جدل في العراق يفجّره تسجيل فيديو يظهر حرق {داعشي} من قبل ميليشيات

«الحشد الشعبي» يقر بوجود «خروقات فردية» ويعدها إساءة له.. و{كتائب الإمام علي}: منطقة الجريمة خارج قاطعنا

جدل في العراق يفجّره تسجيل فيديو يظهر حرق {داعشي} من قبل ميليشيات
TT

جدل في العراق يفجّره تسجيل فيديو يظهر حرق {داعشي} من قبل ميليشيات

جدل في العراق يفجّره تسجيل فيديو يظهر حرق {داعشي} من قبل ميليشيات

عدت قيادة «الحشد الشعبي» في العراق ما يجري تداوله عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بشأن قيام عناصر من «الحشد» بإحراق جثث مواطنين عراقيين من أهالي تكريت «محاولة لصرف الأنظار عن الانتصارات التي بدأت تحققها القوات الأمنية في العراق بمن فيهم مقاتلو (الحشد الشعبي)»، فيما طالب مسؤول برلماني بضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه التجاوزات.
وكان ناشطون مدنيون تداولوا تسجيلاً مصورًا يظهر بعض العناصر من قوات «الحشد الشعبي» وتحديدا من {كتائب الإمام علي} وهم يقومون بحرق شخص بعد ربط يديه ورجليه وإنزاله بحبل من سطح أحد المنازل إلى موقد تشتعل فيه النار. وفي ذات السياق، نشرت مواقع التواصل الاجتماعي الجمعة الماضي تسجيل فيديو يظهر عددًا من مسلحي «الحشد الشعبي» وهم يحرقون عدة منازل في قرية البوعجيل قرب مدينة تكريت.
وأصدرت كتائب الإمام علي أمس بيانا نفت فيه مسؤوليتها عن عملية الحرق وقالت، إن «كتائبنا لا صلة لها بما عرض ولا يوجد لدينا أي فصيل أو مقاتل في منطقة الجريمة وهي الكرمة (محافظة الأنبار) وأن رجالنا قاطعهم هو صلاح الدين». وأضاف البيان «نستنكر وبشدة من يقف وراء هذه الجريمة النكراء (..) ولن تثنينا محاولة الأعداء تشويه سمعتنا».
بدوره, قال الناطق الرسمي باسم «الحشد الشعبي» كريم النوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه الصور والأفلام ليست جديدة، بل هي تعود إلى شهر مارس (آذار) الماضي عندما تمكن (الحشد الشعبي) ومعه أبناء عشائر صلاح الدين والقوات الأمنية من تحرير مدينة تكريت بعد قتال ضارٍ مع الدواعش، وموقفنا من مثل هذه الأفلام والصور واضح، وهو أنها تهدف إلى الإساءة للقوات العراقية ولـ(الحشد الشعبي) بطرق أصبحت تثير السخرية مع تطور التقنيات الخاصة بمثل هذه الأفلام من (فوتو شوب)، وغيرها». وأضاف النوري: «أود أن أؤكد هنا أن هناك قرارًا ملزمًا من القيادات العليا السياسية والدينية بعدم التمثيل والتنكيل حتى بجثث الدواعش، ولدينا شواهد وأدلة على ذلك، وأبناء العشائر في صلاح الدين يقاتلون معنا».
وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت هناك خروقات ربما فردية قال النوري: «نعم، حصلت خروقات هنا وهناك، وهي تعد من النسب الطبيعية في الحروب، لا سيما الحرب التي تتداخل فيها الخنادق كونها حرب عصابات، ولكن مع ذلك لم يثبت لدينا مثل هذا الفعل»، مشيرا إلى أن «من الأمور المستغربة حقا هي أنه في الوقت الذي حاول فيه البعض من السياسيين أن يقيم الدنيا ولا يقعدها بشأن ما قالوا عنه قيام (الحشد الشعبي) بسرقة ثلاجات لأنهم لم يجدوا على ما يبدو جريمة أكبر، بينما يحاول بعض من يسمون ناشطين فبركة صور مثل هذه لكي تكون دليل إدانة على سلوك (الحشد الشعبي) الذي نال أفراد منه عقوبات قاسية على خروقات عادية».
يذكر أن فيلما آخر كان قد انتشر أيضا أثناء معركة تكريت يتناول مقتل طفل على يد قوات عراقية نظامية. وتعهد وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي بتشكيل لجنة تحقيق في الأمر، معلنا براءة الجيش العراقي من هذا السلوك.
من جهته، قال رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي النائب حاكم الزاملي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نحن ضد التمثيل بالجثث وإن كان هذا الشخص مسيئًا أو من مسلحي تنظيم داعش الإرهابي، ونحن ننتهج دين الإسلام وأوصانا نبينا الكريم (لا تمثلوا بالجثث ولو بالكلب العقور) والتمثيل والحرق وقطع الرؤوس ابتدعها الدواعش وروج لها أعداء الإسلام من أجل تشويه سمعة الإسلام». وأضاف الزاملي: «علينا ألا نتخذ هذه البدعة التي تسيء إلى روح الجهاد وروح القتال وروح التضحية، وهذا الأمر يرفضه الإسلام وأمتنا ومراجعنا الكرام».
وأشار الزاملي إلى أن «إجراءات قانونية ستتخذ بحق كل من تثبت عليه القيام بأعمال منافية لأصول القتال في الحرب وستتم محاسبته وإنزال العقوبات القانونية بحقه».
بدوره، قال عضو البرلمان العراقي ورئيس لجنة حقوق الإنسان، النائب رعد الدهلكي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «المرجعيات الدينية في النجف، وكذلك القائد العام للقوات المسلحة وأعضاء في البرلمان العراقي ومنظمات معنية بحقوق الإنسان أشاروا إلى وجود عناصر مندسة داخل (الحشد الشعبي) يعملون على تطبيق أجندات خارجية ويعملون على تحقيق مصالح لأعداء العراق، ومن خلال وجودهم في صفوف قوات (الحشد الشعبي) يقومون بأعمال إجرامية وانتقامية، وطالما أشرنا إلى ذلك». وأضاف الدهلكي: «تكلمنا كثيرًا بأنه يجب أن تكون هناك وقفة جادّة من قبل الحكومة لتشخيص هؤلاء ومحاسبة القاتل على جرمه، ويجب كذلك أن يكون هناك إطار قانوني لمن يحمل السلاح وفق مبدأ الثواب والعقاب ومحاسبة من يتطاول على القانون وأن يكون أمام المحاسبة القانونية، لكن مع الأسف لم يتم تحقيق هذا الإجراء في ظل التخبط الأمني وانعدام المؤسسات العسكرية وسحب البساط من القوات الأمنية الحقيقية مثل الجيش والشرطة وشبه نزع السلاح من المؤسسات العسكرية والتوجه إلى مجاميع غير مؤطرة بأطر قانونية جعلت من هذه الخروقات والتجاوزات والانتهاكات تستمر بشكل مخيف، ونطالب من الحكومة إنزال القصاص بحق كل من ارتكب الجرائم بحق أبناء الشعب العراقي».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».