نائب رئيس جنوب أفريقيا يبدأ زيارة إلى نيروبي وجوبا

أطراف النزاع في جنوب السودان يتلقون دعوة من وسطاء «الإيقاد» لعقد اجتماعات تشاورية

نائب رئيس جنوب أفريقيا يبدأ زيارة إلى نيروبي وجوبا
TT

نائب رئيس جنوب أفريقيا يبدأ زيارة إلى نيروبي وجوبا

نائب رئيس جنوب أفريقيا يبدأ زيارة إلى نيروبي وجوبا

أكدت أطراف النزاع في جنوب السودان عن تسلمها دعوة من الهيئة الحكومية للتنمية في دول شرق أفريقيا (الإيقاد) لإجراء لقاءات تشاورية تبدأ في السابع من يونيو (حزيران) الحالي وتنتهي في العاشر منه. ولم يتم تحديد جولة محادثات جديدة منذ أن رفعت الجولة الأخيرة في مارس (آذار) الماضي، خصوصا وقد تم تصعيد للعمليات العسكرية خلال الشهر الماضي في مناطق النفط بين القوات التابعة للرئيس سلفا كير ميارديت والمتمردين بزعامة نائبه السابق رياك مشار، في وقت ينتظر أن يبدأ نائب رئيس جنوب أفريقيا ومبعوثه الخاص إلى جنوب السودان زيارة إلى نيروبي وجوبا تتعلق بالأزمة في جنوب السودان.
وقال كبير مفاوضي وفد حكومة جنوب السودان نيال دينق نيال إن حكومته تسلمت دعوة من «الإيقاد» لعقد اجتماع تشاوري لأطراف النزاع في السابع من يونيو الحالي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، مؤكدًا قيادته للوفد مع اثنين من ممثلي الحكومة بحسب توجيهات رئيس بلاده سلفا كير ميارديت استجابة لمبادرة «الإيقاد»، نافيًا دخول الأطراف في جولة جديدة قبل الاجتماع التشاوري الذي دعا له الوسطاء.
من جانبه قال مسؤول العلاقات الخارجية في الحركة الشعبية المعارضة الدكتور ضيو مطوك إن حركته تلقت دعوة مماثلة من وسطاء الإيقاد لحضور الاجتماع التشاوري في أديس أبابا في الفترة ما بين الثامن إلى العاشر من الشهر الحالي، مشيرًا إلى أن وفد الحركة سيقوده كبير مفاوضيها تعبان دينق قاي ويضم شخصين آخرين من دون أن يحددهما، وقال إن اختيار الوفد مهمة قيادة الحركة.
من جهته قال جون لوك وزير العدل السابق المتحدث باسم المجموعة التي يقودها باقان أموم الأمين العام السابق لحزب الحركة الشعبية الحاكم إن مجموعته تسلمت ذات الدعوة من وسطاء الإيقاد للاجتماع التشاوري، نافيا علمه بوجود جولة جديدة من المحادثات بين أطراف النزاع، وقال: «ما أعلمه أن هناك دعوة من وسطاء الإيقاد لعقد جلسة تشاورية في الثامن من هذا الشهر، وقد تسلمنا الدعوة للمشاركة في هذه الاجتماعات التي قد تستمر لثلاثة أيام، وسيكون هناك ممثلون عن مجموعتنا».
وكان وزيرا خارجية كينيا وإثيوبيا قد عقدا محادثات مع رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت الأسبوع الماضي لإجراء مشاورات معه حول محادثات السلام وإزالة العقبات التي تقف أمام استئناف الجولة الجديدة التي يفترض أن يتم عقدها في أعقاب الاجتماعات التشاورية التي ستبدأ في السابع من الشهر الحالي، وقد قررت الإيقاد إضافة عدد من الدول الأفريقية والاتحاد الأفريقي إلى جانب الصين ودول الترويكا (الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج) والأمم المتحدة للمشاركة في المحادثات التي سيتم إعلانها لاحقًا بغية ممارسة الضغوط على أطراف النزاع لإنهاء الحرب التي دخلت عامها الثاني وفشلت قيادات هذا البلد الذي استقل في يوليو (تموز) 2011 من التوصل إلى اتفاق سلام بينهما منذ اندلاع العنف في منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2014.
إلى ذلك يتوقع أن يبدأ نائب رئيس جنوب أفريقيا ومبعوثه الخاص إلى جنوب السودان سيريل رامافوزا إلى كل من نيروبي وجوبا للمساعدة في تنفيذ الاتفاق السياسي بين الفصائل المتخلفة في حزب الحركة الشعبية في الدولة التي استقلت حديثًا، وذكر بيان صادر من مكتبه أن السكرتير العام للحزب الحاكم في تنزانيا عبد الرحمن كنانا سينضم إليه باعتباره أحد الضامنين لاتفاق توحيد حزب الحركة الشعبية، وينتظر أن يعقد مبعوث جنوب أفريقيا اجتماعًا مع الرئيس الكيني اهورو كنياتا على هامش احتفالات العيد الوطني لكينيا. وأكد المتحدث باسم مبعوث جنوب أفريقيا أنه سيبدأ زيارته إلى جوبا اليوم وسيعقد اجتماعًا مع رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت وقيادات المكتب السياسي للحزب الحاكم، وسيتناول الاجتماع تنفيذ اتفاق توحيد حزب الحركة الشعبية الحاكم والذي تم توقيعه في (أروشا) التنزانية في يناير (كانون الثاني) الماضي بين الفصائل الثلاث في الحكومة بزعامة رئيس البلاد سلفا كير ميارديت والمعارضة المسلحة بقيادة نائب الرئيس السابق رياك مشار ومجموعة الأمين العام السابق باقان أموم. وقد عقد رامافوزا اجتماعات مكثفة في بروتوريا مع الفصائل الثلاث المتناحرة في حزب الحركة الشعبية الحاكم في جنوب السودان في أبريل (نيسان) الماضي لتوحيد الحزب الحاكم.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.