجموعة من المسلحين الحوثيين كانوا قد تسللوا باتجاه مواقع للمقاومة جنوب سد مأرب، وذلك بعدما دارت معارك عنيفة بين الطرفين بالجفينة جبهة الزور واستخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة».
وأكدت المصادر ذاتها أن «المقاومة تمكنت من قتل خمسة مسلحين حوثيين وإصابة آخرين في الساعات الأولى من صباح، أمس الثلاثاء، أثناء محاولة المسلحين الحوثيين مهاجمة أحد مواقع المقاومة الشعبية في منطقة‫‏الجفينة، غرب مأرب».
وكانت المقاومة أحرزت تقدما بجبهة مجزر شمال مأرب وأنباء عن مقتل اثنين مسلحين حوثيين وجرح 3 آخرين بقذيفة هاون استهدفت تجمعا للميليشيا بمنطقة ماس، شمال مأرب. وأفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن «اشتباكات متقطعة تدور بجبهة ماس بين المقاومة الشعبية وبين المسلحين الحوثيين والموالين لهم من جماعة الرئيس السابق علي عبد الله صالح». وأكد أن «جبهة الزور بالجفينة، غرب مأرب، شهدت معارك شديدة بين الطرفين استخدموا فيها مختلف الأسلحة وأن هناك قتلى وجرحى لم يتسن معرفة أعدادهم».
وكان طيران التحالف بقيادة السعودية، قد شن نحو ست غارات جوية على مواقع وتجمعات للمسلحين الحوثيين والموالين لهم بصرواح واستهدفت الغارات تجمعا للحوثيين بمعسكر اللواء 312 ومواقع أخرى تابعة لجماعة الحوثي، بالإضافة إلى قصف طيران التحالف لتجمعات للمسلحين الحوثيين في اليتمة بمحافظة الجوف بعد اندلاع معارك عنيفة بين المقاومة الشعبية وميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في منطقتي اليتمة والقعيف.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».