الأجهزة الأمنية المصرية تكشف عن إحباطها مخططًا إرهابيًا لتنظيم الإخوان

القوات المسلحة تحرز تقدمًا في معركتها ضد الإرهاب في سيناء

طائرة هليكوبتر مصرية تراقب منطقة الشيخ زويد بشمال سيناء أمس بعد يومين من استهداف خط الغاز الطبيعي المغذي لمدينة العريش (رويترز)
طائرة هليكوبتر مصرية تراقب منطقة الشيخ زويد بشمال سيناء أمس بعد يومين من استهداف خط الغاز الطبيعي المغذي لمدينة العريش (رويترز)
TT

الأجهزة الأمنية المصرية تكشف عن إحباطها مخططًا إرهابيًا لتنظيم الإخوان

طائرة هليكوبتر مصرية تراقب منطقة الشيخ زويد بشمال سيناء أمس بعد يومين من استهداف خط الغاز الطبيعي المغذي لمدينة العريش (رويترز)
طائرة هليكوبتر مصرية تراقب منطقة الشيخ زويد بشمال سيناء أمس بعد يومين من استهداف خط الغاز الطبيعي المغذي لمدينة العريش (رويترز)

أعلنت الأجهزة الأمنية المصرية، في بيان أمس، عن تمكنها من «رصد وإحباط محاولات لتنظيم جماعة الإخوان، كانت تستهدف جمع معلومات استخباراتية وتنفيذ عمليات معادية ضد مصر وشعبها ومؤسساتها، وبصفة خاصة رجال الشرطة والقضاة والإعلاميين وقيادات سياسية وشخصيات عامة، وذلك بتكليفات من جهات داخلية وخارجية».
وأوضح البيان أن «محاولات التنظيم استهدفت جمع معلومات استخباراتية عن أجهزة الدولة المختلفة وإرسالها إلى التنظيم الدولي بالخارج وبعض الجهات الأجنبية وبث أخبار كاذبة». وأشار البيان إلى أن التكليفات جاءت منذ عام 2012 وأثناء فترة حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي من قيادات التنظيم بالداخل، وأبرزهم القيادي خيرت الشاطر، وكذا العناصر الهاربة من أعضاء التنظيم بالخارج، وهم: محمود عزت، ومحمود حسين، وأيمن محمد علي، وأيمن جاب الله، وبعض العناصر التنظيمية من كوادر الصف الثاني والثالث».
من جهة أخرى حقق الجيش المصري قفزة نوعية في حربه ضد التنظيمات المتشددة في شمال سيناء، بحسب العميد محمد سمير المتحدث الرسمي باسم الجيش، وخبراء عسكريين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».
وقصف مسلحون متشددون مئذنة مسجد في الشيخ زويد بشمال سيناء أمس بعد يومين من استهداف خط الغاز الطبيعي المغذي لمدينة العريش، في عمليات كانت تراجعت لصالح فتح جبهة مباشرة ضد قوات جيش والشرطة في شبه الجزيرة، ما يعكس «حالة اليأس» التي تعيشها تلك المجموعات الإرهابية مع إحكام الجيش قبضته على الأوضاع، بحسب خبراء عسكريين.
وبينما فضل العميد سمير عدم تقديم تحليلات القوات المسلحة للتغير الملاحظ في أهداف المتشددين، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «تحولا نوعيا جرى على الأرض مع بدء تعاون القبائل في شمال سيناء مع الجيش بإمداده بالمعلومات وعدم توفير مأوى للعناصر الإرهابية».
ووقعت قبائل رئيسية في شمال سيناء قبل نحو شهر وثيقة تعلن فيها دعمها لقوات الجيش في حربه على الإرهابيين، وتعهدوا بتقديم معلومات بشأن تحركات الجماعات الإرهابية، وعدم توفير دعم لوجستي للمتطرفين.
وقال العميد سمير لـ«الشرق الأوسط» أمس إن عمليات الجيش في سيناء تسير وفق خطة موضوعة، تنفذ بشكل دقيق وبمعدلات نجاح جيدة جدا، وبغض النظر عن المؤشرات أو الظواهر الأخيرة نستطيع أن نقول: «إن الخطة تسير بكفاءة وتؤتي ثمارها».
وأضاف المتحدث الرسمي باسم الجيش أنه مع التقدم الذي يتم إحرازه في سيناء نؤكد أن «قواتنا تتمسك بعقيدة الجيش القتالية وثوابتنا وهي ألا نقتل أبرياء.. كنا نستطيع أن ننهي الوضع في سيناء في يوم واحد، لكن بأي ثمن، لذلك عقيدتنا حتمت استخدام القوة المحسوبة وليس القوة القاهرة».
وتابع العميد سمير أن «العناصر الإرهابية الجبانة تختبئ في المناطق السكنية، ومع كل عملية مداهمة كانوا يستخدمون كثافة نيرانية تحدث خسائر في الأرواح، لذلك قواتنا كانت تنفذ عمليات جراحية دقيقة جدا، في مواجهة نذالة الإرهابيين لنجنب الأبرياء ويلات القتال».
ومنذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، كثفت تنظيمات متشددة في شمال سيناء عملياتها ضد الجيش والشرطة. وتبنى تنظيم أنصار بيت المقدس معظم العمليات الكبرى التي سقط خلالها عشرات الجنود والضباط. وأحبط الجيش خلال الأسابيع الماضية عمليات انتحارية استهدفت منشآته، وتراجعت معدلات العمليات الإرهابية. وبدأ المتشددون في استهداف منشآت مدنية، وتفجير خط الغاز الطبيعي مجددا.
وقال العميد سمير إن «التغير النوعي الذي تحقق خلال الشهر الماضي يعود إلى تعاون القبائل في شمال سيناء، المشكلة الأكبر التي كانت تواجه الجيش هي فقر المعلومات وتوفير البعض مأوى ولوجستيات تحتاجها تلك العناصر».
وأثار إعلان القبائل دعم الجيش في معركته مخاوف بشأن انخراطها في المواجهات المسلحة ضد الجماعات الإرهابية، لكن العميد سمير شدد على أن القوات المسلحة لن تسمح تحت أي ظرف أن يحمل أحد السلاح إلا القوات المسلحة والشرطة المدنية.
وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش إن «القوات المسلحة لن تسمح بوجود ميليشيات أيا كانت الظروف، هذه عقيدتنا.. وبالمنطق هل الأزمة كانت في نقص إمكانيات الجيش.. بالقطع لا.. المشكلة كانت معلوماتية أساسا وتغلبنا على هذا الأمر الآن.. وما يحدث على الأرض أقنع القبائل بأهمية التعاون مع الجيش». وأعلنت السلطات المصرية حالة الطوارئ في مناطق بشمال سيناء منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفرض حظر التجوال، كما رقي اللواء أسامة عسكر إلى رتبة الفريق وتولى قيادة الجيشين الثاني والثالث، ومحاربة الإرهاب.
من جانبه، قال اللواء محمود خلف، المستشار في أكاديمية ناصر للعلوم العسكرية، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي وضع تكليفا محددا للفريق عسكر بالسيطرة الكاملة على الأوضاع في شمال سيناء وتطهيرها من الإرهابيين قبل افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة في أغسطس (آب) القادم.. وحين يصدر الرئيس هذا التكليف فهو يعلم أن هناك من يستطيع تنفيذه.
وتأمل مصر في أن تساهم قناة السويس الجديدة في دعم اقتصادها الذي تعرض لصعوبات كبيرة خلال السنوات الأربع الماضية. ومن المقرر افتتاح القناة في احتفالية كبرى أغسطس القادم.
وأضاف اللواء خلف لـ«الشرق الأوسط» أن القوات المسلحة عملت منذ عام على تفكيك البنية التي تسمح ببقاء الإرهابيين في سيناء ومن بينها وسائل اتصالاتهم ومصادر التمويل والأوكار، وليس فقط مواجهة تلك العناصر، لافتا إلى أن البيانات التي صدرت أخيرا عن المتحدث باسم الجيش تعكس هذا الأمر.
وقال اللواء خلف «إننا نتحدث عن 2200 إرهابي بين مقبوض عليه أو قتيل، كما نتحدث عن تدمير أكثر من ألف دراجة بخارية و600 سيارة رباعية الدفع، وضبط مخازن أسلحة».
وأضاف اللواء خلف أن العمليات الإرهابية تستهدف أساسا إرباك المشهد السياسي والتأثير على الوضع الاقتصادي، إما عن طريق تنفيذ عمليات كبرى وهو أمر لم يعد بمقدور العناصر الإرهابية حاليا، أو إثارة صخب إعلامي بعمليات من نوعية استهداف خطوط الغاز الطبيعي أو بعض المواقع المدنية الأخرى، وهذا ما نراه حاليا ويعكس حالة اليأس والحصار المفروض على تلك المجموعات الإرهابية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.